رئيس أمناء مسجد بريكستون لـ«الشرق الأوسط»: متشددون عرب يؤثرون على الشباب المسلم في منطقتنا.. وريتشارد ريد لم يفعلها وحيدا

عبد الحق بكر لـ«الشرق الأوسط»: منعنا أبو قتادة والمهاجرون من دخول مسجدنا

TT

رجح عبد الحق رئيس مجلس أمناء مسجد بريكستون في جنوب لندن، أن ريتشارد ريد لم يقم بمحاولة تفجير الطائرة الاميركية لوحده. ولفت بكر وهو شاب بريطاني (35 عاماً) من أصل كاريبي، ان ريد انقطع عن المسجد قبل حوالي اربع سنوات حين أخذ يتبنى أفكاراً عنيفة. وقال في مقابلة اجرتها معه «الشرق الأوسط» أمس ان زكريا موساوي الذي وجهت له السلطات الاميركية الاتهام في قضية اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول)، والذي تردد على المسجد ايضاً، أذكى من ريد. وقال إن بعض العرب المتشددين حاولوا التأثير على المصلين بفضل إلمامهم بلغة القرآن الكريم. واكد أن مصلي مسجد بريكستون السلفيين لا يعارضون أو يؤيدون اي حكومة، خلافاً لما اتهمهم به المتشددون من تأييد لأنظمة عربية. وشدد على أنهم يؤمنون بأن الاسلام واحد، وأن أساتذة الفقه يأتونهم من السعودية والاردن.

* قلت ان المتشددين اتهموكم، في مسجد بريكستون، بمساندة أنظمة عربية، فما هو مبرر هذه التهمة؟

ـ هم متشددون ويطلقون الاتهامات على كل من يخالفهم الرأي. لاعلاقة لنا البتة بالسياسة، فنحن لا نؤيد ولا نحارب أياً من الانظمة.

صحيح أن اغلب أساتذة الدين الذين يحاضرون في مركزنا قادمون من السعودية والاردن. بيد ان هؤلاء يأتون لنشر الدعوة، ولا صفة رسمية لهم بل يجيئون لفعل الخير وخدمة الاسلام من تلقاء أنفسهم.

* ما رأيك بالرأي القائل ان أهل الحوض الكاريبي يميلون الى التميز عن العرب لجهة فهمهم للإسلام وطريقتهم في ممارسته؟

ـ هذا خطأ لا أوافق عليه. ونحن سلفيون، بمعنى أننا نرى الاسلام ديناً واحداً يستند الى كلام الله عز وجل في القرآن الكريم وتعاليم نبيه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

* متى لاحظت أن ريتشارد ريد او عبد الرحيم اصبح متشدداً؟

ـ لم نره منذ ثلاث أو أربع سنوات. لكن نذكر أنه بعد فترة من تردده على المسجد، اخذ يتحدث عن فهم مختلف لفكرة الجهاد اشد تطرفاً من اي شيء قاله لنا قبل ذلك. حاولنا أن نثنيه، خصوصاً اننا كنا قد خضنا حوارات كثيرة معه سابقاً بهدف إقناعه باتباع تعاليم الاسلام الصحيحة، بيد انه قرر الانفصال عنا واعتبرنا بمثابة الملحدين أو أدعياء الاسلام. ونعرف أنه بدأ يتردد على مراكز في المنطقة يروج فيها المتشددون لآرائهم الغريبة.

* لكن تردد أيضاً على مسجدكم في الماضي زكريا موساوي، المتهم بالارهاب، فلماذا تستقطبونهم؟

ـ لقد عالجنا مسألة المتطرفين بصرامة، ولم نعد نسمح مثلاً لأنصار حركة «المهاجرون» (بزعامة عمر بكري محمد) ومن يوافقهم آراءهم المتشددة بتخطي عتبة المسجد. لكن لا تنسى أن هذه المنطقة تعاني من كثير من الفقر والبطالة والعنصرية، مما يعني أن الناس هنا مهيأون اكثر من غيرهم للتطرف. والراديكاليون يجندون الناشطين خارج المسجد وليس في داخله.

