بري ينتقد الحريري ويعتبر التعيينات الإدارية أكبر فضيحة حصحصة وخصخصة في لبنان

TT

شن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري حملة عنيفة على رئيس مجلس الوزراء اللبناني رفيق الحريري على خلفية الخلاف القائم بينهما حول التعيينات الادارية. واتهمه بالتصرف كـ « لويس الرابع عشر» الذي حكم فرنسا في حقبته وفق مقولته «انا الدولة والدولة انا». واعتبر بري ان «اكبر فضيحة في فضائح الحصحصة والخصخصة حصلت» في التعيينات الادارية التي اقرها مجلس الوزراء اللبناني قبل اسابيع، وانتقد الحريري على قوله ان من سيعين في رئاسة مجلس ادارة الصندوق الوطني والضمان الاجتماعي ومديريته العامة «يجب ان يكون مقرباً من الدولة»، متسائلاً: «هل ان الذين يسميهم هو ليسوا من الدولة؟». ودعا للعودة الى الآلية التي وضعها مجلس الوزراء لاجراء التعيينات الادارية. وكرر اقتراحه تأجيل انعقاد القمة العربية الدورية المقررة في بيروت في مارس (آذار) المقبل لئلا يكون رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون الحاضر الاكبر فيها كما قال.

وشبه بري، في مؤتمر صحافي عقده امس، اقتراحه بتأجيل القمة العربية الدورية المقرر عقدها في بيروت في مارس (آذار) المقبل بحجر رماه في ما سماه «البحيرة العربية الراكدة» من اجل تحريك هذه البحيرة. وقال: « وجدت كثيرين من المسؤولين يحاولون ان يقولوا ان الكلام الذي قاله الرئيس بري، انما قاله بعد الزيارة التي قام بها الى سورية في محاولة لاظهار هذا الامر وكأنه موقف سوري. طبعاً من السخافة بمقدار كبير ان يكون التفكير بهذا المستوى. لماذا؟ بكل بساطة سورية هي احدى الدول العربية الفاعلة والاساسية ان ارادت تأجيل القمة العربية في لبنان شهراً او اثنين او خمسة او ستة اشهر او سبعة اشهر، ما بدها شي تستطيع ان تطلب التأجيل من الامانة العامة لجامعة الدول العربية. ومن يستطيع ان يقول لها «لا»؟... وفي الامكان ان يأتي هذا الامر من الشخص المختص الذي هو وزير الخارجية اللبنانية. لم اتنكر في اي يوم لشيء قالته لي سورية لأن تعاملي معها دائماً تهمة لا انكرها وشرف ادعيه. هذا كان موقفي دائماً. ولكن حقيقة الامر وملخصه هو انه نهار الاربعاء ليس الفائت بل الما قبله قبل انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب قلت يجب ان لا نذهب الى هذا المؤتمر لأني اخشى ان يتم نعي الانتفاضة وحصل. الآن اقول ان مؤتمر القمة العربية هو لربط مصير لبنان، وخصوصاً مزارع شبعا، بالقرار 242 وبالتالي هذا الامر ليس تكهناً. » واضاف :« اريد ان ارجع عبركم الى الناس لأقول ما هي القصة، حصلت احداث 11 سبتمبر (ايلول)، فبدلاً من ان يقف العرب، كل العرب، ويجتمعوا ويقولوا نحن ضد الذي حصل في 11 سبتمبر (ايلول) ضد الشعب الاميركي ونحن ضد الارهاب ونحن العرب، مجتمعين، مستعدون للوقوف الى جانب الولايات المتحدة الاميركية ومقاتلة هذا الارهاب ومقاومته ولكن دون ان نتخلى عن مبادئنا خصوصاً في موضوع الانتفاضة في فلسطين وفي موضوع الجولان السوري وفي موضوع مزارع شبعا ولبنان، بدلاً من ان يتخذ هذا الموقف راح كل بلد عربي يتصرف ليحمي رأسه. هذا الامر كنت حذرت منه وأعدت الى الاذهان آنذاك الموضوع الذي حصل ايام الدولة العثمانية والامبراطورية العثمانية وكيف اعطي وعد بلفور في الوقت الذي اعطينا نحن معاهدة سايكس ـ بيكو في المقابل. نبهنا الى هذا الامر. الاميركيون في رأيي كانوا ينتظرون هذا الموقف ولم يكونوا في لحظة من اللحظات يعتقدون ان العرب سيعطون كل ما اعطوا مجاناً. عملوا «كاريتاس»، انتظروا فوجدوا ان الجماعة «قبلانين» (موافقون) ولا يريدون شيئاً. وبعد قليل طوروا موقفهم ضد حركة «حماس»، ثم طوروه ضد حركة «الجهاد»، وطالما القاضي راضي «شو فارقة معهم». صار ما صار في موضوع الانتفاضة. والآن انتقلوا الى موضوع لبنان، لماذا نخفي الامر على العالم موضوع لبنان. مطروح الآن على بساط البحث، مطروح هذا الكلام الذي يحكى بالنسبة الى موضوع «حزب الله»، كأن المقاومة هي «حزب الله» فقط. المقاومة هي كل لبنان، حركات واحزاب وقيادات وشعب وكل شيء. هل من الآن وحتى شهرين ستتغير المعطيات حول هذا الموضوع؟ ما الذي سيصدر عن مؤتمر القمة العربي؟».

