معركة زعيم «العمل» الإسرائيلي الجديد الأولى ستكون مع بيريس حول قيادة وزراء الحزب في الحكومة

بن أليعزر يدعو منافسه الخاسر للعمل يداً بيد لإنقاذ الحزب وإعادته إلى صدارة الخارطة السياسية في إسرائيل

TT

بانتهاء فرز الاصوات، في الانتخابات الداخلية لحزب العمل الاسرائيلي، الليلة قبل الماضية، اعلن عن فوز وزير الدفاع بنيامين بن اليعزر، برئاسة الحزب والترشيح باسمه لرئاسة الحكومة في الانتخابات المقبلة. واعترف منافسه، رئيس الكنيست ابراهام يورغ بهزيمته، لكن بن اليعزر دعاه الى العمل يدا بيد لانقاذ الحزب واعادته الى صدارة الخارطة السياسية في اسرائيل.

ومن المفارقات ان اكثر السعداء بهذا الفوز كان رئيس حزب الليكود المنافس، رئيس الوزراء ارييل شارون، اذ ان بن اليعزر معروف بسياسته اليمينية العسكرية، وهو من اقرب الوزراء الى شارون. واما اكثر القلقين من فوزه فهو وزير الخارجية، شيمعون بيريس، الذي يقود كتلة وزراء حزب العمل في حكومة شارون. وستكون معركة بن اليعزر مع بيريس لانه سيطالبه بالتخلي عن منصبه هذا، باعتبار ان رئيس الحزب (اي بن اليعزر) هو الاحق به. ويقترح بن اليعزر ارضاء بيريس بتعيينه رئيسا فخريا لحزب العمل.

يذكر ان الانتخابات الداخلية في حزب العمل، كانت قد جرت قبل ثلاثة اشهر، وفاز فيها بورغ، الا ان بن اليعزر رفض الاعتراف بالهزيمة، واتهم بورغ بالتزوير، وقدم اعتراضات على حوالي 30 صندوقا انتخابيا، معظمها في القرى العربية الدرزية، حيث لم تجر انتخابات فعلية. بل اتفق النشطاء من الطرفين على توزيع الاصوات في ما بينهم وسجلوا نسبة تصويت عالية 90% ـ %96. وحاول بورغ تجاهل الاتهامات والعبور عنها. لكن المحكمة الدستورية في الحزب قبلت الاستئناف. وعندها تقدم بورغ باستئناف على نتائج صناديق اخرى، فاز بها بن اليعزر.

وهكذا، تقررت اعادة الانتخابات في 51 صندوقا. وجرت الانتخابات، اول من امس. وكانت شبه صورية. فقد قاطع الدروز الانتخابات ولم يشارك منهم فيها سوى 1%. وبلغت نسبة المصوتين العرب عموما 8%. وحتى بين اليهود لم تزد النسبة عن 30 في المائة. ومن مجموع 12400 صاحب حق اقتراع في هذه الانتخابات المعادة لم يحضر سوى 3200. لكن هذا الرقم الهزيل، كان كافيا لان يغير النتيجة لصالح بن اليعز.

ويعزو المراقبون هذا الانتصار الى موقف اعضاء حزب العمل الدروز الذين قرروا سلفا مقاطعة الانتخابات. ومع انهم برروا هذه المقاطعة «بالاحتجاج على اتهامنا بالتزوير»، الا انه في الواقع كان لعبة سياسية من قائدهم الوزير صالح طريف. فهو محسوب على بورغ. وفوجئ بانه فاز فقط بفارق 300 صوت في حينه. وتوقع ان تؤدي اعادة الانتخابات، في كل الاحوال، الى حدوث انقلاب لصالح بن اليعزر. وهو لم يرد الوصول الى هذه اللحظة، وهو ما زال محسوبا على بورغ. عندها، سوف يخسر مكانته، وسيحل محله احد النشطاء الدروز الكثيرون في معسكر بن اليعزر. ولهذا، دعا الى المقاطعة. فاذا فاز بورغ، تكون مكانته محفوظة. واذا فاز بن اليعزر، سيعزو نصره اليه وينال احترامه.

