هل كان صاحب «الحذاء المتفجر» مجرد بالون اختبار لمجموعة تخطط لعمليات لاحقة؟

TT

اذا كان ريتشارد ريد واحدا من ارهابيي «القاعدة» الذين ارسلوا للقيام بتفجير طائرة ركاب، فان اسلوبه قد يكون مختلفا عن اساليب اتبعها مختطفو الطائرات عند قيامهم بهجمات 11 سبتمبر (أيلول) المتميزة بدرجة عالية من التنسيق. فأولئك المختطفون التزموا العمل السري لفترة طويلة، حيث نجحوا بشكل بارع بالتكتم على انشطتهم الى حين حلول موعد الضربة.

اما في حالة ريتشارد ريد الذي حاول حسب شهود عيان اشعال فتيل متفجرات اخفاها في حذائه، فغياب السرية واضح للغاية. اذ لم يقم المتهم بأي جهد لتجنب اثارة الانتباه اليه قبل صعوده الى الطائرة التابعة لشركة الطيران «أميركان إيرلاينز» على رحلتها المتوجهة من باريس الى ميامي يوم السبت الماضي. فالبطاقة التي اشتراها كانت للذهاب فقط ولم يصطحب اي حقيبة معه. وبالنسبة للركاب الذين في طريقهم للصعود الى نفس الطائرة، بدا ريتشارد ريد «شخصا ممسوسا» حسب وصف أحدهم لاحقا.

وحتى حينما اصبح على متن الطائرة، كان بامكان ريتشارد ريد ان يذهب الى الحمام لاشعال المتفجرات واسقاط طائرة البوينغ 767، بعيدا عن الانظار. لكنه بدلا من ذلك راح يحاول من مقعده ذي الرقم 29 اشعال اعواد الثقاب بطريقة خرقاء حتى تمكن بعض من افراد طاقم الطائرة والركاب السيطرة على حركته، لتقوم الطائرة بالهبوط الاضطراري في مدينة بوسطن الاميركية.

والحادث الذي وقع على متن الطائرة الأميركية، يثير السؤال التالي: هل يمكن ان يكون ريد (28 سنة) واحدا من ارهابيي بن لادن الذين هم في طور التدريب، وان يكون قد ارسل لاختبار الاجراءات الأمنية الجديدة المتبعة في الرحلات الجوية؟ او انه ليس سوى شخص أخرق يعمل لوحده؟ وربما كانت هذه التساؤلات هي السبب في دفع بعض خبراء الارهاب الى التاكيد بانه لم يكن يسعى الى تفجير الطائرة.

فحسب رأي رينولد هوفر، وهو من خبراء الارهاب الجوي، فان «أفعال ريتشار ريد تشير الى انه لم يكن يريد المضي الى النهاية في عملية تفجير الطائرة.. فهذا الشخص قد فضح نفسه بنفسه. مع ذلك فأنا اظن انه حصل على دعم من جهة اخرى. ربما كانوا (الذين ارسلوه) يحاولون معرفة ان كان ممكنا اختراق الاجراءات الأمنية لمن يحمل متفجرات كهذه».

مع ذلك لا يزال السؤال برسم الاجابة، ويصعب التأكد مما اذا كان الدعم الذي تلقاه ريتشارد ريد قد أتى من بن لادن؟ وحسب ما قاله مسؤولون في ولاية ماساشوسيتس حيث يحتجز ريد حاليا، فانه كان متعاونا معهم. ومن المتوقع احضار المتهم البريطاني الى المحكمة اليوم لمواجهة تهم الاعتداء على طاقم الطائرة. ولا يستبعد المسؤولون ان توجه له تهم اخرى اذا ثبت انه قضى وقتا في معسكرات «القاعدة» بأفغانستان ولا يستبعد مراقبون احالة ريتشار ريد الى محكمة عسكرية. اذ ان الرئيس بوش قد أنشأ نظاما قضائيا لمحاكمة الأجانب المتهمين بالقيام بأعمال ارهابية ضد الولايات المتحدة.

وتجدر الاشارة الى ان الخطة التي اتبعت في حادثة يوم السبت الماضي، شبيهة بخطة أخرى قيل ان أسامة بن لادن قد وضعها. والخطة الاخيرة تحمل اسم «بوجينكا» وتنص على استخدام قنابل لتفجير اكثر من عشر طائرات ركاب فوق المحيط الهادئ، في سنة 1995. لكن تلك المؤامرة احبطت بعد انفجار جهاز يسمى بقنبلة الاختبار كان موضوعا على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الفلبينية عام 1994. وتمخض ذلك الانفجار عن مقتل راكب واحد وجرح العديدين.

من جهته، اعرب عبد الحق بكر، رئيس مجلس أمناء مسجد بريكستون الذي تردد عليه ريد حتى العام 1998، عن شكه في كون ريد قد «ارسل (لتنفيذ المحاولة) من باب الاختبار» من قبل مسلمين متطرفين. واضاف «حقا، نحن نعتقد بأن احداثا خطيرة باتت وشيكة». وقال بكر إن المسجد قد استقطب بعض المتمردين الشباب مثل ريد، والذين كانوا في السابق من مرتكبي الجنح البريطانيين او من المهاجرين المعزولين مثل موساوي، وهؤلاء لا يعتبرون صيغة الاسلام التي يؤمن بها المركز متطرفة بما فيه الكفاية. وزاد ان بعض المصلين الذين يقدر عددهم الاجمالي بـ500 شخص، يخضعون لتأثير متشددين اسلاميين يروجون لأفكارهم المتطرفة عن الاسلام. ونسب الى بكر قوله ان ريد كان يرتدي ثيابا غربية حين بدأ بالتردد على المسجد، بيد انه سرعان ما استبدلها بملابس عسكرية وصار يحمل حقيبة على ظهره.

* خدمة «يو.إس.إيه توداي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»