وسئل بري: ما هي المعطيات التي تجعلك تتخوف من ربط مزارع شبعا بالقرار 242؟ فأجاب: «لدي معطيات وغير التحليل لدي معلومات عما يحصل وماذا يطلب من لبنان».

وقيل لبري ان رئيس الحكومة رفيق الحريري رد من البطريركية المارونية على اقتراحك تأجيل القمة العربية بطريقة عابرة، فرد قائلاً: «الظاهر انها اصابت مقتلاً».

وسئل: هل رئيس الجمهورية اميل لحود والرئيس الحريري ليست لديهما المعطيات المتوافرة لديك؟ فأجاب: «لقد تحدثت مع فخامة الرئيس في هذا الموضوع البارحة (الاربعاء) ولمست منه تفهماً للموضوع».

وقيل لبري: لكن الرئيس لحود اصر على انعقاد القمة العربية في موعدها، فأجاب: «في هذا الموضوع أصر او لم يُصر، قد يكون لبنان ينتظر ان يأتي الكلام من غيره كي لا يقال انه هو الذي يطلب التأجيل».

وسئل بري: هل وافق الامين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عمرو موسى على التأجيل؟ فأجاب: «لا لم تكن هناك موافقة».

وسئل عما صدر من كلام عن السفير الاميركي في بيروت فنسنت باتل من تحريض لبعض الفئات اللبنانية ضد المقاومة؟ فأجاب: «نعم لقد طلب السفير الاميركي من وزير الخارجية اللبنانية جواباً على خطاب السيد حسن نصر الله في موضوع المدنيين وغير المدنيين. وعندما قالوا له ان لبنان بلد حر وكل لبناني يستطيع ان يعبر عن الرأي الذي يريد، قال: على الاقل يجب ان يكون هناك موقف لبناني متميز وليس بالضرورة ان يكون جواباً على حسن نصر الله، واعتقد ان هذا الموقف صدر اليوم. هذا الموقف المتميز الذي طلبته اميركا اليوم صدر كلام (عن الرئيس الحريري) مفاده ان تفاهم ابريل (نيسان) يدعو الى تجنيب المدنيين الاعمال الحربية». وسئل هل لموضوع تغييب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى موسى الصدر علاقة باقتراحكم تأجيل القمة العربية؟ فأجاب: «ان موضوع الامام الصدر، كما قلت سابقاً، لست صالحاً للحديث عنه على الاطلاق وليست له علاقة بما اقترحته. واني في اقتراحي اصر على عقد القمة في لبنان».

