قائمة أميركية قصيرة تضم أسماء 5 سعوديين و4 مصريين تبحث عنهم قوات التحالف الشرقي

300 أسير من «القاعدة» تعتقلهم باكستان بعد هربهم من تورا بورا والاستخبارات والمباحث الأميركية تشارك في استجوابهم

TT

ظل آلاف الجنود الباكستانيين، بأزيائهم البيضاء، يصعدون جبلا بعد جبل، طوال اكثر من اسبوع محاولين اغلاق كل معابر المرور والهروب في هذه المنطقة الحدودية الوعرة.

وعلى الجانب الآخر من الحدود مباشرة، في منطقة الكهوف بتورا بورا، ما تزال قوات الكوماندوز الاميركية وقوات الحلفاء الافغان تواصل بحثها المضني من كهف الى كهف، بحثا عن بقايا قوات «القاعدة» وطالبان في الموضع الذي شهد وقفتهم الاخيرة.

ومنذ ان اختنقت المقاومة قبل اسبوع تحت ثقل القصف الاميركي، شرعت قوات الحلفاء تجوب الجبال والمرتفعات بحثا عمن بقوا حتى الان واملا في ان يعثروا على ما يمكن ان يدلهم على مصير اسامة بن لادن وكبار قادته او مكانهم.

وقد اصبح بن لادن هو الهدف الذي لم يصب حتى الآن في حملة ادارة الرئيس جورج بوش ضد الارهاب العالمي في افغانستان. وبعد شهرين ونصف الشهر من المطاردة والقصف الذي يتم بأكثر الوسائل التقنية تقدما في عالم اليوم، ما يزال الارهابي الاشهر بعيدا عن متناول الايادي والبنادق والقنابل. وتقود البحث حول منطقة تورا بورا، في الجبال البيضاء على بعد 30 ميلا من جلال اباد، قوة صغيرة من القوات الخاصة الاميركية. وتساعد هذه القوات مجموعات غير مدربة من قوات محمد زمان شريف وحضرة علي، القائدين العسكريين من مجلس الشوري الشرفي، وهي تحالف عسكري استولى على جلال اباد واقليم نانغاهار المجاور عندما انهار حكم طالبان الشهر الماضي.

ظل زمان وعلي يعملان يدا بيد مع القوات الخاصة الاميركية منذ ان اوصلهما القصف الاميركي الى السلطة. ومما يجعلهما متحمسين في البحث عن بن لادن مبلغ الـ25 مليون دولار الذي رصد مكافأة لمن يدل على مكان وجود زعيم القاعدة والجوائز الاقل المرصودة لمساعديه. وحسب المعلومات المتوفرة فان كل هؤلاء هاربون حاليا. وقد وزعت الميليشيا التابعة لحضرة علي مؤخرا، قائمة من تسعة اسماء تضم 5 سعوديين و4 مصريين، قالت انهم اخطر المطلوبين حاليا من قبل الولايات المتحدة. وذكر صحافي في جلال اباد ان القائمة الحالية أقصر كثيرا من القائمة السابقة التي نشرتها الولايات المتحدة. وربما يدل ذلك على ان التحقيقات التي جرت مع زعماء «القاعدة» المقبوض عليهم في باكستان وافغانستان، وفرت بعض المعلومات التي ساعدت ضباط المخابرات على تدقيق مفاهيمهم حول من كان يقود «القاعدة» وحول اولئك الذين يمكن ان يكونوا هاربين حتى الآن داخل افغانستان او خارجها.

وكان زمان قد ابلغ الصحافيين يوم الاثنين الماضي ان كل الكهوف قد فتشت تقريبا، دون نتائج هامة، وانه لا ضرورة لمزيد من البحث في هذه الكهوف بالنسبة للقوات الاميركية، مما يوحي بان البحث عن بن لادن، بالنسبة اليه على الاقل، قد انتهى. ولكن شقيق زمان الاصغر، محمد امان خيري، صرح بان قوات زمان ستواصل البحث عن آخر عربي في افغانستان «حتى نخلص بلادنا من كل الارهابيين».

وكان علي قد ابلغ الصحافيين الافغان ان العديدين من مقاتلي «القاعدة» قد تم القبض عليهم دون قتال في الايام القليلة الماضية بالقرب من تورا بورا وان البحث داخل الكهوف يجب ان يستمر لعدة ايام لاحقة. وصرح قائد القوات الاميركية في افغانستان الجنرال تومي فرانكس، بانه ربما يرسل قوات خاصة من المارينز لتمشيط المنطقة كلها وتنهي المهمة نهائيا.

وقال فرانكس: «سنذهب الى كل كهوف هذه المنطقة، حتى نقنع انفسنا بأن بن لادن قد مات بالفعل. سنكتشف بالضبط ما الذي حدث».

وربما تكون المنافسة بين زمان وعلي قد عقدت مهمة التفتيش، حسب المعلومات الواردة من جلال اباد. فكل منهما يرغب في احتلال موقع عبد القادر، حاكم اقليم نانغاهار، الذي صار وزيرا لاعادة التعمير المدني في الحكومة الافغانية الجديدة.

وقد حدثت تعقيدات على هذا الجانب من الحدود ايضا. اذ تمردت الاسبوع الماضي بعض القوات من القاعدة التي القي القبض عليها في باكستان، ونتج عن ذلك قتل اكثر من عشرة اشخاص وهروب عدد آخر من السجناء.

