صفا يتخوف من تحويله إلى «كبش فداء» في قضية تحرير الرهائن الفرنسيين في لبنان

TT

قال وكيل رجل الاعمال اللبناني ـ الفرنسي اسكندر صفا المحامي مارون حداد لـ«الشرق الأوسط» ان موكله طلب موعداً امس الاول من مدعي عام التمييز في لبنان القاضي عدنان عضوم بعد ابلاغه بمذكرة التوقيف الدولية بحقه في قضية فدية الرهائن الفرنسيين في لبنان. وقد قابله في اليوم نفسه ووضع نفسه في تصرف القضاء اللبناني في كل ما يعود لجلاء ملابسات القضية.

وكشف حداد ان موكله عاد الى ابوظبي امس «لمتابعة المفاوضات حول صفقة زوارق دوريات خفر السواحل»، مشيراً الى انه مستعد للعودة الى فرنسا عندما ينتهي من المفاوضات في ابوظبي، وفي جو ملائم، بحيث لا يكون «كبش فداء» في قضية الفدية المصطنعة، في الوقت الذي كان ينتظر شكراً من الادارة الفرنسية على مساهمته في انقاذ «الرهائن».

وفي باريس، قال كريستيان بروتو، الرئيس السابق لجهاز الامن السري في ادارة الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا ميتران، انه تم دفع «فدية مستترة» لايران مقابل تحرير الرهائن. غير ان هذه الفدية، وفق بروتو، ليست الملايين الثلاثة فاعادة «مبالغ مستحقة» لايران تجاوز قيمتها المليار دولار. ويعود هذا المبلغ الى قرض قدمته ايران ايام الشاه لشراء محطة نووية سلمية. وقد توقف هذا المشروع بعد انهيار حكم الشاه. وقبلت فرنسا مقابل تدخل ايران لاطلاق سراح الرهائن الفرنسيين بتقديم 600 مليون دولار كدفعة اولى لحقتها عدة دفعات. وتمت مناقشة تفاصيل هذه التسوية في جنيف وحضر النائب الاوروبي الحالي جان شارل ماركيان، شخصياً، جانباً من المناقشات.

لكن بروتو اشار امس، في حديث الى صحيفة «لو باريزيان» الى ان شيراك وباسكوا، وفق ما علمه وقتها، عمدا الى تأخير تحرير الرهائن ليتم ذلك قبل ثلاثة ايام من الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية بغية استثمارها في تحسين حظوظ شيراك الذي كان يواجه وقتها الرئيس فرنسوا ميتران.

وقد عمدت قاضية التحقيق الفرنسية ايزابيل بريفور دوبريه الى توجيه اتهامات رسمية الى زوجة ماركياني والى دانيال فور، مساعدة شارل باسكوا وسكرتيرة احدى الجمعيات التي يرأسها ماركياني بتبييض الاموال واستغلال النفوذ. واستنادا الى مذكرة صادرة عن جهاز مكافحة التجسس (DST)، فان كميات كبيرة من الاموال النقدية سلمت الى هاتين المرأتين. ويظن القضاء ان مصدرها الفدية التي دفعتها فرنسا الى الخاطفين للحصول على تحرير الرهائن وقيمتها 3 ملايين دولار. ويظن القضاء ان ماركياني وصفا احتفظا بجزء من هذه الفدية التي عادت الى الظهور على شكل مغلفات اموال او شيكات من صفا الي ماركياني والمقربين. وقد سحبت اموال نقدية قيمتها 13 مليون فرنك من حسابين لاسكندر صفا واخيه اكرم في مصرفين في باريس.

وامس عمد شارل باسكوا الذي نفى امر الفدية واتهم محيط رئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان بتدبير هذه الفضيحة، الى تقديم شكوى ضد مجهول، سلمها الى وزيرة العدل ماريليز لوبرنشو بسبب «القدح والذم» والضرر الشخصي والسياسي والاخلاقي المترتب عليهما والذي اصابه واصاب مقربين منه بينهم جان شارل ماركياني. وبموازاة ذلك، اعلن هذا الاخير انه سيتقدم بدوره بدعوى ضد جهاز مكافحة التجسس التي كانت المذكرة التي اعدها بهذا الخصوص سبب الفضيحة والتحقيق القضائي.

وذهب ماركياني الى حد مطالبة الرئيس شيراك الذي كان وقتها رئيساً للوزراء بالتدخل «للدفاع عن شرف الذين عملوا وركبوا المخاطر من اجل اطلاق سراح الرهائن». وقال ماركياني: «على الرئيس، شيراك ان يلزم وزير الداخلية دانيال فايان ان يكشف هوية الذي اعطى امر تحرير المذكرة (في جهاز مكافحة التجسس) وما الغرض المقصود من ذلك». ووصف هذه المذكرة بانها «مهينة».

وكان صفا، البالغ عمره 46 سنة، قد وصل الى الامارات العربية المتحدة منذ شهر تقريبا، حيث يجري مفاوضات يحاول من خلالها أن تبيع مجموعته الناشطة بصناعة الزوارق الحربية والمدنية في مدينة شيربورغ على ساحل النورماندي الفرنسي، سفنا لخفر السواحل في دولة الامارات، حين تسلم قبل 10 أيام اشعارا بضرورة مثوله للاستجواب لدى قاضية فرنسية تحقق في قضية الفدية، واختفاء قسم منها، الا أنه طلب عبر محاميه في باريس مهلة لعدد من الأيام لانهاء مفاوضاته في أبوظبي، يعود بعدها للامتثال لأمر القضاء. لكنه فوجئ قبل أيام بمذكرة دولية وجهتها قاضية التحقيق عبر الانتربول لاعتقاله، علما أنه ليس بين فرنسا ولبنان، الذي أمضى فيه 3 أيام مضت في رحلة عمل وعاد بعدها أمس الى الامارات، أي اتفاق قضائي لتبادل المطلوبين، كما أن لبنان لا يسلم مواطنا له مشتبها فيه بالخارج، بل يحاكمه في الداخل اذا ما تسلم من الخارج ما يثبت الشبهة أو ارتكاب الجرم هناك.