لبناني على رأس مجلس الوزراء بالأرجنتين ورئيسها الجديد يعلن توقفها عن سداد الديون

شهرة أدولفور رودريغز تضاعفت بعد تعرضه لاعتداء جنسي من سكرتيرته قبل 8 سنوات

TT

ما ان أدى الرئيس الأرجنتيني الجديد، أدولفو رودريغز سا، اليمين الدستورية بعد أن انتخبه مجلس النواب الوطني العام لشهرين في جلسة تاريخية استمرت 11 ساعة أمس في بوينس آيرس، وبواقع 169 صوتا مقابل 138 نائبا من أصل 392 مسجلين في البرلمان، حتى اتخذ قرارين مهمين: أعلن أن الأرجنتين ستتوقف بدءا من أول العام المقبل عن تسديد ديونها الفلكية، البالغة في مجملها أكثر من 132 مليار دولار، أي ما يزيد على 46 في المائة من مجموع الناتج السنوي العام للبلاد المبتلية منذ 4 سنوات بتقشف اقتصادي، ثم اتصل بصديقه المهندس الكيماوي وحاكم اقليم سانتا فيه السابق، اللبناني الأصل جورج عبيد، حيث استدعاه للتشاور في اشارة منه الى نيته باختياره رئيسا لمجلس الوزراء، الذي سيعلن اليوم عن أعضائه، وفق ما وصل صداه الى «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية أمس.

وكان الكونغرس، وهو مجلس النواب العام في الأرجنتين، انتخب رودريغز حتى 3 مارس (آذار) المقبل، تمهيدا لاجراء انتخابات رئاسية ذلك اليوم تأتي بخلف للرئيس السابق، فرنندو دي لا روا، الذي قدم استقالته الخميس الماضي قبل أن يتم ولايته التي كانت ستستمر حتى أواخر 2003 بفعل أعمال شغب ضد سياسة حكومته التقشفية وانعكاسا لاحتجاجات على الكساد والفساد، مما أسفر عن 27 قتيلا وعشرات الجرحى في مظاهرات بعدد من المدن تخللها نهب وسلب للعديد من المتاجر في العاصمة بشكل خاص.

وقال رودريغز، وهو حاكم منذ 18 سنة لاقليم سان لويس وعضو في الحزب البيروني المعتدل، ان قراره بوقف تسديد الديون جاء بعد أشهر من المعاناة لتلبية التزامات الديون، واعتبر أن القرار ليس رفضا للدين الأجنبي «وانما هو الخطوة الأولى من جانب حكومة عقلانية للتعامل معه بشكل سليم» على حد تعبيره في مؤتمر صحافي عقده اثر انتخابه.

وذكر الرئيس، الموصوف بأنه وسيم وجريء ويبلغ عمره 54 سنة، أنه سيطرح في الأسواق عملة جديدة جنبا الى جنب مع البيزو الأرجنتيني الذي تحدد سعر صرفه بواقع بيزو للدولار طوال 10 سنوات من ولايتي حكم الرئيس السابق الطامح لرئاسة ثالثة، وهو السوري الأصل كارلوس منعم. وقال رودريغز، وفقا لما نقل عنه، إنه يتفاءل بأن يعيد للبلاد استقرارها بالتنسيق مع أصدقاء «سيكونون معي في قمة المسؤولية» في اشارة منه الى اللبناني الأصل جورج عبيد، المعروف بحزمه في اتخاذ القرارت، خصوصا خلال حكمه لولاية سانتا فيه طوال 4 سنوات، انتهت في 1999 حيث انتخب بنهاية ذلك العام عضوا في الكونغرس عن حزب العدالة البيروني، المتمتع بالأغلبية في البرلمان العام.

وجورج عبيد، الذي سيتولى في الأرجنتين ما يشبه رئاسة الوزراء، باعتبار أن المسؤولية الرسمية هناك هي «منسق المجلس الرئاسي» التابع مباشرة لرئيس الجمهورية، هو من أب لبناني هاجر في أوائل القرن الماضي من بلدة بيت شباب في المتن الشمالي قرب بيروت، وتزوج الأب جان عبيد من أرجنتينية، كان له منها عدد من الأبناء، من بينهم جورج عبيد، الذي أبصر النور قبل 54 سنة في الأرجنتين، محتفظا الى الآن بالكثير من العادات والتقاليد التي ورثها عن والده الراحل، كالتلفظ ببعض الكلمات اللبنانية الجبلية واعتياد تناول الأطعمة اللبنانية في البيت والمطاعم.

وجورج عبيد، المتخصص الهندسة الكيميائية وله اهتمامات بالثروات البحرية والموانئ، ومتزوج من أرجنتينية، رزق منها بأربع بنات وابن واحد، مطلقا على 3 منهن أسماء عربية: زريدة وزيدة وسلمى، أما الرابعة فاسمها ألكسندرا، تيمنا بجدتها من والدتها، في حين أن الابن الوحيد يحمل اسم خوان، تيمنا بالزعيم التاريخي الأرجنتيني خوان بيرون.

ويعتبر جورج عبيد صديقا كبيرا للرئيس الأرجنتيني الجديد، المعروف بأنه يحكم مقاطعة سان لويس منذ 18 سنة بلا توقف، الا أن شهرته بدأت تصل الى رجل الشارع في الأرجنتين كلها منذ تعرض في 1993 لما يصعب تصديقه: في صيف ذلك العام تعرض لمحاولة اعتداء جنسي من سكرتيرته الخاصة، اللبنانية الأصل إستير ساسين، في عملية ما زالت «تفاصيلها» مجهولة الى الآن، الا أن المعارضين له في الولاية اتهموه بأنه هو الذي قام بمحاولة الاعتداء، لا سكرتيرته الملقبة بـ «التركية» كمعظم المهاجرين اللبنانيين والسوريين الملقبين بـ«توركوس» في أميركا اللاتينية.

وكانت إستير، التي كانت صحافية وعمرها 40 سنة ذلك الوقت، سجلت محاولة الاعتداء عليها على شريط فيديو، اتضح من فحصه في ما بعد أنها بطلة المحاولة لا الضحية كما زعمت، وعلى اثرها جرت محاكمات وجلسات، انتهت بادانتها وزجها في سجن بالمقاطعة، يقال إنها لن تخرج منه الا في نهاية العام المقبل على الأكثر. أما الشريط الذي يظهر في بعض أجزائه أدولفو رودريغز سا وهو شبه رافض لمحاولاتها واغواءاتها، فما زال بحوزة العدالة الأرجنتينية التي تحقق الى الآن في لغز آخر في حياة الرجل الذي أصبح أمس رئيسا للأرجنتين: في بداية الثمانينات كان أدولفو رودريغز سا لا يملك الا شقة صغيرة في عاصمة الولاية التي تخلى عن منصبه كحاكم لها أمس بعد انتخابه رئيسا، أما العام الماضي فسجلاته الضريبية تشير بأنه مالك لعقارات ومؤسسات قيمتها تزيد على 20 مليون دولار.

=