فيديو بن لادن الأخير يثير تساؤلات حول تاريخ تسجيله ومصير زعيم «القاعدة»

بن لادن بدا منهكا وبعض الأحداث التي تناولها في الشريط ترجح تسجيل الشريط قبل أكثر من شهر

TT

أثار شريط الفيديو الذي بثت محطة الجزيرة اول من امس مقتطفات منه وبثته كاملا امس الكثير من التساؤلات حول محتواه وتاريخ ومكان تسجيله وقدم من الاسئلة اكثر مما قدمه من اجوبة عن مصير زعيم القاعدة ومكان وجوده وسط معلومات متضاربة منذ بدء العمليات العسكرية في افغانستان قبل نحو شهرين. ولم يخف مسؤولو الاستخبارات الاميركية دهشتهم لظهور الشريط الذي لا يستبعد ان يكون رسالة من زعيم القاعدة مفادها بأنه حي يرزق. ووقف المحللون الاستخباراتيون عند بعض الاحداث التي سردها أسامة بن لادن لتحديد تاريخ تسجيل الشريط مثلما استوقفتهم هيئته وملامحه في محاولة للخروج بصورة عن الحالة الصحية لزعيم القاعدة. ففي ما يتعلق بتاريخ التسجيل استوقف اجهزة الاستخبارات قول بن لادن «بعد مرور ثلاثة اشهر على الضربات المباركة ضد الكفر العالمي» في اشارة الى تفجيرات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي في نيويورك وواشنطن وقوله ايضا «بعد شهرين تقريبا على الحملة الصليبية الشرسة على الاسلام» في اشارة الى بدء العمليات العسكرية في افغانستان في 7 اكتوبر (تشرين الاول). فهاتان الاشارتان توحيان بأن الشريط سجل قبل نحو اسبوعين. ولكن ما اربك المحللين هو اشارة بن لادن ايضا الى قصف طائرات اميركية «قبل ايام» لمسجد في خوست حيث قال ان مصلين كانوا فيه قتلوا، وكذلك قصف مكان قريب كان يجتمع فيه الوزير في حكومة طالبان المنهارة جلال الدين حقاني مع عدد من الاشخاص وقوله ان حقاني نجا من القصف. وأكدت القيادة المركزية الاميركية ان القصف «الخاطئ» المذكور وقع في 16 نوفمبر(تشرين الثاني) مما يعيد تاريخ تسجيل الشريط الى حوالي شهر مضى. ويثير شريط الفيديو اسئلة مماثلة بالنسبة لمحتواه والهدف من ارساله او بثه في هذا الوقت بالذات. ومن التساؤلات في هذا السياق: هل سجل بن لادن هذه الرسالة المصورة حتى يثبت للعالم انه حي يرزق؟ ويقول الصحافي الباكستاني حامد مير الذي كان آخر من أجرى مقابلة مع بن لادن في الثامن من الشهر الماضي «اعتقد ان النقطة الرئيسية التي جعلته يعلن عن هذا الشريط هو انه يريد ان يقول للعالم وخاصة الاميركيين.. انا حي». واضاف مير «كل ما قاله تقريبا ليس جديدا»، قبل ان يضيف «ولكن يمكنني ان اقول ان هناك امرا واحدا مختلفا عن اخر لقاء معه في 8 نوفمبر (تشرين الثاني).. كان في ذلك الحين في صحة طيبة... وفي احدث شريط يبدو نحيلا للغاية او ربما منهكا». واوضح مير ان بن لادن يسجل شرائطه باستخدام كاميرتين ولكن الشريط الاخير يبدو انه سجل باستخدام كاميرا واحدة. وقال عن اللقاءات التي كان يجريها معه «كان هناك اكثر من 12 شخصا حولنا... ولكن الان من المحتمل انه يتنقل مع ثلاثة او اربعة». وظهر بن لادن في الشريط جالسا والى جانبه بندقية ويرتدي سترة عسكرية. واللافت انه لم يحرك ساعده الايسر مما حمل بعض المحللين على الاعتقاد بأنه ربما كان مصابا. ومرر بن لادن مرارا لسانه على شفتيه الجافتين، ما يرجح ان الشريط سجل خلال شهر رمضان الذي انتهى في 15 الجاري. كما لم يظهر معه اي من اعوانه بعكس الحال في الشريطين السابقين اللذين سبق ان عرضتهما نفس المحطة. كما بدا شاحبا ومنهكا وانحف مما كان عليه في اشرطة