يذكر ان فوز بن اليعزر لم يكن مجرد صفقة اصوات ومعركة تنظيمية. فقد كان ذلك صراعا بين تيارين اساسيين في حزب العمل. وفاز تيار اليمين والوسط الذي يمثله بن اليعزر، ويقف الى جانبه ايهود باراك، رئيس الوزراء السابق، وقدامى اعضاء الحزب. وهزم التيار اليساري والسلمي بقيادة بورغ ومشاركة يوسي بيلين ونواف مصالحة وغيرهم من انصار السلام.

ووقف الى جانب بن اليعزر، مجموعة من اصحاب النفوذ في الحزب، الذين لا يؤمنون به وبقدراته وينظرون اليه كقائد مؤقت، خصوصا انه كان قد نوى اعتزال السياسة، بعد سقوط باراك في مطلع هذه السنة. فقد رأى هؤلاء ان فوز بورغ سيعطي لحزب العمل صبغة يسارية راديكالية. وبهذه الصبغة لن يؤيده الناخبون ولن يرى فرقا جوهريا بينه وبين حزب ميرتس اليساري. فقرروا دعمه. بشكل مؤقت، على ان يبنوا شخصية قيادية عسكرية معروفة لقيادة الحزب بعد سنة او سنتين، مثل: عامي ايلون، رئيس المخابرات العامة السابق، او رون خلوائي، الجنرال المتقاعد الذي يرأس بلدية تل ابيب ـ يافا بنجاح، او الجنرال المتقاعد عمرام مستناع، الذي يرأس بلدية حيفا بنجاح، وغيرهم.

ولكن بن اليعزر، بدأ منذ اللحظة الاولى لانتخابه، يثبت انه يريد ان يعترف به كقائد للحزب لفترة طويلة. وهو يضع نصب عينيه نموذج شارون. فهو ايضا، انتخب رئيسا مؤقتا لحزب الليكود، بعد بنيامين نتنياهو سنة 1999. والجميع قالوا انه لن يقود الحزب الى الانتخابات فهو مسن في الثالثة والسبعين من العمر. ولن يستطيع قيادة الحزب. لا بل ان نتنياهو امتنع عن منافسته في مطلع هذه السنة، عشية الانتخابات على رئاسة الحكومة. وقال ان المعركة محسومة لصالح باراك.

وفاجأ شارون الجميع. وفاز فوزا ساحقا (65%: %35) على باراك مستفيدا من كبر سنه بالذات «فاسرائيل تحتاج الى قائد صاحب تجربة غنية، وليس الى جنرال جيد مثل باراك لكنه عديم التجربة». وها هو شارون رئيس حكومة، ويخطط لان ينتخب دورة اخرى ايضا.

ويلاحظ ان بن ا ليعزر استخدم الحجة نفسها، فتحدث عن ضرورة ان يقود حزب العمل رجل ذو تجربة غنية في العمل السياسي والعسكري (وهو شخصيا في الـ65 من العمر. وخلغ البزة العسكرية وهو برتبة عميد. وكان آخر مناصبه العسكرية حاكما للضفة الغربية. وشغل عدة مناصب وزارية) وليس شابا عديم التجربة.

ويذكر ان بن اليعزر من انصار البقاء في حكومة الوحدة تحت قيادة شارون. ويعتقد ان خروج حزب العمل منها يعني، حاليا، الانتحار، على عكس بورغ الذي يرى ان بقاء الحزب في الحكومة هو الانتحار. وسيواجه بن اليعزر مشكلة جدية مع حزبه في هذه الناحية، اذ ان الغالبية الساحقة من القيادة تؤيد الانسحاب، والجلوس في المعارضة، من اجل التنوع لاعادة ترميم الحزب واستعادة اعضائه وجمهوره.

وسيكون الامتحان الاول لرئيس حزب العمل الجديد، بن اليعزر، في كيفية التعامل مع بيريس، القائد التاريخي لحزب العمل. وينصحه الخبراء في عدم الدخول في مواجهة مع بيريس، مثلما فعل باراك في حينه وفقد الكثير من مؤيديه.