مصادر تتحدث عن محاولة لإعادة جبهة التحرير الوطني إلى السلطة في الجزائر

TT

كشف مصدر مطلع في الجزائر أن قرارا اتخذ في أعلى مستويات السلطة يقضي بضرورة تفضيل حزب «جبهة التحرير الوطني» في الانتخابات البرلمانية والبلدية المقررة خلال السنة الجارية، على أن تتقاسم باقي الأحزاب الأخرى مناصب متساوية، بما فيها «التجمع الوطني الديمقراطي» صاحب الأغلبية الساحقة في الانتخابات السابقة.

وأوضح المصدر، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن القرار «يكون قد أبلغ للدوائر المعنية»، ولكن لا يُعلم إن كان ذلك تم كتابيا أو عن طريق تعليمات شفوية يبلغ بها الولاة والمسؤولون على المستوى المحلي. غير أن المصدر، الذي يقول إنه لا ينتمي إلى أي حزب، أكد أن ذلك «لا يعني أنه سيكون هناك تزوير مثلما حدث في الانتخابات السابقة، ذلك أن جبهة التحرير الوطني لا تزال تتمتع بمرتبة أقوى حزب في البلد، لذلك فإن عودة هذا الحزب العتيد إلى أعلى سدة الحكم لن يكون إلا بمثابة إعادة الأمور إلى نصابها».

ورفض قيادي في الحزب التعليق على الخبر، لكنه أكد، من جهته، أن حصول الحزب على أغلبية المجالس المنتخبة «أمر بديهي، وسيكون ذلك في الواقع بمثابة تتويج لمسار نحن نعيشه منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة»، التي جرت في ابريل (نيسان) عام 1999.

واضاف المسؤول، الذي تولى في السابق مناصب هامة في الدولة، أنه «يجب ألا ننسى أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة هو أصلا جبهوي (من حزب جبهة التحرير الوطني)، ورئيس الحكومة الحالي (علي بن فليس) يشغل الآن منصب الأمين العام للجنة المركزية لنفس الحزب، إضافة إلى عودة محمد الشريف مساعدية لرئاسة مجلس الأمة (الغرفة البرلمانية الثانية)، أي ليشغل المنصب الثاني في الدولة.

من جهته، قال وزير سابق من «التجمع الوطني الديمقراطي» إن «أمر الانتخابات يُحسم فعلا على أعلى مستويات الدولة، لكن يبقى أن حزبنا لا يزال هو الآن صاحب الأغلبية في مختلف المجالس، ولا أعتقد أن الدولة ستتخلى عنه بهذه البساطة». وذكر نفس المسؤول أن الأمين العام للحزب أحمد أويحيى هو الآن «يشغل منصب وزير العدل وهو قادر على الدفاع عن حزبه في مجلس الوزراء وفي دوائر السلطة الأخرى». واعترف الوزير المتقاعد أن «صورة حزبنا في الأوساط الشعبية بسبب ما جرى في الانتخابات السابقة وأيضا بسبب السمعة السيئة، التي التصقت بمسؤولي البلديات المنتمين إلى «التجمع الوطني الديمقراطي» من شأنها أن تجعل الناخبين يتراجعون عن منح أصواتهم لمرشحينا في الانتخابات القادمة، لكننا نبقى متأكدين أن ذلك لن يجعلنا نتراجع كثيرا».

ولم تستغرب مصادر قيادية من التيار الإسلامي المشارك في الائتلاف الحكومي «وجود النية لدى رئاسة الدولة أو الحكومة في تيسير فوز حزب جبهة التحرير بالأغلبية في الانتخابات القادمة»، موضحة أن «الأكيد لدينا أن التجمع الوطني الديمقراطي انتهى الآن بعد أن أدى دوره الذي تأسس من أجله في عهد (الرئيس السابق الامين) زروال ومستشاره الجنرال محمد بتشين».

ويعتقد مراقبون محايدون أن عودة حزب «الحزب الواحد» سابقا إلى تولي زمام الحكم في البلد «يكاد يكون أمرا مفروغا منه ومحسوما، ليس فقط من قبل دوائر السلطة، بل أيضا لدى أوساط شعبية كثيرة»، لكن ذلك، كما يضيف هؤلاء «ليس مردّه قوة هذا الحزب، الذي يحظى فعلا بمكانة معتبرة في المجتمع، بل لوجود عدة معطيات أخرى تميز الساحة السياسية الجزائرية، لعل أهمها غياب تيار سياسي قوي يعوّض الفراغ الذي تركه حظر «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، إضافة إلى كون الأحزاب الموجودة في الساحة، باستثناء جبهة القوى الاشتراكية التي يقودها الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد، تابعة للدولة أو لنقل تسير في فلكها».