6 آلاف شرق أوسطي «اختفوا» في أميركا بعد تبلغهم إنذارات بضرورة مغادرة البلاد

TT

تبدأ السلطات الاميركية قريبا البحث عن آلاف من الشرق اوسطيين الموجودين في الولايات المتحدة ممن «اختفوا» بعد اخطارهم بضرورة مغادرة البلاد كما يؤكد مسؤولون اميركيون مطلعون. وكانت وزارة العدل الاميركية قد حددت اسماء 6 آلاف رجل من الشرق الاوسط تجاهلوا اوامر الترحيل الصادرة بحقهم، وقررت ان تجعل من ملاحقة هؤلاء والقبض عليهم وترحيلهم اولوية لها في سياق الجهود التي تبذلها لتحديد اماكن مئات الآلاف من الاجانب الذين صدرت لهم اوامر مشابهة ورفضوا الانصياع لها.

وهؤلاء الاشخاص وفدوا الى الولايات المتحدة من بلدان تعتبرها السلطات الاميركية ملاذات لعناصر «القاعدة»، كما ان لبعضهم خلفيات جرمية. وقد رفضت السلطات تسمية البلدان الاصلية لهؤلاء الملاحقين والكشف عن اي تفاصيل متعلقة بهم.

وكان عزم السلطات على القاء القبض على تلك المجموعة من العرب والمسلمين الاولوية على سواهم من الاجانب من بلدان اخرى قد أثار قلقا بين بعض العرب الاميركيين وجماعات الدفاع عن حقوق المهاجرين في ان تكون ادارة الرئيس جورج بوش تمارس شكلا من اشكال التمييز العنصري في حربها على الارهاب، خاصة ان الاغلبية الساحقة ممن تجاهلوا اوامر الترحيل الصادرة بحقهم هم من المتحدرين من بلدان اميركا اللاتينية. غير ان مسؤولي وزارة العدل وعلى رأسهم جون اشكروفت ،المدعي العام الاميركي، نفوا مرارا ان يكون للإثنية اي دور في استراتيجياتهم المناهضة للارهاب.

وتأتي آخر الجهود المبذولة في هذا الاتجاه في سياق مبادرة لدائرة الهجرة والتجنيس ترمي الى اجتثاث «الهاربين من الترحيل»، وهم اكثر من 300 الف اجنبي يقيمون بشكل غير قانوني بعد صدور اوامر ترحيلهم. وكان مسؤول تلك الدائرة جيمس زجلار قد اعلن عن هذه الجهود في الشهر الماضي، وبدأت السلطات تحضيراتها لإدراج اسمائهم ضمن قوائم المطلوبين من مكتب المباحث الفيدرالية (اف.بي.آي). وكان مسؤولو وزارة العدل قد قرروا اولا ادراج اسماء مجموعة الرجال من الشرق الاوسط، وكذلك السعي وراء القاء القبض على عدد غير محدد منهم وترحيلهم من خلال قوة اقليمية لمكافحة الارهاب تضم ممثلين من «اف. بي. آي» ودائرة التجنيس والهجرة ووزارة العدل، طبقا للسلطات.

ونوه وايد هندرسون المدير التنفيذي لمجلس الحقوق المدنية الى انه لا يجوز تمييز اصحاب الخلفيات العربية والاسلامية عن غيرهم لأجل تطبيق القانون. واوضح قائلا «من الواضح اننا نمر في وقت يتميز بحساسية شديدة وليس ما يمنع مسؤولي التجنيس والهجرة من الاستعانة بأمور تفضي الى القاء القبض على مشتبه فيهم حتى لو كانت تلك الامور قائمة على اوصاف للعرق او الانتماء للبلد الاصلي. كما ان استخدام اسلوب تصيد الناس في الشباك، شكلا لتطبيق القانون، بالقاء القبض على رجال على اساس اصلهم، بدل ظهور افعال مريبة منهم او توفر دليل واضح، امر يثير تساؤلات كثيرة».

