الإمارات: المجلس الوطني الاتحادي يحيل إلى الحكومة مشروع قانون مكافحة غسيل الأموال بعد مناقشة سرية ساخنة

TT

أحال المجلس الوطني الاتحادي بدولة الامارات العربية المتحدة امس مشروع قانون مكافحة غسيل اموال المخدرات الى الحكومة، بعد ان ادخل بعض التعديلات على المشروع الاصلي في مناقشات مطولة اجراها المجلس استمرت حتى ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية.

وحسب الدستور فإنه يحق لمجلس الوزراء رفض او قبول التعديلات الطفيفة التي اقترحها المجلس الوطني الاتحادي قبل ان يقوم باحالة مشروع القانون الى المجلس الاعلى للاتحاد لاقراره ومن ثم اصداره بمرسوم من قبل رئيس دولة الامارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

ومن المتوقع ان يصدر القانون في اقرب وقت وان يتم الحصول على موافقات اعضاء المجلس الاعلى بطريق التمرير كسباً للوقت، خاصة في ضوء الوعد الذي قدمته الامارات بالاسراع في اصدار القانون.

وكان المجلس الوطني الاتحادي قد ناقش مشروع القانون في جلسة استمرت 4 ساعات متواصلة وحضرها وزير الدولة للشؤون المالية والصناعة الدكتور محمد خلفان خرباش ووزير العدل والشؤون الاسلامية محمد نخيرة الظاهري ومحافظ المصرف المركزي سلطان بن ناصر السويدي.

وجرت المناقشة في بعض المراحل في جلسات مغلقة وشهدت بعض الخلافات الحادة بين اعضاء المجلس وممثلي الحكومة.

وقال محافظ المصرف المركزي الاماراتي عقب المناقشات السرية ان القانون يغطي جميع القطاعات الاقتصادية والجهات الخاضعة لرقابة وتفتيش المصرف المركزي وكذلك المنشآت المالية التي لا تخضع لرقابة المصرف المركزي كالتأمين والاسواق المالية كذلك المؤسسات والمنشآت في المناطق الحرة، واشار الى ان القانون يتضمن اشارة في مواده إلى عبارة «الجهات الاخرى» بعد المنشآت المالية.

وأكد ان تفسيرات اعضاء المجلس كانت مهمة جداً لبعض الجوانب القانونية لمواد القانون الخاصة بالعقوبات والتعاون الدولي مع الدول الاجنبية في مجال تبادل المعلومات وخاصة الدول التي تربطها بالامارات اتفاقات دولية لتبادل المعلومات حول الحالات المشبوهة، بالاضافة الى تبادل تنفيذ الاحكام بين الامارات وبقية الدول.

وحول ما تم خلال الجلسة السرية قال السويدي: ان بعض الاعضاء تخوفوا وطلبوا ان تكون الجلسة سرية ولكن الوزير اكد أن الجلسة ليس فيها ما يجلعنا نخشى ان تنشر في الصحف ووسائل الاعلام. ومن ابرز الموضوعات التي تطرق اليها الاعضاء خلال الجزء المغلق من الجلسة، تعريف الارهاب، وقالوا طالما ليس لدينا اموال تغسل، فلماذا نضع هذا القانون؟ وأوضح المسؤول بأنه ليس بالضرورة ان تكون لدينا أموال تغسل في الامارات ولكن هناك اموالا تأتينا من الخارج ومن محلات الصرافة والمنشآت المالية والبنوك والافراد الذين يدخلون الامارات، فكيف نضمن بان تكون هذه الاموال غير قذرة، مشيراً الى ان الاموال المغسولة التي تأتي من السوق المحلية ضئيلة.

وأوضح أنه توجد ثلاث حلقات لغسل الاموال وهي: الحلقة الصغيرة والمتعلقة بالسوق المحلي، والحلقة المتوسطة وهي المتعلقة بالاموال التي تأتي من الخارج وعن طريق محلات الصرافة والافراد، والحلقة الاخيرة وهي الاموال المحولة عن طريق البنوك والصرافات، مؤكداً أن تصريحات المسؤولين بالامارات عن خلو السوق المحلي من غسل الاموال تتعلق بالحلقه الاولى فقط.

واشاد باقرار المجلس الوطني لمشروع القانون، معرباً عن أمله في ان يصدر قبل الذهاب لاجتماعات اللجنة المالية في هونغ كونغ خلال فبراير (شباط) المقبل.

واكد محافظ المصرف المركزي ان القانون سيطبق على جميع الشركات والمؤسسات بالمناطق الحرة وشركات التأمين، مشيراً الى ان اجتماعاً سيعقد قريباً مع المسؤولين بالمناطق الحرة والجمارك ومن ثم بقية القطاعات لشرح مواد القانون، حيث يتعين على كل مستثمر ان يبين تفاصيل مصادر الاموال المستخدمة ونسبة الامتلاك للشركات المساهمة، كذلك ستترك عملية الافصاح عن محتويات الطرود القادمة بصحبة القادمين للدولة وخاصة الطرود الواردة للبنوك ومحلات الصرافة وخاصة اذا كانت تحتوي على اكثر من 40 الف درهم، فسيتم السماح لها بدخول البلاد شرط الافصاح عن محتوياتها.

واكد المحافظ ان مفهوم الارهاب تغير بعد 11 ديسمبر (أيلول) وذلك نتيجة للاحداث الاخيرة، مؤكداً ان هناك لجنة مشكلة من بعض الدول اجتمعت في المملكة المتحدة لوضع قانون او اتفاقية دولية لتعريف الارهاب.

كما اكد ان الجمعيات الخيرية لن تضار من صدور القانون ولكن سيطلب منها الافصاح عن المبالغ التي تقبلها عن طريق التبرعات والاماكن التي تذهب اليها هذه الاموال، وهو موضوع يوجد لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.

وشدد على ان القانون يحارب الاموال القذرة فقط وليس الاموال التي تأتي من اي مصادر اخرى. كما اكد ان المصرف المركزي بصدد وضع نظام خاص لاموال وسائط الحوالات لمعرفة الاماكن التي ترسل اليها هذه الاموال واسماء اصحابها والمرسلين لها.

ويحدد القانون في مواده تعريف غسل الاموال بأنه كل من أتى عمداً او ساعد في تحويل المتحصلات او نقلها او ايداعها بقصد اخفاء او تمويه المصدر غير المشروع لها، او نتيجة اخفاء او تمويه المتحصلات، او مصدرها، او مكانها او طريقة التصرف فيها او حركتها او الحقوق المتعلقة بها او ملكيتها، او عن طريق اكتساب او حيازة او استخدام تلك المتحصلات.

ولاغراض هذا القانون تكون الاموال هي المتحصلة من المخدرات والمؤثرات والارهاب والجرائم التي تخالف احكام قانون البيئة والاتجار غير المشروع بالاسلحة النارية والذخائر وجرائم الرشوة والاختلاس والإضرار بالمال العام وجرائم الاحتيال وخيانة الامانة وما يتصل بها وأي جرائم اخرى ذات صلة والتي تنص عليها الاتفاقيات الدولية التي تكون الدولة طرفاً فيها من قبيل الاموال المغسولة.

ونص مشروع القانون على أن تكون المنشآت المالية والتجارية والاقتصادية العاملة في الدولة مسؤولة جنائياً عن جريمة غسل الاموال، اذا ارتكبت باسمها او لحسابها عمدا وذلك دون اخلال بالجزاءات الادارية المنصوص عليها في القانون.

واعطى مشروع القانون للمصرف المركزي ان يأمر بتجميد الاموال التي يشتبه فيها لدى المنشآت المالية لمدة لا تزيد على 7 ايام، وللنيابة العامة ان تأمر بالتحفظ على الاموال او المتحصلات او الوسائط المشتبه فيها وفق الاجراءات المتبعة لديها، وللمحكمة المختصة ان تأمر بالحجز التحفظي لمدد غير محددة لأي اموال او متحصلات او وسائط اذا كانت تلك الاموال او المحصلات او الوسائط ناتجة عن جريمة غسل اموال او مرتبطة بها.

ومع عدم الاخلال بما نص عليه في النص السابق لا تتم اقامة الدعوى الجزائية على مرتكب احدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون إلا من النائب العام. ولا يتم تنفيذ قرارات التحفظ والحجز التحفظي على الاموال لدى المنشآت المالية، الا عن طريق المصرف المركزي.

ويحدد المصرف المركزي الحد الاعلى للمبالغ التي يسمح بإدخالها الى الدولة نقدا بدون الحاجة الى الافصاح عنها، ويخضع ما زاد عنها الى نظام الافصاح الذي يضعه المصرف المركزي.

وبموجب القانون تنشأ بالمصرف المركزي «وحدة معلومات مالية» لمواجهة غسل الاموال والحالات المشبوهة ترسل لها تقارير المعاملات المشبوهة من جميع المنشآت المالية والتجارية والاقتصادية ذات الصلة، وتحدد اللجنة نموذج تقرير المعاملات المشبوهة وطريقة ارساله اليها، وعليها ان تضع المعلومات المتوفرة لديها تحت تصرف جهات تطبيق القانون تسهيلا للتحقيقات التي تقوم بها، ويمكن لهذه الوحدة ان تتبادل مع الوحدات المشابهة في الدول الاخرى معلومات وتقارير الحالات المشبوهة عملا بالاتفاقيات الدولية التي تكون طرفا فيها او بشرط المعاملة بالمثل.

