القضاء الإيراني المحافظ يستغل غياب رئيس البرلمان ويسجن نائبا إصلاحيا بارزا قبل البت في قضية الحصانة البرلمانية

TT

في تطور مفاجئ اعتبرته جبهة المشاركة، اكبر تنظيم سياسي اصلاحي في ايران، انتهاكا صريحا للدستور وتجاوزا لجميع الخطوط الحمراء، اعتقل النائب الاصلاحي ممثل مدينة همدان في البرلمان حسين لقمانيان بأمر من محمود هاشمي شاهرودي رئيس السلطة القضائية تنفيذا لحكم اصدرته محكمة الثورة وصادقت عليه محكمة الاستئناف.

وفور اعلان خبر سجن لقمانيان، عقدت الهيئة الرئاسية لمجلس الشورى (البرلمان) جلسة طارئة برئاسة محمد رضا خاتمي نائب رئيس البرلمان وأمين عام جبهة المشاركة وشقيق الرئيس خاتمي، لدراسة تفاعلات هذه القضية واحتمالات تكرار هذا «الخرق الدستوري الفاضح» مع 60 نائبا، جميعهم من الاصلاحيين، والذين صدرت احكام بحبسهم او ينتظرون مثل هذه الاحكام.

وقال عضو في الهيئة الرئاسية للبرلمان في اتصال مع «الشرق الأوسط» ان رئيس السلطة القضائية استغل غياب رئيس البرلمان آية الله مهدي كروبي الذي يزور السعودية حاليا لتنفيذ الحكم الصادر بحق لقمانيان، رغم انه تعهد في اجتماع جمع رؤساء القوى الثلاث (الرئيس خاتمي وكروبي وشاهرودي) بعدم تنفيذ الحكم لحين بت مجلس صيانة الدستور ومجمع تشخيص مصلحة النظام في قضية الحصانة النيابية.

وعلمت «الشرق الأوسط»ان محكمة الاستئناف صادقت ايضا على احكام حبس صادرة في حق اربعة نواب آخرين، بينهم النائبة البارزة فاطمة حقيقت جو، وهم جميعا متهمون بالاساءة الى مسؤولي السلطة القضائية والاجهزة الخاضعة لمرشد الثورة علي خامنئي خلال احاديثهم في البرلمان. ورغم ان الدستور اعطى النواب صلاحية مساءلة جميع المسؤولين بمن فيهم رئيس السلطة القضائية ورئيس الجمهورية والوزراء، ويصرح بأنه لا يمكن استجواب ومعاقبة النواب بسبب ما يدلون به تحت سقف البرلمان، فان رئيس السلطة القضائية الحالي وفريقه المكون من علي زاده رئيس عدلية طهران وكل من القاضي حداد والقاضي مرتضوي، الملقب بـ«جزار الصحف» بسبب الاحكام التي اصدرها بوقف ما يزيد عن 70 صحيفة ومجلة، وبسجن كبار الصحافيين الاصلاحيين مثل اكبر كنجي وعماد الدين باقي وما شاء الله شمس الواعظين وغيرهم، ومحسني اجدئي رئيس محكمة رجال الدين، «لا يولون اهمية للدستور»، حسب قول عضو بارز في تكتل جبهة المشاركة في البرلمان.

وبعد ساعات من اعتقال حسين لقمانيان، افاد احمد بورقاني نائب طهران وعضو الهيئة الرئاسية للبرلمان، الذي حضر الجلسة الطارئة للهيئة الرئاسية الليلة قبل الماضية، بأن هذا الاعتقال «يمثل خرقا فاضحا للمادة 86 من الدستور وتسمح للنائب بأن يتحدث حول جميع الامور ويعبر من دون خوف عن رأيه بشأن الاحداث وآراء المسؤولين.

واشار بورقاني الى ان احتجاجات النواب المتكررة حول صدور احكام السجن بحق النواب لم تمنع السلطة القضائية من تنفيذ احكام غير قانونية ومخالفة للمادة 86 من الدستور والمادة 75 من القانون الداخلي للبرلمان.

