إدارة بوش قسمت دول العالم إلى 3 أصناف في إطار الحرب ضد الإرهاب

140 دولة جمدت 65 مليون دولار لجهات يشتبه في علاقتها بـ«القاعدة» وبمنظمات أخرى واعتقال ألف مشتبه في 50 بلدا

TT

بعد أن كان كل تركيز الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد الارهاب منصباً على افغانستان، انتقل اهتمام الولايات المتحدة في الآونة الاخيرة بهدوء ليشمل مناطق أخرى من العالم مثل السودان واليمن والفلبين، حسب معلومات كشف عنها مسؤولون اميركيون.

وقال هؤلاء المسؤولون إن الولايات المتحدة تملك دليلاً قوياً مفاده ان الجهود الدولية التي استمرت أربعة أشهر تمكنت من عرقلة أو تأجيل وقوع هجمات إرهابية خارج أفغانستان.

وقال أحد كبار المسؤولين في إدارة الرئيس جورج بوش إن الحملة المتعددة الأطراف، تمكنت من «ضرب خلايا وتدمير عمليات»، مشيراً إلى أن هذه النجاحات لم تكن دائماً بمساعدة الولايات المتحدة. واضاف المسؤول أن العدد المتزايد من الاعتقالات وعمليات التجميد التي تمت للارصدة المالية «بدأت تُضعف من عمليات «القاعدة» وتؤثر على قدرة هذا التنظيم في هجمات جديدة». وتابع «إنهم بوضوح يعيشون أوضاعاً تؤشر الى أن ضعف التمويل تسبب في تأجيل أو إرجاء القيام بهجمات» جديدة.

واوضح المسؤول الاميركي، أنه فيما ينحسر القتال في افغانستان، فإن التركيز سينصب بصورة متزايدة على «النصف الآخر من الحرب»، والذي سيكون خفياً في الغالب، مشيراً إلى أن من الدول التي قد تتسع الحملة المناهضة للإرهاب لتشملها هي الصومال حيث كان تنظيم «القاعدة» ينشط على مستوى التدريب والعمليات في الماضي، ولا تزال له صلات هناك حتى الآن. ومضى المسؤول الاميركي يقول «إننا ننظر الآن إلى الأمام من أجل القضاء على شبكة عالمية. ولم يسبق لنا من قبل أن قمنا بمثل هذه الحملة».

وقال المسؤول أن التقدم ينعكس في اعداد الذين اعتقلوا ممن يشتبه في تورطهم في الارهاب. وأشار الى ان هناك ما بين 800 الى 1000 مشتبه فيه، القي القبض عليهم واحتجزوا في أكثر من 50 بلداً، عدا عن أكثر من 640 آخرين اعتقلوا داخل الولايات المتحدة. واكد انه لم يتم الاعلان بعد عن العديد من عمليات الاعتقال في بلدان كثيرة، وان العدد الإجمالي قد يصل الى نحو ضعف الأرقام المنشورة.

وقد قام أكثر من 140 بلداً بتجميد أرصدة 270 حسابا ماليا لجهات مشبوهة، وتصل قيمة الاموال المجمدة الى 65 مليون دولار. ويقول المسؤول الاميركي ان معظم المعتقلين ومعظم الارصدة المجمدة ترتبط بتنظيم «القاعدة»، لكن مجموعات متطرفة أخرى شملتها الحملة كذلك.

وعلى عكس الحملة العسكرية في أفغانستان، فان «النصف الآخر من الحرب ضد الإرهاب» لم يستخدم فيه إلا عدد قليل من القوات العسكرية الاميركية. ويتوقع المسؤول الاميركي، ان يتم في «النصف الآخر من الحرب» استخدام أكثر للعمليات الاستخباراتية ولعمليات ترتبط بميليشيات محلية أو عسكرية، وقد خطط لكل عملية لتكون متناسبة مع الظروف المحلية.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الاميركية مشيرا الى «الارهابيين»، انك «لا تحتاج لقتلهم جميعاً، يمكنك أن تفصم عرى الصلات والروابط بين مجموعاتهم وتقضي على قواعدهم. ويمكنك أن تقضي على غذائهم ومأواهم وتجوعهم وتعتقلهم، وهذا ما يحدث في العديد من الأماكن التي كانوا يمتلكون فيها القدرة على التحرك».