وتتولى هذه الوحدة بعد دراسة الحالات المبلغة اليها ابلاغ النيابة العامة لاتخاذ الاجراءات اللازمة. واذا ورد البلاغ بحالات غسل اموال الى النيابة العامة مباشرة فعليها اتخاذ الاجراءات اللازمة بعد استطلاع رأي الوحدة المذكورة في ما تضمنه البلاغ.

وبموجب القانون يشكل وزير المالية لجنة برئاسة محافظ البنك المركزي تعنى بمواجهة غسيل الاموال في الدولة وتسمى «اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الاموال»، تتكون من ممثل او اكثر عن المصرف المركزي ووزارة الداخلية ووزارة العدل والشؤون الاسلامية والاوقاف ووزارة المالية والصناعة ووزارة الاقتصاد والتجارة والجهات المعنية باصدار الرخص التجارية والصناعية ومجلس الجمارك في الدولة. وتختص هذه اللجنة باقتراح الانظمة والاجراءات الخاصة بمواجهة معاملات غسل الاموال في الدولة وتسهيل تبادل المعلومات والتنسيق بين الجهات الممثلة فيها وتمثيل الدولة في المحافل الدولية المتعلقة بمواجهة غسل الاموال واقتراح اللائحة التنطيمية الخاصة بعمل اللجنة. كما تختص بأي امور اخرى تحال اليها من قبل الجهات المختصة بالدولة، وتحدد مكافأة اعضاء اللجنة بقرار من مجلس ادارة المصرف المركزي، كما تحدد اللائحة التنظيمية مواعيد وطريقة عمل اللجنة.

وبموجب المشروع ألزم القانون الجهات المعنية بالترخيص والرقابة على المنشآت المالية والمنشآت المالية الاخرى والتجارية والاقتصادية بأن تضع الآليات المناسبة للتأكد من التزام المنشآت المشار اليها بالانظمة واللوائح الخاصة بمواجهة معاملات الاموال المشبوهة في الدولة بما في ذلك رفع تقارير الحالات المشبوهة فور حدوثها.

وألزم المشروع جميع الجهات بأن تعامل المعلومات التي تحصل عليها والمتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بالسرية ولا تكشف سريتها الا بالقدر الذي يكون ضروريا لاستخدامها في التحقيقات او الدعاوى او القضايا المتعلقة بمخالفة احكام هذا القانون.

وحسب القانون يعاقب كل من يرتكب احد الافعال المنصوص عليها كجرائم غسل الاموال بالحبس لمدة لا تزيد على سبع سنوات او بالغرامة التي لا تتجاوز ثلاثمائة الف درهم ولا تقل عن ثلاثين الف درهم او بالعقوبتين معاً مع مصادرة المتحصلات او ممتلكات تعادل قيمة تلك المتحصلات او ما يعادل تلك المتحصلات اذا حولت او بدلت جزئياً او كليا الى ممتلكات اخرى او اختلطت بممتلكات اخرى اكتسبت من مصادر مشروعة.

وبالنسبة للمنشآت المالية المخالفة لا تقل الغرامة عن ثلاثمائة الف درهم ولا تزيد على مليون درهم مع مصادرة المتحصلات او ممتلكات تعادل قيمتها قيمة تلك المتحصلات او ما يعادل تلك المتحصلات اذا حولت او بدلت جزئياً او كلياً الى ممتلكات اخرى او اختلطت بممتلكات اخرى اكتسبت من مصادر مشروعة.

ويعاقب بالحبس او بالغرامة التي لا تتجاوز مائة الف درهم ولا تقل عن عشرة الاف درهم او بالعقوبتين معا رؤساء واعضاء مجالس الادارة ومديرو وموظفو المنشآت المالية والمنشآت المالية الاخرى والتجارية والاقتصادية الذين علموا وامتنعوا عن ابلاغ الوحدة بأي فعل وقع في منشآتهم وكان متصلا بجريمة غسل الاموال.

ويعاقب كل من يقوم باخطار اي شخص بأن معاملاته قيد المراجعة بشأن قيامه بعمليات مشبوهة او ان السلطات الامنية وغيرها من الجهات المختصة تقوم بالتحري عن قيامه بعمليات مشبوهة بالحبس مدة لا تتجاوز سنة او بالغرامة التي لا تتجاوز خمسين الف درهم ولا تقل عن خمسة الاف درهم او بالعقوبتين معاً.

ويعاقب بالحد الاقصى لجريمة البلاغ الكاذب كل من يتقدم بسوء نية ببلاغ للجهات المختصة بارتكاب جريمة غسل اموال بقصد الإضرار بشخص آخر.