وشكك جيمس زغبي رئيس المعهد العربي الاميركي في ان يساعد التركيز على القبض على شرق اوسطيين من متجاهلي اوامر الترحيل في الكشف عن ارهابيين محتملين، ولفت النظر الى ان معظم منفذي هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي كانوا يقيمون بشكل قانوني في الولايات المتحدة، وقال «لا خلاف على ان احداث 11سبتمبر افضت الى مستويات اقل من التسامح تجاه تجاوز الآخرين المدد التي تسمح بها تأشيراتهم، وهناك حساسية مفرطة ازاء العرب من بين هؤلاء». واضاف «النقطة المهمة هنا هي ان كان من الحكمة اللجوء الى استخدام تطبيق القانون لملاحقة متجاهلي اوامر الترحيل بينما الهدف الاساسي هو القضاء على الارهاب، لا اعتقد ان ذلك سيكون ناجعا لخدمة هذا الهدف».

ولكن العديد من المسؤولين شددوا على ان برنامج ملاحقة متجاهلي اوامر الترحيل يستهدف الاجانب ممن لا ينبغي لهم ان يكونوا في الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، فان التركيز الاولي على اشخاص وفدوا من بلدان تعتبر ملاذات آمنة للارهابيين خطوة وقائية معقولة لضمان سلامة عامة الاميركيين لانها قد تمكن المحققين من الكشف عن خيوط مهمة، طبقا لهؤلاء المسؤولين. وقال احد مسؤولي وزارة العدل «اننا سنواصل استخدام قوات مكافحة الارهاب في تعقب من قد تكون لديهم معلومات مفيدة في التحقيقات المفتوحة، وهذا يعني التركيز على اشخاص من بلدان توجد فيها خلايا فاعلة تابعة للقاعدة».

فضلا عن ذلك، فان وزارة العدل أكملت برنامجا مثيرا للجدل يطلب فيه من اكثر من 5 آلاف زائر من الشرق الاوسط القبول طائعين لتوجيه اسئلة لهم حول آرائهم تجاه الارهاب والجماعات الراديكالية، كما ان هذا البرنامج يستهدف الشباب العرب والمسلمين من الذكور في الاساس.

وطالت حملة تصيد واسعة انطلقت بعد 11 سبتمبر مئات من الاجانب المتجاهلين اوامر الترحيل من رهناء الاحتجاز بتهم انتهاك قوانين الهجرة او بتهم اجرامية غير ارهابية، ومعظم هؤلاء المحتجزين هم من العرب او المسلمين، طبقا للمسؤولين. وكان معظمهم اما تغاضوا عن حضور جلسات المحاكم التي تصدر تلك الاوامر او انهم اختفوا بعد تسلم الاشعارات الاخيرة القاضية بترحيلهم، والتي تعرف عادة بـ«رسالة الفرار» لان مستلميها عادة ما يفرون عند تلقيها. غير ان تراخي دائرة الهجرة والتجنيس في تنفيذ اوامر الترحيل دفع الكثيرين من المعنيين بذلك الى عدم الاهتمام حتى بالاختفاء، طبقا لمحامين متخصصين في شؤون المهاجرين.

وشرعت السلطات في ادراج اسماء 314 الف اسم من متجاهلي اوامر الترحيل الى قوائم مركز المعلومات الاجرامية التابع لـ«اف.بي.آي»، وهي السجلات الاجرامية التي تستخدمها اكثر من 80 الف جهة مسؤولة عن تطبيق القانون. وستمكن هذه الخطوة السلطات المحلية والفيدرالية من اخطار دائرة التجنيس والهجرة في حال اكتشافهم اياً من متجاهلي اوامر الترحيل.

وكان المسؤولون قد حددوا قائمة تشمل حوالي6 آلاف رجل شرق اوسطي بعد اجراء مسح لبيانات متجاهلي اوامر الترحيل مصنفة على اساس البلد الاصلي والعمر والجنس، حسب ذلك المصدر.

الى ذلك، لم يلق القبض على اي ممن ادرجت اسماؤهم في تلك القائمة، حسب السلطات. بيد ان دائرة التجنيس والهجرة مطالبة بالقبض على كل المطلوبين، ولكن يسمح لـ«اف. بي. آي» وغيرها من الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون بالقبض على المشتبه فيهم نيابة عن تلك الدائرة.

خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط».