سناتور أميركي يؤكد أن بن لادن فر إلى باكستان والطيران الأميركي يكثف قصفه على جلال آباد

TT

قصف الطيران الأميركي بشكل مكثف التلال القريبة من مدينة جلال آباد الواقعة شرق أفغانستان، حيث يعتقد ان مقاتلين من تنظيم «القاعدة» لا يزالون مختبئين، في الوقت الذي اكد فيه رئيس الحكومة الأفغانية حميد كرزاي انه مصمم على اعتقال الملا محمد عمر زعيم حركة طالبان الهارب داخل البلاد وأسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة» الذي لا يعرف احد على وجه التحديد مكان وجوده.

وافادت وكالة الأنباء الاسلامية الافغانية التي تتخذ من باكستان مقرا لها ان المقاتلات الأميركية شنت الليلة قبل الماضية غارات على منطقة سبينغار (الجبال البيضاء) الواقعة على بعد 45 كلم جنوب جلال آباد. واعتبرت الوكالة ان هذا القصف يندرج في اطار عملية «التنظيف» التي تقوم بها القوات الأفغانية والأميركية لملاحقة مقاتلي «القاعدة» الذين قد يكونون لجأوا الى هذه المناطق بعد القصف الذي استهدف منطقة تورا بورا المجاورة الشهر الماضي. واضاف المصدر نفسه ان فرق كوماندوز أميركية بالتعاون مع أفغان لا تزال تبحث عن مخابئ محتملة لمقاتلي «القاعدة» في الجبال والوديان المحيطة بتورا بورا.

وبعد ان اكد مسؤول في الاستخبارات الأفغانية ان السلطات الافغانية تعرف المكان الذي لجأ اليه الملا عمر، اثر فراره، برفقة اربعة او خمسة اشخاص على متن دراجة نارية، من باغران في ولاية هلمند، قال رئيس الحكومة الأفغانية المؤقتة كرزاي ان مكان زعيم طالبان «غير معروف». وعندما سأله صحافيون خلال زيارته الى ملجأ للايتام في كابل عن مكان الملا عمر، اجاب كرزاي قائلا «لا اعلم. اننا نبحث عنه. وسنعتقله».

وبعد ثلاثة اشهر على بدء العمليات العسكرية في أفغانستان في 7 أكتوبر (تشرين الاول) الماضي، كرر الرئيس الأميركي جورج بوش تصميمه على القضاء على الارهاب. وقال في كلمة القاها امام خمسة الاف شخص في اونتاريو في كاليفورنيا «لقد حققنا تقدما مذهلا خلال 90 يوما واعضاء «القاعدة» لم يعد بامكانهم اعتبار افغانستان ملاذا». وقدم بوش بالمناسبة تعازيه الى أسرة أول عسكري أميركي يقتل في عمليات داخل أفغانستان وهو روس شابمان (31 سنة) من القوات الخاصة الأميركية الذي سقط الجمعة الماضية.

ولكن منذ سقوط نظام طالبان وتشرذم مقاتلي «القاعدة» من معقلهم الاخير في تورا بورا، فقدت الولايات المتحدة أي اثر لابن لادن وتجهل حتى اذا كان على قيد الحياة. غير ان السناتور جون ادواردز، وهو ديمقراطي من ولاية نورث كارولاينا الأميركية، قال امس ان مسؤولي الاستخبارات في اوزبكستان يعتقدون ان بن لادن قد فر من افغانستان الى باكستان. واضاف ادواردز، الذي يقوم بجولة في آسيا الوسطى في برنامج تلفزيوني أميركي انه واثق من ان باكستان ستساند الجهود الأميركية لملاحقة زعيم القاعدة والامساك به «اذا كان حقيقة في باكستان». واوضح ادواردز الذي كان يتحدث من العاصمة الأوزبكية طشقند ان مسؤولي الاستخبارات في أوزبكستان «يعتقدون انه ذهب الآن الى باكستان».