وسئل بري: هل الخلاف بينك وبين الرئيس الحريري حول التعيينات، وخصوصاً في ما يتعلق بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؟ وهل صحيح انك هددت بسحب وزرائك من الحكومة في حال تعيين الدكتور غازي يوسف مديراً للضمان؟ فأجاب: «في الحقيقة اني آسف شديد الاسف للكلام الذي سمعته اليوم (امس) على لسان الرئيس الحريري على باب البطريركية المارونية خصوصاً ان المناسبة هي مناسبة اعياد والمفروض ان تجمع الشمل اكثر. لقد وردت على لسانه كلمة انه سيأتي مدير للضمان محسوب على الدولة، فهل يا ترى ان الرئيس الحريري يعتقد انه هو الدولة هو لويس الرابع عشر الدولة انا وانا الدولة؟ هل يعتقد ان من يأتي بهم هو يكونون للدولة؟ والذين يسمون من غيره حتى ولو كانوا من مجلس الخدمة المدنية ليسوا للدولة؟ هل تعتقد الناس ان الذاكرة قصيرة الى هذه الدرجة فمن حفظ هذا العلم اللبناني ومن ابقى الدولة؟... والقصة وما فيها انكم تعلمون جميعاً ان آلية قد وضعت بعدما وضع قانون ينص على ان يقترح مجلس الخدمة المدنية التعيينات لكي لا يستمر القول ان هناك محاصصة. ولقد طعن المجلس الدستوري بهذا القانون. لم اطرح انا الفكرة ولقد طرحت في مجلس الوزراء وتضمنت اربعة بنود وهي اولاً الشفافية وعدم تمسك كل بمن عنده، انتبهوا الى كلمة شفافية. وثانياً ان يقترح الوزير الاسم الذي يريد ان يغيره والاسم الذي يريد تعيينه، وثالثاً ترسل الاسماء الى مجلس الخدمة المدنية كي لا تحصل انتقامات من قبل الوزراء، ورابعاً تعود المسألة الى مجلس الوزراء كي يدرس هذا الموضوع. قرأنا هذه الآلية في الصحف وصدقنا. وانا اقول دائماً وبمنتهى الصراحة: اذا لم يرد غيري حصة فأنا لا اريد حصة، واذا اراد غيري حصة فـ«على السكين يا بطيخ»... فضيحة في فضائح الحصحصة والخصخصة حصلت في هذه التعيينات، كنا ساكتين ولكن، هل يعقل القول أن الذي يجب تعيينه في الضمان يجب ان يكون للدولة؟ فمن هو ليس للدولة؟ ورداً على سؤال حول كيفية معالجة الازمة القائمة حول التعيينات، قال بري: «عليهم ان يعودوا الى الاصول التي اعلنوها». وسئل بري اذا كان يطالب بتغيير الحكومة، فأجاب: «انا لا اطالب بشيء». وقيل له: هل تعتبر ان هذا التصعيد سيكون عنوان المرحلة المقبلة؟ فاجاب: « لا، هذا جواب عيدية وفي العيد يتوافر للمرء وقت ليراجع نفسه، فليراجعوا انفسهم وليتقوا الله بالبلد وبأنفسهم، واذا لا، فإن من اصعد الحمار الى المئذنة عليه ان ينزله».

وقيل بري: «ان الرئيس الحريري قال ان هذه الحكومة مستمرة لهذا العام وللعام المقبل فهل هذا تجاوز لصلاحيات المجلس النيابي؟ فأجاب: «الرئيس الحريري يمون. وهو يمون على الدولة كلها، ألا يمون على المجلس وعلينا؟».

وهل هناك مصالحة قريبة او هناك نية للصلح، قال بري: «انا لست معادياً لأحد».