المعارضة الصومالية تستعد لاقتحام مقديشو عنوة وسقوط 22 قتيلا بعد يومين من اتفاق نيروبي

TT

بدا أمس ان فصائل المعارضة المناوئة للحكومة الصومالية الانتقالية انخرطت في نشاط عسكري محموم استعداداً لهجوم واسع النطاق، تقول معلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط» ان المعارضة الصومالية بصدد شنه ضد العاصمة مقديشو لاسقاط الحكومة الصومالية وطردها من السلطة التي تولتها قبل خمسة عشر شهراً.

واندلع أمس قتال عنيف في حي مدينة (جنوب غربي مقديشو) بين فصيلين صوماليين بعد اقل من 48 ساعة على اتفاق السلام الذي وقعته الحكومة الانتقالية مع عدد من معارضيها في نيروبي برعاية الرئيس الكيني دانييل اراب موي.

وطبقاً لمصادر صومالية فان القتال اندلع في الساعة الرابعة صباحاً بتوقيت العاصمة مقديشو (الواحدة صباحاً بتوقيت غرينتش) عندما حاولت الميليشيات المسلحة المؤيدة لزعيم الحرب الصومالي المعروف موسى سودي يالاهو السيطرة على منطقة خاضعة لقائد قواته السابق عمر محمد محمود الذي انشق على يالاهو وشارك في توقيع اتفاق السلام الذي ابرمته الحكومة الانتقالية مع بعض قادة الفصائل المناوئة لها.

ولم ترد تقارير محايدة حول عدد القتلى أو الجرحى الذين سقطوا نتيجة هذه الاشتباكات الدامية التي استمرت خمس ساعات على أقل تقدير، بينما خسرت ميليشيات يالاهو عربتين لنقل الأسلحة الثقيلة. بينما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية ان 22 على الاقل قتلوا وجرح خمسون صباح امس في مواجهات عنيفة اندلعت بين الفصائل المتنازعة حسب ما صرحت به جمعية محلية لحقوق الانسان.

وينتمي يالاهو وقائد قواته السابق الى قبيلة ابجاد وهما من فخيذة داود، مما يعني انهما ابناء عمومة.

ويترأس يالاهو مجلس التحالف الصومالي والكونغرس الصومالي الموحد كما انه أحد اعضاء مجلس الاحياء والمصالحة الذي يحظى بدعم وتشجيع الحكومة الاثيوبية.

وأصدر يالاهو أمس بياناً شن فيه هجوما حادا على اتفاق نيروبي ووصفه بأنه مجرد اجتماع للجماعات الإرهابية.

وقال البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه عبر البريد الالكتروني ان الاجتماع لن ينجح في تحقيق أي شيء مفيد للشعب الصومالي، موضحاً انه لم يرسل أحداً ليمثله في هذا الاجتماع الذي يكرس الانقسام والتشرذم بين الصوماليين.

وأفاد راديو مقديشو ان القتال الذي اندلع بين القوات المؤيدة لكل من موسى يالاهو وقائده السابق عمر محمد محمود عند الفجر أدى الى توقف الحركة المرورية من حي وادجير الى بقية أحياء العاصمة الصومالية.

وأكد الراديو ان المئات من المواطنين بدأوا عملية نزوح جماعي تحسباً لاستمرار هذه الاشتباكات، بينما عجز مئات آخرون عن الخروج من منازلهم منذ الساعات الأولى من صباح أمس.

لكن القائد السابق لقوات يالاهو والملقب بـ«فينيش» اعتبر ان الاشتباكات التي تهدف الى اسقاط اتفاق نيروبي الأخير لن تنجح في مسعاها.

وقال فينيش في تصريحات تلقت «الشرق الأوسط» نصها من مقر اقامته الحالي في العاصمة الكينية نيروبي «ان هذا القتال لن يفلح سوى في تأكيد عزيمتنا على المضي قدماً في اتفاق المصالحة وبذل الجهود لتحقيق السلام والاستقرار للمواطنين». واعرب عن أسفه لوقوع خسائر وقتلى لم يحددهم خلال هذه الاشتباكات.

وتسيطر الميليشيات التابعة لـ«فينيش» على حي مدينة الذي اعتاد موسى يالاهو زعيم الحرب الصومالي بسط سيطرته عليه خلال الحرب الأهلية الطاحنة التي شهدها الصومال منذ عام .1991 ولم يصدر أي رد فعل رسمي من الحكومة الانتقالية بشأن هذه الاشتباكات كما لم يتضح بعد ما اذا كانت الحكومة تعتزم دعم حليفها الجديد عمر محمد محمود وارسال قوات لتعضيد موقفه في القتال الجاري مع غريمه يالاهو.

وقال مصدر صومالي مسؤول لـ«الشرق الأوسط» ان الحكومة قد تتدخل اذا كانت قوات «فينيش» غير قادرة على حسم هذه المعركة، معتبراً ان هذا التدخل يندرج في اطار مهام الحكومة لتحقيق الأمن والاستقرار المفقودين في العاصمة مقديشو.

على صعيد آخر، وتأكيداً لمعلومات سبق ان نشرتها «الشرق الأوسط» بشأن اعتزام قادة المعارضة الصومالية المحسوبين على اثيوبيا تشكيل جيش موحد قوامه أربعة آلاف مسلح، ذكرت مصادر وثيقة الاطلاع ان 370 من الميليشيات التابعة لزعيم الحرب الصومالي حسين عيديد قد وصلت أمس الى مدينة بيداوة «جنوب وسط الصومال».

ومن المتوقع وصول قوات لموسى سودي يالاهو والجنرال محمد سعيد هيرسي الملقب بمورجان الى نفس المدينة بحلول رأس السنة الميلادية الجديدة.

واوضحت المصادر ان ضباطا من الجيش الاثيوبي وصلوا بالفعل الى مدينة بيداوة للاشراف على تدريب وتسليح جيش المعارضة الصومالية.

ويسود اعتقاد كبير بأن الاستخبارات الاميركية CIA هي المخطط والممول الحقيقي لهذه القوات التي قد تستخدم كبديل عن تدخل مباشر من القوات الاميركية اذا ما قررت الولايات المتحدة توجيه ضربة عسكرية ضد ما تقول انها معسكرات لإيواء وتدريب الإرهابيين من تنظيم الاتحاد الاسلامي.

على صعيد مواز، شهدت مناطق سكنية في العاصمة الصومالية مقديشو مظاهرات شعبية تأييداً لاتفاقية نيروبي التي وقعتها مؤخراً الحكومة الانتقالية مع بعض معارضيها.

ودعت المظاهرات السلمية التي نظمتها جمعيات المرأة الصومالية الولايات المتحدة الى الامتناع عن التهديد باستخدام القوة العسكرية ضد الصومال، وهتفت المتظاهرات «نريد سلاماً وصومالا موحداً، ولا نريد المزيد من القتل والدمار».