التوتر يرتفع بين معتدلي مسجد بريكستون الذي زاره صاحب «الحذاء المتفجر» ومتشددين إسلاميين.. ووزير الداخلية البريطاني يلوح بإجراءات حازمة

TT

كُشف امس أن علاقات القائمين على مسجد بريكستون بجنوب لندن قد ازدادت توتراً مع متطرفين إسلاميين ينشطون في لندن، ومعظمهم من أصول عربية. جاء ذلك في أعقاب تسليط عبد الحق بكر، رئيس مجلس امناء المسجد الذي تردد عليه لحوالي سنتين ريتشارد ريد صاحب «الحذاء المتفجر»، الضوء على نشاط المتشددين ومحاولاتهم الدائبة لتجنيد الشباب المسلم في المنطقة الفقيرة. وشدد بكر على ان ريد (28 عاماً) الذي خطط لتفجير طائرة ركاب أميركية بواسطة متفجرات بلاستيكية اخفاها في حذائه، لم يقم بمحاولته منفرداً.

وبينما بدأ ماضي ريتشارد ريد الملقب بعبد الرحيم في التكشف، عمد بكر أول من أمس الى التحدث بإسهاب لـ«الشرق الأوسط» وعدد من وسائل الاعلام العالمية، عن الخطر الذي يمثله المتشددون الاسلاميون. وأعرب عن قلقه البالغ من نجاح المتطرفين بدفع الكثيرين الى التورط فيما يسمى بـ«الحرب ضد أميركا وبريطانيا»، الامر الذي يعني أن هناك «المئات على الاقل من الشباب المهيأين للقيام بما قام به الاخ عبد الرحيم». ولفت الى أن المتطرفين يمارسون ضغوطاً على الشبان الغاضبين السذج، بفضل إتقانهم اللغة العربية لغة القرآن الكريم. ونسب الى بعض المصلين في المسجد أن المتشددين يلجأون أحياناً الى إغواء الشباب بالمال، وهم كثيراً ما «يتصيدونهم» في محلات عامة وحوانيت لبيع اللحم الحلال أو مراكز يقدم فيها المتطرفون «عظاتهم».

بيد ان صحيفة «التايمز» اللندنية نقلت عن بكر قوله امس انه يفكر جدياً بالهجرة عن بريطانيا، للتخلص من الحملة التي يشنها المتطرفون ضده وضد إخوانه المعتدلين الذين يديرون مسجد بريكستون. وأضاف «إذا ألقيت قنابل حارقة على المسجد، فسيكون هناك متطرف اسلامي وراء ذلك».

وبينما أورد بكر مراراً اسم أبو حمزة المصري وأبو قتادة الفلسطيني وفيصل الجامايكي، كناشطين يقودون حملة المتشددين المعادية، فقد شدد على أن السلطات البريطانية المعنية لم تحمل على محمل الجد تحذيراته من المتشددين الذين لا يزالون يسرحون ويمرحون في لندن. ولما سُئل عن الاجراءات الاخيرة التي بدأت وزارة الداخلية البريطانية بتطبيقها للحد من خطر التشدد «الارهابي»، اكد بكر أنها ليست سوى «إجراءات محدودة جاءت متأخرة جداً». واعتبر ان التعامل بصرامة مع المتطرفين كان سينقذ «الساذج» ريتشارد ريد منهم. ومع أن بكر أكد ان ريد، سافر الى باكستان بعد انقطاعه عن المسجد بين 1997 و1998، فهو لم يستطع الجزم بأن صاحب «الحذاء المتفجر» توجه من هناك الى أفغانستان للخضوع الى تدريبات عسكرية في معسكرات «القاعدة». وعزا بكر جهله بذلك، لأنه لم يكن وقتها على علاقة بريد الذي أخذ ينحو منحى أكثر تطرفاً خصوصاً لجهة فهمه للجهاد في الاسلام. كما اعتذر ايضاً عن عدم الحديث عن المتطرفين الذين جندوا ريد في بريطانيا وأقنعوه بضرورة البحث عن مكان «للجهاد في سبيل الله».

بيد أن الادلة تدل بقوة على أنه كان على صلة بتنظيم «القاعدة» بزعامة أسامة بن لادن. فهو التقى زكريا موساوي الفرنسي المغربي الأصل الذي وجه اليه الاتهام في الولايات المتحدة في اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول)، بشهادة القائمين على مسجد بريكستون الذي تردد عليه الاثنان. ومعروف ان موساوي، معتقل بتهمة التورط في نشاطات «القاعدة» الارهابية. ومن ناحية ثانية، أكد محققون أميركيون أن سجناء «القاعدة» في أفغانستان قد تعرفوا عليه كشخص تلقى تدريباته معهم. إلا أن المحققين اعترفوا بأنهم ليسوا «في موقع يسمح لنا بتأكيد ذلك، لاننا لم نحقق بعد في المسألة، لكننا نتابع ذلك حالياً، بكل تأكيد».

إلى ذلك، أثارت أمس قضية الحرية المزعومة التي يتمتع بها المتشددون الاسلاميون في بريطانيا، قدراً لا بأس به من الجدل في الاوساط السياسية. ومن جانبه، اكد ديفيد بلانكيت، وزير الداخلية عزمه على اتخاذ الاجراءات اللازمة إذا ثبت ان الاسلاميين يقومون بتجنيد الناشطين الشباب بحرية في شوارع لندن. بيد ان اوليفر ليتوين، وزير الداخلية في حكومة الظل المحافظة، أشار الى أن وجود علاقة بين ريد ومنظمات إسلامية عاملة في بريطانيا من شأنه ان يؤكد «فشل الاجهزة الامنية في التعرف عليه في الوقت المناسب». أما سايمون هيوز، الناطق باسم الديمقراطيين الاحرار لشؤون الداخلية، فلفت الى ضرورة عدم المبالغة في التعاطي مع هذه الظاهرة، موضحاً ان التطرف لا يقتصر على المسلمين وحدهم بل لليهود والمسيحيين في بريطانيا حظهم منه ايضا.