* وكيف تفسر نجاحهم في ذلك، هل من سبب آخر غير الفقر في المنطقة ووضعها الاجتماعي؟

ـ بعض المتشددين يؤثرون على الأخوة الشباب عن طريق إتقانهم اللغة العربية. غالبيتنا هنا من الحوض الكاريبي ممن دخلوا الاسلام قبل سنوات، وأنا أسلمت منذ 12 عاماً مثلاً. ولذلك معظمنا لا يعرف اللغة العربية جيداً، وحين يأتينا عربي يكسب احترام الجميع ويغدو مرجعاً لأنه قادر على فهم القرآن الكريم والحديث النبوي الشربف بدقة اشد. وللأسف بعض هؤلاء المتشددين عرب، ويستغلون إمكاناتهم اللغوية لدفع الشباب الى مزيد من التطرف.

* لكن التطرف لا يقتصر على الاخوة العرب؟

ـ بالتأكيد لا. فهناك مثلاً جامايكي الاصل درس في الرياض، وهو متشدد ويدعى فيصل، لكن حتى أبو قتادة، الذي يعتبره كثيرون متطرفاً، شعر أن فيصل متشدد جداً.

* وهل تردد عليكم أبو قتادة؟

ـ نعم. والحقيقة ان فيصل هذا هو من قدمه إلينا قائلاً هذا شيخي. لكن سرعان ما اختلفنا مع أبو قتادة ولم نعد نسمح له بالدخول الى المسجد.

* أنت عرفت الموساوى عن كثب، فهل تعتقد أنه مذنب؟

ـ لا يمكنني أن اقول انه قام فعلاً بما ينسب إليه. لكن أستطيع التأكيد أنه شخص ذكي، ولا يمكن إقناعه بسهولة. وحين يقتنع بالشيء، يخلص له قلباً وقالباً. وهو في رأي مختلف عن الاخ عبد الرحيم (ريتشارد ريد)، فالاخير يمكن التأثير عليه بسهولة، ومع أنه ذكي فهو أقل ذكاءً من الاخ موساوي.

* هل يعني ذلك أنك تستبعد قيامه بمحاولة تفجير الطائرة بصورة فردية ام ترجح ان أحداً ساعده؟

ـ نعم أعتقد انه حصل على المساعدة في هذا المجال. لا اتصوره أبداً وهو يفكر بكيفية تنفيذ عملية معقدة من هذا النوع، وكيفية فهم المتفجرات وزرعها في حذائه.

* قلت إن الشرطة البريطانية لم تتعامل بحزم مع خطر التطرف رغم أنكم حذرتموها من ذلك، فمن أولئك الذين تظن أن عليها محاسبتهم؟

* هؤلاء الذين يروجون للافكار المتشددة التي تشوه صورة الاسلام. الجامايكي فيصل واحد منهم لأنه لا يزال يلقي محاضرات في مركز قريب من هنا حول الاسلام. عمر بكري محمد، اقرب الى الثرثار، وهو في رأيي أقل خطراً من أبو حمزة.

* كيف تقيم الصراع في أفغانستان، وأي جهة تؤيد؟

ـ الجهاد في أفغانستان، وفي أي بلد إسلامي حق، عندما يتعرض ذلك البلد إلى اعتداء أجنبي.

* يقال ان لك موقفا مختلفا من «حزب الله» و«حماس» و«الجهاد الاسلامي» في فلسطين؟

ـ الوضع في فلسطين مختلف عنه في أفغانستان. نحن ضد العمليات الانتحارية سواء تمت في الاراضي المحتلة أو في خارجها. ونعتقد أن على المسلمين أن يعودوا إلى التوحيد والسنة ويلتزموا دينهم القويم كي يتخلصوا من الظلم الذي يعانون. وربما كانت هذه المعاناة عقاباً لهم من الله تعالى لأنهم يخالفون الدين الحنيف.

* وكيف يؤثر الوضع المتأزم في فلسطين على المصلين الذين يترددون على مسجدكم، خصوصاً ان هناك بعض من يميلون الى التشدد بينهم؟

ـ التأثير موجود، فنحن جميعاً نتألم لما يحصل. لكن رد الفعل لا يتخذ أشكالاً عنيفة كأن نهب جميعاً لحمل السلاح ومهاجمة أهداف إسرائيلية أو غيرها. وندرك سبب لجوء البعض في هذه المناطق الى العنف، لكننا نختلف معهم على الاساليب التي يقاومون بها هذا الظلم. ومن ناحية أخرى، يجب أن لا ننسى أن التذمر الشديد مما يتعرض له المسلمون في مناطق شتى، ساهم مساهمة قوية في دفع البعض الى مزيد من التشدد كما حصل مع الاخ عبد الرحيم (ريتشار ريد).