وقال عضو آخر بوفد مجلس الشيوخ وهو السناتور تشوك هاغل ان الولايات المتحدة بحاجة الى معلومات استخباراتية افضل على الارض في أفغانستان ليس للعثور على بن لادن فحسب ولكن ايضا للقبض على زعيم طالبان الملا عمر. وقال هاغل «اننا نتعامل مع قضية غامضة ومعقدة الى اقصى حد. والقوات الأميركية لا تملك كل الامور اللازمة على الارض حتى تستطيع جمع كافة انواع المعلومات البشرية التي نحتاجها».

ويعتقد الأميركيون انهم يملكون خيطا مهما للوصول الى زعيمي طالبان و«القاعدة»، وهو سفير طالبان السابق في باكستان والناطق باسمها عبد السلام ضعيف الذي سلمته اليها السلطات الباكستانية. وقد ذاع صيت ضعيف عندما كان يعقد يوميا مؤتمرا صحافيا في اسلام اباد لادانة الغارات الأميركية وهو الآن محتجز على متن سفينة «يو اس اس باتان» في بحر عمان حيث يتم استجوابه. وقال مسؤول رفيع طلب عدم الكشف عن اسمه ان واشنطن تريد استجوابه «لتحديد ما يعرفه، والحصول على أي معلومات لديه من اسماء واماكن يمكن ان تساعد في فهم العلاقة بين طالبان وتنظيم القاعدة». وصرحت الناطقة باسم البنتاغون فيكتوريا كلارك ان القوات الأميركية تحتجز ما مجموعه 300 عنصر من طالبان او «القاعدة» في مختلف المناطق الافغانية وعلى متن سفنها في بحر عمان.

واعتبر الناطق باسم الخارجية الأفغانية عمر صمد اول من امس انه سيتم القبض على الملا محمد عمر «حيا او ميتا». وقال صمد في مؤتمر صحافي «ان السلطات الأفغانية في المنطقة تريد ملاحقة الملا عمر ومقاتلي طالبان وما تبقى من مقاتلي «القاعدة». ويجب ان يوقف ويحال الى العدالة. وستواصل الادارة الأفغانية جهودها وفي النهاية سيتم القاء القبض عليه حيا او ميتا». وردا على سؤال حول الجهة التي ستحاكم الرئيس الاعلى لطالبان، اعتبر صمد انه «لا بد من ان يحاسب اولا امام الشعب ثم امام المجتمع الدولي». واضاف «أنا اكيد من ان الشعب الأفغاني يريد احالته الى العدالة في هذا البلد وبعد ذلك يمكن ان يمثل امام محكمة اخرى في بلد آخر. وسيتخذ هذا القرار في الوقت المناسب».

وابلغت الولايات المتحدة التي رصدت جائزة بقيمة 10 ملايين دولار للقبض على الملا عمر، الى السلطات الأفغانية الجديدة انها تطالب بتسليمها زعيم طالبان. واكد كرزاي الجمعة الماضية انه سيتم تسليم الملا عمر الى الولايات المتحدة.

وتزايدت انتقادات الخبراء العسكريين الأميركيين لاستراتيجية العمل بمعزل عن القوات الافغانية التي تتبعها واشنطن في عملياتها في أفغانستان. وبحسب مراقبين أميركيين فان لهذه الاستراتيجية ثمنها لجهة الفاعلية مبينة انه بعد نجاح البنتاغون في طرد طالبان من المدن الافغانية جاءت المطاردة غير المجدية والمرعبة للملا عمر وبن لادن. وقال لورين طومسون مدير معهد ليكسنغتون الذي يضم مجموعة من الباحثين في مسائل الدفاع ومقره فرجينيا، للصحيفة «كما في الماضي يعرقل الاستراتيجية الأميركية الخوف من حصول خسائر بشرية». غير ان الوحدات الأميركية الخاصة لا تفقد الامل في العثور على مؤشر يمكنها من اقتفاء اثر بن لادن وتجري تفتيشا دقيقا للمغاور في محيط تورا بورا (شرق) حيث شوهد اخر مرة.