واضاف بورقاني الذي استقال من منصب مساعد وزير الارشاد لشؤون الصحافة قبل عامين احتجاجا على تعطيل صحيفة «جامعة»، وهي اول صحيفة ناطقة باسم المجتمع المدني، بأن البرلمان باعتباره مؤسسة دستورية ينتخب اعضاؤها بشكل مباشر من قبل الشعب، وحارسا لسيادة الشعب وحقوقه يعتبر نفسه ملتزما بالدستور، وانه سيواصل تصديه لمن يخرق الدستور وسيدافع عنه بكل قوته. وأكد بورقاني ان الهيئة الرئاسية للبرلمان طالبت القضاء بايقاف اجراءاته ضد النواب ومحاكمتهم وحبسهم، وبأن يعيد النظر في خروقه للدستور.

الى ذلك، نقلت صحيفة «نوروز» الاصلاحية التي تجري محاكمة مسؤولها الدكتور محسن ميرداماري رئيس لجنة شؤون الامن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، رغم غيابه، حيث يقوم بزيارة رسمية الى ايرلندا الآن، عن النائب الاصلاحي البارز شكوري راد عضو الهيئة الرئاسية للبرلمان، ان كروبي سافر الى السعودية في زيارة رسمية بعد ان تلقى وعودا من رئاسة القضاء بعدم تنفيذ الحكم الصادر بحق النائب حسين لقمانيان. ودعا شكوري راد، مهدي كروبي الى انهاء الزيارة والعودة الى ايران فورا، غير انه اوضح بأن البرلمان لن ينتظر عودة كروبي، لاتخاذ القرار المناسب ضد قرار حبس لقمانيان.

من جانب آخر، هاجم بهزاد نبوي نائب طهران وزعيم منظمة «مجاهدي الثورة الاسلامية» بشدة في خطاب قوي امام البرلمان اول من امس، الاجراءات المتخذة بحق الصحف والبرلمان من قبل القضاء.

وجاء رد نبوي على اعتقال لقمانيان في الوقت الذي اصدر القاضي مرتضوي حكما بالغاء رخصة نشر صحيفة «عصرما» (عصرنا) لسان حال منظمة «مجاهدي الثورة الاسلامية»، وحبس مديرها محمد سلامتي الذي هو امين عام المنظمة ومساعد لوزير العمل.

واشار نبوي في خطابه الى ان «أبسط طريق لإسكات الاصوات ومنع التعددية في المجتمع هو اخضاع المجتمع لنظام ذي صوت واحد، وفي مجتمع كهذا هناك صوت واحد لفرد واحد او حزب واحد».

وفي تطور آخر، احتجت رئاسة الجمهورية الايرانية بشدة على اجراء علي لاريجاني مدير الاذاعة والتلفزيون بحذف فقرات من حديث الرئيس محمد خاتمي مع طلبة جامعة طهران في مستهل الاسبوع الحالي، وعدم بث اسئلة الطلبة وردود خاتمي عليها. وكان المئات من طلبة جامعة طهران قد استقبلوا خاتمي في جامعة طهران السبت الماضي بهتافات مناهضة لرئيس السلطة القضائية.

كما طالب الطلبة خاتمي بتنفيذ وعوده الاصلاحية او ان يقدم استقالته. ووجهوا اسئلة محرجة للغاية اليه حول اسباب عدم اجراء استفتاء في البلاد لتحديد ما اذا كان الشعب لا يزال يؤيد وجود شخص غير منتخب باسم الولي الفقيه على رأس النظام، وتحديد حدود صلاحيات رئيس الجمهورية، واسئلة اخرى بشأن اجراءات السلطة القضائية غير الشرعية ضد الصحف ونشطاء الائتلاف الوطني الديني والطلبة. ورد خاتمي على جميع الاسئلة بهدوء وأكد على انه لن يتراجع عن وعوده للشعب، وسيواصل عمله من اجل تعزيز أسس المجتمع المدني وصيانة الدستور وسيادة الشعب.

وبأمر من مدير الاذاعة والتفزيون تم حذف جانب مهم من تصريحات خاتمي، تضمنت انتقادات للاقلية المناهضة للاصلاحات، وحلفاء لاريجاني مثل رئيس القضاء، وزعيم جمعية «المؤتلفة» اليمينية حبيب الله عسكر اولادي، وأمين مجلس صيانة الدستور احمد جنتي. وتجدر الاشارة الى ان قناة «ان. تي. في» الفضائية الفارسية التي تبث برامجها من لوس انجليس اعلنت انها ستبث الشريط الكامل لجلسة حوار خاتمي مع الطلبة بعدما حصلت على نسخة منه من داخل ايران.