وعلى رأس القائمة التي نشرت في جلال اباد، بالطبع اسامة بن لادن. وقال فرانكس ان مؤسس «القاعدة» ربما يكون قد قتل اثناء القصف الشرس لتورا بورا في النصف الاول من شهر ديسمبر (كانون الاول). ولكن جثمانه لم يعثر عليه مما جعل مصيره مجهولا حتى الآن. ولكن فرانكس اضاف ايضا ان بن لادن ربما يكون قد تسلل عبر الحدود الباكستانية، واختفى بين القبائل الباكستانية في منطقة باراشنار الى الجنوب من تورا بورا. وكان الجنود الباكستانيون قد اسروا في تلك المنطقة حوالي 300 من قوات القاعدة، خلال الاسبوع الماضي وسلموهم جميعا الى المخابرات الباكستانية التي تقوم باستجوابهم حاليا بالتعاون مع ضباط وكالة الاستخبارات الاميركية (سي. آي. ايه) ومكتب المباحث الفيدرالي (اف. بي. آي). وحتى الآن لم تسفر هذه التحقيقات عن أي اثر لابن لادن.

وفي محاولة منه لتغطية كل الاحتمالات قال فرانكس، ان بن لادن يمكن ان يكون مطمورا في أحد الكهوف أملا في ألا يتمكن احد من الوصول اليه.

ويجيء بعد بن لادن في القائمة ايمن الظواهري، الطبيب المصري الذي يعتبره الاميركيون الساعد الايمن لابن لادن والذي يليه مباشرة في القيادة. ويتحدر الظواهري من اسرة مصرية غنية، ويقال انه شارك في انشاء منظمة الجهاد المصرية في السبعينات ولعب دورا مساعدا في اغتيال الرئيس انور السادات عام .1981 واعتقل الظواهري في الحملة التي اعقبت اغتيال السادات، وسجن لمدة 3 سنوات. وسافر بعد اطلاق سراحه الى باكستان، وانضم الى بن لادن في الحرب ضد القوات السوفياتية في افغانستان. وفي عام 1998 توحدت مجموعة الظواهري مع «القاعدة» وكونوا منظمة جديدة باسم الجبهة العالمية لمحاربة اليهود والصليبيين.

وتورد القائمة بعد ذلك اسم محمد عاطف، او ابو حفص، الذي كان من كبار مساعدي الظواهري في منظمة الجهاد. ويقول الاميركيون ان عاطف هو القائد العسكري لابن لادن، وكان يشرف على تدريب كل الارهابيين في معسكرات «القاعدة» في افغانستان، كما كان يشرف على جل العمليات الارهابية على مستوى العالم. وقد تزوجت ابنة عاطف من ابن اسامة بن لادن في احتفال صور بالفيديو في افغانستان. وكان المسؤولون الاميركيون قد ذكروا الشهر الماضي ان عاطف قتل في غارة على احد منازل القاعدة بكابل. وليس واضحا ما اذا كان وجود اسمه على القائمة المتداولة الان في جلال اباد يعني ان المخابرات الاميركية تعتقد انه لم يقتل في تلك الغارة.

ثم يأتي اسم سعد الشريف (33 سنة) المعروف كذلك باسماء مصطفى محمد احمد، والشيخ سعيد، ومصطفى احمد الهوسوي، وابو محمد. وهو مواطن سعودي، صهر بن لادن ومسؤوله لشؤون التمويل. وتقول وثائق المحاكم ان سعد هو الذي كان يحول الاموال الى محمد عطا المشتبه في انه قائد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي الارهابية.

كان سعد خبير المتفجرات بمعسكر الجهاد في افغانستان، حسب شهادة ادلى بها جمال احمد الفاضل، الشاهد الحكومي في محاكمة بن لادن واخرين في قضية تفجير السفارتين بشرق افريقيا عام .1998 وقد اضيف اسم شريف يوم 12 اكتوبر (تشرين الاول) الى قائمة بأسماء اولئك الذين جمدت ارصدتهم واموالهم.

وهناك اسما عبد الهادي وصقر الجروي، اللذين لا يعرف عنهما اكثر من كونهما مواطنين سعوديين. وهناك بلال بن مروان، المواطن السعودي ايضا، والذي يقول عنه المحققون الاميركيون انه من كبار مساعدي بن لادن.

ويوصف سيف العدل، المصري الجنسية، والذي ورد اسمه في القائمة ايضا بانه المسؤول عن الامن الشخصي لابن لادن. وقد ورد اسمه ضمن قائمة الـ«اف بي آي» لاخطر المطلوبين من الارهابيين الـ22، واتهم بالتآمر لقتل مواطنين اميركيين في الهجموم على السفارتين. وكان ايضا من ضمن الـ27 شخصا ومنظمة الذين جمدت اموالهم يوم 24 سبتمبر الماضي من قبل الرئيس بوش.

الاسم الاخير على القائمة هو احمد سعيد الخضر، او ابو عبد الرحمن (53 سنة) وهو مواطن كندي من اصل مصري، كان يدير منظمة «هيومان كونسيرن انترناشونال»، الجمعية الخيرية المسجلة بكندا. وقد اعتقل خضر بواسطة الشرطة الباكستانية لعلاقته بالهجوم على السفارة المصرية في اسلام اباد عام .1995 واثناء وجوده في السجن، زار رئيس الوزراء الكندي، جان كريتيان، باكستان، واثار قضيته مع رئيسة الوزراء الباكستانية وقتها بي نظير بوتو. وقد اطلق سراحه بعد ذلك بوقت قصير فانضم الى بن لادن في افغانستان.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»