الفيديو السابقة. واذا كان شريط الفيديو الذي ضبطته القوات الاميركية في منزل في جلال آباد ويتحدث فيه بن لادن بصوت غير واضح عن هجمات 11 سبتمبر ترك تساؤلات حول صحة الشريط فان الشريط الجديد بدد في نظر بعض المراقبين اية شكوك قد لا تزال تساور البعض حول مسؤولية زعيم القاعدة عن تلك التفجيرات واخرى قبلها بوصفه التفجيرات بـ«المباركة» واعتباره اعماله «ارهابا محمودا» في اشارته الى تفجير السفارتين الاميركيتين في كينيا وتنزانيا عام .1998 وقال بن لادن في مستهل رسالته «انه بعد مرور ثلاثة اشهر على الضربات المباركة ضد الكفر العالمي، ضد رأس الكفر اميركا، وبعد شهرين تقريبا على الحملة الصليبية الشرسة على الاسلام، يطيب لنا ان نتحدث عن بعض دلالات هذه الاحداث، فهذه الاحداث بينت امورا كثيرة في غاية الاهمية للمسلمين. فقد اتضح بجلاء ان الغرب عامة وعلى رأسه اميركا يحمل من الحقد الصليبي على الاسلام ما لا يوصف». وساق بن لادن العديد من الامثلة على ما وصفه بـ«الحقد الصليبي» الاميركي الذي قال انه تسبب «بابادة قرى بأكملها بدون ذنب، وتشريد الملايين». وقال «هؤلاء الذين يدعون الانسانية ويدعون الحرية رأينا اجرامهم الحقيقي. الانسان تكفيه شظية (لتقتله) وزيادة عليه، اميركا من حقدها على طالبان والمسلمين كانت ترمي على اخواننا قذائف تصل القذيفة الواحدة منها الى سبعة اطنان». واشار بن لادن الى تفجير السفارة الاميركية في نيروبي في 1998 وقال «عندما قام منفذوها نرجو الله ان يتقبلهم شهداء، فعندما فجر الشبان اقل من طنين في نيروبي، قالت اميركا انه ارهاب، وتدمير شامل». وقال بن لادن ان الاميركيين يقولون ذلك في حين انهم يقصفون «قرى بأكملها. هذا هو الاجرام بعينه واضح بين، وكل ما تسمعون من قولهم (.. ) من الكذب الواضح البين». واضاف «هذا هو الحقد الصليبي»، موجها تحذيرا الى من يتهمونه بالارهاب قائلا «فلينتبه الذين يرددون الكلام دون ان ينتبهوا الى عواقبه، ويقولون نحن ندين الارهاب، نحن ارهابنا ضد اميركا هو ارهاب محمود لدفع الظالم عن ظلمه، لكي ترفع اميركا دعمها عن اسرائيل التي تقاتل ابناءنا». ويأتي شريط الفيديو الذي وصفته واشنطن بأنه «دعاية ارهابية» في وقت لا تعرف الادارة الاميركية مصير بن لادن أو مكان وجوده. اذ قال وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ان التقارير الاستخباراتية حوله متضاربة، مشيرا الى ان بعضها يقول انه قتل في ضربات جوية الشهر الماضي في احد كهوف تورا بورا في حين تشير اخرى الى انه فر الى باكستان بينما تقول تقارير انه لا يزال حيا يرزق في افغانستان. وتفادى بن لادن، على مايبدو في شريط الفيديو الاخير «الاخطاء» التي ارتكبها في رسالتيه المصورتين السابقتين اللتين ظهر فيهما امام تشكيلات من الصخور الرملية يعتقد ان الاستخبارات الاميركية حددت مكانها بدقة. ففي الرسالة الاخيرة اختار بن لادن ستارة بدت انها من انواع القماش التي تستخدم في صنع الخيام. واشار الصحافي الباكستاني مير الى ان الخلفية تبدو انها نفس البطانية البنية التي كان يعلقها وراءه لاخفاء اي معالم خلال اللقاءات التي كان يجريها معه الصحافي. ولخص مسؤول في الادارة الاميركية موقف واشنطن من الفيديو الجديد بقوله «انه من نفس الحقد على الغرب الذي الفناه من بن لادن.. انه لم يأت بجديد وبالتأكيد لا يسلط اي ضوء على مكان وجوده الآن او ما اذا كان على قيد الحياة».