مصدر غربي في باريس يؤكد لـ«الشرق الأوسط»: المرحلة الثانية من الحرب على الإرهاب لن تشمل العراق

TT

كشف مصدر دبلوماسي غربي واسع الاطلاع جانبا من الاتصالات الجارية خلف الكواليس والخاصة بخطة التحرك التي يجري العمل عليها اميركيا ودوليا ازاء العراق.

واكد المصدر الذي يوجد مقره في العاصمة الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» ان معلوماته تفيد ان العراق لن يكون مستهدفا اميركيا في ما يسمى «المرحلة الثانية» من الحرب على الارهاب والتي تعني عمليا الحرب على منظمة «القاعدة» خارج الاراضي الافغانية. ووفق تقدير هذا المصدر، فان واشنطن تخلت عمليا منذ فترة عن سعيها لتوفير رابط بين العمليات التي استهدفت الولايات المتحدة في 11 سبتمبر (ايول) الماضي او بين رسائل الجمرة الخبيثة والعراق.

مقابل ذلك، يؤكد المصدر ان التوجه الحالي داخل الادارة الاميركية، وهو يتجاوز صقور الادارة مثل وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ونائبه بول وولفوويتز، ومستشارة الرئيس للأمن القومي كونداليزا رايس، وعدد من المتنفذين في الكونغرس، من جمهوريين وديمقراطيين، يقوم على استغلال ملف التسلح العراقي لايجاد الذريعة اللازمة لمهاجمة العراق والسعي، هذه المرة، الى اسقاط الرئيس العراقي بطريقة او بأخرى.

ويعتبر المصدر ان «حشر» العراق في الزاوية سيستغرق عدة اشهر ولن يكون ذلك ممكنا قبل نهاية شهر مايو (ايار) القادم، اي مع انتهاء المرحلة الجديدة التي تدوم ستة اشهر من اتفاق «النفط مقابل الغذاء». فمن جهة، تحتاج الولايات المتحدة الى عدة اشهر لانهاء عملياتها العسكرية في افغانستان التي ما تزال تستحوذ على اهتمامها رغم انهيار نظام طالبان واندحار «القاعدة»، والانتهاء ايضا من «المرحلة الثانية» المرتبطة بملاحقة «القاعدة» والمنظمات المتصلة بها والتي يمكن ان تطال الصومال واليمن والسودان وصولا الى اندونيسيا وحتى الفلبين.

بالاضافة الى هذا العامل «العسكري» حسب وصف المصدر، فان ثمة عاملا آخر سياسيا ـ قانونيا لا بد من توفيره لتبرير ضرب العراق وتوفير الدعم السياسي لهذه العملية خصوصا في العالم العربي او على الاقل التخفيف من حجم ردود الفعل السلبية. ويتم التعاطي مع هذا العامل، كما كشف المصدر، بالتعاون مع روسيا، وهو يشمل حاليا الاتفاق النهائي على لائحة السلع الممنوع تصديرها نهائيا الى العراق ولائحة السلع مزدوجة الاستعمال التي تحتاج لتصريح مسبق من لجنة العقوبات.

وتنشط الاتصالات بين واشطن وموسكو حول لائحة السلع التي تريدها موسكو اقصر لائحة ممكنة في حين تسعى واشنطن الى العكس. ويعتقد المصدر ان الاتفاق ممكن، وان الطرفين مستعدان للتساهل في مسألة ليست في النهاية جوهرية.

وينتظر ان تلي هذه المرحلة عملية اكثر صعوبة، وهي تتمثل كما نص على ذلك قرار مجلس الامن الاخير بشأن العراق، في توضيح الشروط الواجب توافرها من اجل رفع العقوبات المفروضة على العراق. وهنا، يبدي هذا المصدر بعض الشكوك حول نية واشنطن، حقيقة، في ان تبين بدقة ما هي هذه الشروط التفصيلية خصوصا انها حرصت دائما على الابقاء على غموضها من اجل تبرير سياستها ازاء العراق. ويذهب المصدر الى القول ان واشنطن ربما لن تقبل بتاتا تحرير العراق من العقوبات. لكن هذا الدبلوماسي يرجح ان يسعى الفريق الاكثر تصلبا داخل الادارة الى اقناع الرئيس بوش بأن توضيح شروط رفع الحصار يمكن ان يكون خطوة تكتيكية لاحكام الحصار حول العراق لتيقنه المسبق ان الرئيس العراقي سيرفض رفضا قاطعا صيغة معدلة للعقوبات الذكية وكذلك سيرفض عودة المفتشين، وبالتالي فانه سيعطي واشنطن الذريعة التي تحتاجها لمهاجمة العراق.

ويؤكد هذا المصدر انه اذا سارت الامور على هذا المنوال، فان واشنطن ستلقى دعما كافيا لتحركها من قبل مجلس الامن الدولي لانها ستظهر عندها بمظهر من يعمل على تنفيذ القرارات الدولية وليس كمن يصفي حسابات قديمة مع بغداد.

ويعتقد هذا المصدر ان الخطة التي يجري العمل عليها يمكن ان تسوق في العالم العربي. ومن هذا المنطلق اشار المصدر الى اهمية ما صدر عن قمة مجلس التعاون الخليجي الاخيرة، وما ورد على لسان الامين العام السابق للمجلس الذي عبر عن أمله في «ألا يؤدي تصلب العراق ازاء بعض قرارات مجلس الامن لمزيد من حالة التوتر التي تسود المنطقة ويعرض شعب العراق الشقيق لمزيد من المعاناة». وبموجب هذا السياق، يعتقد المصدر الدبلوماسي الاوروبي بوجود فرصة لحشر العراق في موقع حرج: فإما ان يقبل المطالب الدقيقة وربما الانذار الذي سيوجهه اليه مجلس الامن بمناسبة انتهاء المرحلة الجديدة من برنامج النفط مقابل الغذاء، مما يعني، عمليا، دخوله في دوامة جديدة من المطالب وعمليات التحقق والتفتيش والرقابة بعيدة المدى على برامج التسلح والموارد المالية وخلافها، وإما ان يرفض وعندها يكون قد اعطى واشنطن وحلفاءها الذريعة التي تحتاجها ليس فقط لضرب العراق ولكن للظهور، خصوصا، بمظهر الحريص على الشرعية الدولية وتطبيق قرارات مجلس الامن.