ووفقا لمسؤولين في الادارة الاميركية، فإن الحرب خارج أفغانستان شهدت تقسيم الدول الى ثلاثة انواع. الاول يتكون من دول (في الغالب أوروبية)، كانت تمتلك الارادة والامكانيات لمواجهة الارهابيين المحتملين المقيمين على أراضيها. وكان دور الولايات المتحدة مع هذا النوع منحصراً فقط في تبادل المعلومات. أما النوع الثاني فيشمل دولا تملك الارادة لكنها تحتاج الى دعم أمني واستخباراتي والى مستشارين عسكريين. وشمل الدعم الأميركي للدول الواقعة ضمن هذا المربع «كل الاشياء التي يمكن فعلها من دون انزال جنود على الارض». ويشمل النوع الثالث دولاً تعتبر موضوع تساؤل في ما يتعلق برغبتها أو قدرتها على التعامل مع الارهاب.

ووفقا للمسؤول الاميركي فإن الدول الخمس التي ظلت تتعرض الى فحص دقيق في «الحرب الخفية» بسبب بيئاتها السياسية أو صلاتها السابقة بتنظيم «القاعدة»، هي: السودان والصومال واليمن والفلبين واندونيسيا. وحسب المسؤول الاميركي، فان أربع دول من هذه المجموعة هي إسلامية وغير مستقرة، بينما الفلبين فيها نشاط انفصالي إسلامي متشدد.

وقد ظل الصومال يمثل عنصر قلق كبير للمسؤولين الاميركيين، لأن الاوضاع فيه أسوأ حتى من أوضاع افغانستان. ففي الصومال هناك فراغ في السلطة ومجموعات سكانية عالية التسلح تميل الى الصدامات الداخلية. وقد وضعت ادارة الرئيس بوش حركة «الاتحاد الاسلامية» ضمن قائمة المجموعات الارهابية على اعتبار انها كانت على علاقة بتنظيم «القاعدة».

وكان الدبلوماسي الاميركي غلين وارن قد ذهب الى الصومال الشهر الماضي في اول زيارة لمسؤول اميركي الى العاصمة مقديشو منذ عام 1995، وذلك بهدف اجراء محادثات مع رئيس الحكومة الانتقالية عبد القاسم صلاد حسن الذي تعهد بدعم جهود الولايات المتحدة ضد الإرهاب. وورد أن بعثة من خمس عسكريين اميركيين التقت الشهر الماضي بزعماء ميليشيات صوماليين لمعرفة ما إذا كان هناك وجود لمعسكرات خاصة بتنظيم «القاعدة» هناك. وبعد يوم واحد من زيارة وارن اعتقلت السلطات الصومالية 8 عراقيين وفلسطينياً للاشتباه في علاقتهم بشبكة اسامة بن لادن.

وكان أكثر النجاحات إثارة للاهتمام حدث في السودان، حيث مكث بن لادن بين 1991 و1996 وأدار معسكرات تدريب، وأنشأ شبكة اعمال مالية وتجارية كبيرة. ولا يزال السودان ضمن القائمة الاميركية الخاصة بالدول الداعمة للارهاب. لكن السودان، حسب ما كشف مسؤولون اميركيون، بدأ في الآونة الاخيرة يتعاون بشكل وثيق مع الادارة الاميركية وقام باعتقال حوالي 24 من نشطاء «القاعدة»، واتاح الفرصة كاملة للمحققين الاميركيين للتحقيق معهم واستجوابهم، كما زود السلطات الاميركية بملف معلوماتي حافل عن نشاطات بن لادن.

أما في الفلبين، فقد قامت القوات الاميركية بتدريب ميليشيات محلية، واستطاعت هذه الميليشيات شن مجموعة من الهجمات على الأصوليين المتشددين مثل مقاتلي جماعة «ابو سياف» الذين يعتقد ان لهم صلات طويلة الامد بتنظيم «القاعدة».

وبخصوص اليمن، وبعد 18 شهرا من التوتر بسبب بطء التحقيقات في ما يتعلق بالهجوم على المدمرة «كول»، عدلت الولايات المتحدة عن التركيز على هذا البلد بعد زيارة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الشهر الماضي إلى واشنطن. وقالت مصادر دبلوماسية ان القوات اليمنية بمساعدة الاستخبارات الاميركية شنت هجمات على افراد ومواقع بحثا عن أصوليين في منطقة مأرب منتصف ديسمبر (كانون الاول) الماضي.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»