الكشف عن «اتفاق مرحلي» بين بيريس وأبو العلاء يهدد بفرط حكومة شارون... رغم إنكاره معرفته به

TT

فيما نفت السلطة الفلسطينية صحة الأنباء التي تحدثت عن التوصل لوثيقة حول «اتفاق مرحلي» مع اسرائيل، أعربت الغالبية الساحقة من وزراء الحكومة الاسرائيلية عن رفضها لهذا الحل الذي توصل الى تفاهم مبدئي حوله كل من وزير الخارجية، شيمعون بيريس، ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، احمد قريع (ابو العلاء) ويتحدث عن اقامة دولة فلسطينية على 42 في المائة من الضفة الغربية، اضافة الى المنطقة المحررة من قطاع غزة. وقد تنكر للاتفاق رئيس الوزراء ارييل شارون، الذي كان على علم بالمفاوضات السرية حوله بل انه، حسب رجال بيريس، أعطى موافقته عليه فقط يوم الاربعاء الماضي، ويهدد حزب العمل بالانسحاب من الحكومة اذا لم تقر هذا الاتفاق. فيما يهدد حزب اليمين المتطرف «الوحدة القومية» بالانسحاب من الحكومة اذا لم يلغ هذا الاتفاق.

وكان الاتفاق المذكور ثمرة اتصالات واسعة بين بيريس وابو العلاء، شارك فيها خلال بعض المراحل كل من مدير عام وزارة الخارجية الاسرائيلية، آفي جيل، ومستشار الرئيس الفلسطيني محمد رشيد. ويؤكد المقربون من بيريس انها تمت بمعرفة وبموافقة كل من ياسر عرفات وارييل شارون، وان الادارة الأميركية ايضاً على اطلاع على المفاوضات وتفاصيلها، وباركتها بحماس بالغ.

وأما الاتفاق، كما نشرته صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية، امس، ولأول مرة، فينص على ما يلي:

«اتفاق متبادل على وضع حد للعنف واستئناف المفاوضات السياسية حسب الخطوات التالية:

1 ـ ضمان وقف اطلاق نار كامل برعاية الولايات المتحدة والبدء فوراً بتطبيق خطة تينت وتقرير ميتشل وتوصياته بما في ذلك مكافحة الارهاب وجمع السلاح وانهاء الاغلاقات والحصار وتجميد الأنشطة الاستيطانية ونقل الأموال للفلسطينيين ووقف الاغتيالات والقتل والانتقال الى وجود قوة أمنية فلسطينية واحدة. ويتم تنفيذ هذه المرحلة خلال 6 أسابيع.

2 ـ خلال 8 أسابيع تعترف اسرائيل بدولة فلسطين في الضفة الغربية وغزة وبما ينسجم وعلى أساس قراري مجلس الأمن 242 و338، وتعترف بدولة اسرائيل بموجب القرارين 242 و338 وعلى أساسهما.

3 ـ المفاوضات حول الحل الدائم بين دولة فلسطين ودولة اسرائيل تبدأ في الأسبوع الثامن وتتضمن المواضيع المطروحة على جدول الأعمال بما في ذلك: «الجداول الزمنية لانسحاب تدريجي لقوات اسرائيل من منطقة دولة فلسطين (اسرائيل تطالب: الى الحدود المتفق عليها)، اللاجئون، القدس، المستوطنات (الفلسطينيون طلبوا تأكيد: في المناطق الفلسطينية)، الأمن، المياه والعلاقات مع دول أخرى، تناقش في مفاوضات تنتهي خلال فترة لا تزيد على 9 ـ 12 شهراً وينتهي التطبيق خلال فترة لا تزيد عن 18 ـ 24 شهراً.

4 ـ دور دولي واقليمي بشأن المفاوضات، قوات لحفظ السلام، مساعدات اقتصادية ومالية للاقتصاد الفلسطيني، تعاون اقتصادي اقليمي والتحكيم (في قضايا مثار خلاف) تناقش بين كلتا الدولتين».

وتكتب الصحيفة ان رئيس الوزراء ارييل شارون قال في محادثات مع نظرائه انه لا يؤمن بأن تسفر ورقة بيريس عن اتفاق أو أن يطبق الفلسطينيون اتفاقاً كهذا، وان شارون ـ كما يبدو ـ أعطى «ضوءاً أخضر» لبيريس لاعتبارات حزبية داخلية بشكل رئيسي.

ويبدو من ردود الفعل الأولية ان الفلسطينيين لم يوافقوا على هذا النص بالضبط، وقال ياسر عبد ربه، وزير الاعلام، ان السلطة الفلسطينية لا علم لها بمثل هذه الوثيقة ولا يمكنها التعامل «مع مثل هذه الأفكار». ويطالب الفلسطينيون بأن تكون المناطق الخاضعة للدولة اكثر من المساحة المحددة بنسبة 42 في المائة من الضفة الغربية (والتي هي مجموع المناطق «أ» ـ ذات السيطرة الفلسطينية الكاملة ـ والمناطق «ب» ـ ذات السيطرة المشتركة التي تتولى فيها اسرائيل سيطرة أمنية وفلسطين سيطرة ادارية). ويطالبون بأن تتضمن الوثيقة بنداً يحرر المناطق الفلسطينية تماماً من السيطرة الاحتلالية وفقاً للقانون الدولي. إذ ان هذه المناطق، حسب القانون الدولي ما زالت خاضعة للسيطرة الاسرائيلية.

وقد أثار النشر عن هذه الوثيقة ردود فعل غاضبة في الساحة الحزبية الاسرائيلية. وعلى الرغم من ان مصادر مقربة من بيريس قالت ان شارون يعرف بكل تفاصيل هذه المحادثات وأعرب عن تأييده للنص المذكور اعلاه، حيث ان الحديث عن دولة فلسطينية على 42 في المائة من الأراضي هو اقتراح شارون في الأصل، إلا ان مكتبه اصدر بياناً حاداً يتنكر فيه تماماً للوثيقة ويقول انه «يحمل افكاراً وهمية. وهي خطيرة من حيث المضمون من حيث وسيلة التفاوض حولها. فالحكومة كانت قد اتخذت قراراً مبدئياً برفض اجراء أية مفاوضات سياسية تحت ظل اطلاق النار».

وراح اليمين المتطرف يهاجم شارون على ذلك، فهددت كتلة الاتحاد اليميني بالانسحاب من الحكومة إلا اذا ما صدر قرار حكومي رسمي يلغي الاتفاق. وحتى في الليكود، حزب شارون، خرجوا بهجوم كاسح عليه. وطالب رئيس سكرتارية الحزب، وزير البيئة تساحي هنغبي، باقالة شيمعون بيريس. وقال: «اذا أراد شارون ان نصدق انه لا يقف وراء هذه الوثيقة، عليه ان يقيل بيريس».

وازاء هذه الهجمة، اصدر بيريس بياناً، انكر فيه ان تكون هذه الوثيقة صحيحة. وقال انها ليست دقيقة، وان تسريبها ذو اهداف تخريبية.

ولكن، كما لوحظ، فان شارون لم يقل انه لا يعرف بأمر هذه الوثيقة. وبيريس لم ينف وجودها.