العاهل المغربي يهاجم مؤسسات إعلامية دولية لتعمد تشويهها الإسلام والمسلمين ويدعو لرفع أداء الإعلام العربي

TT

هاجم العاهل المغربي الملك محمد السادس في رسالة وجهها مساء اول من أمس إلى المشاركين في ندوة دولية عقدت برعايته في الرباط وأشرفت على تنظيمها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو)، تحت عنوان «صورة العالم الإسلامي في الإعلام الغربي بين الإنصاف والإجحاف»، بعض وسائل الاعلام الغربية لتعمدها تشويه صورة الاسلام والمسلمين ودعا المؤسسات الإعلامية في العالم الإسلامي الى رفع ادائها لمواجهة التحديات التي تواجه دولهم.

وشدد الملك محمد السادس على أن سلوك المسلمين عنصر أساسي في تشكيل وتصحيح صورة الإسلام، التي تعرضت لكثير من التشويه من قبل بعض الأوساط التي حاولت توظيف أحداث 11 سبتمبر (أيلول) الماضي للإساءة للإسلام والمسلمين.

وقال العاهل المغربي في رسالته التي تلاها الدكتور عبد الكبير العلوي المدغري وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، ان «الحوار بين مفكرين وإعلاميين من أوروبا وأميركا والعالم الإسلامي في إطار ندوة متخصصة يتزامن حاليا مع التداعيات التي أفرزتها الأحداث العدوانية المؤلمة التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأميركية، والتي استغلها بصفة خاصة خصوم العالم الاسلامي لتشويه صورته في بعض وسائل الإعلام». واضاف ان الخطورة، تكمن في الاهمية البالغة التي يكتسيها الاعلام في توجيه الرأي العام، إذ لم يعد مصدرا فقط للمعرفة ومرجعا لاتخاذ القرارات، وآلية لا غنى عنها في تسويق المنتجات الفكرية والمادية، وإنما علاوة على ذلك، فقد تحول الى ميدان للتنافس الدولي لكسب المواقع».

واستطرد العاهل المغربي قائلا انه «بقدر ما تعاظم هذا التأثير الاعلامي فقد تجلى من ناحية أخرى الخطر في إمكان توظيفه في مجال الغزو الثقافي، والتشويه للحقائق والمتاجرة بالقيم الأخلاقية».

ولاحظ الملك محمد السادس في رسالته أن «بعض وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة، تقوم بتشويه متعمد لصورة الإسلام». واضاف انها «محاولات لاستغلال الجهل بحقائق الإسلام، حينما تدعي أنه يعتبر خطرا على الحضارة الغربية وعلى قيمها، بينما نعلم أن الاسلام قد تمازج مع كل الحضارات السابقة وكانت دعوته قائمة على الحوار والجدال بالتي هي أحسن».

وأشارت رسالة العاهل المغربي الى أن «المقولات المعادية للإسلام زادت رواجا في بعض أجهزة الإعلام الغربي بعد الأحداث العدوانية الجسيمة التي عرفتها الولايات المتحدة الأميركية في الآونة الأخيرة»، مؤكدا ان المغرب بادر لإدانتها بكل قوة «مثلما أدانها كل قادة العالم الإسلامي، وأعلنا عن تأييدنا لشن معركة لا هوادة فيها على كل أصناف الإرهاب التي تزعزع السلام العالمي والأمن لكل الأمم والشعوب. وأن الإرهاب لا يوجد له أي مبرر لا في عقيدة الاسلام وشريعته، ولا في قيمه السمحة، القائمة على حسن التعايش وبذل السلام للعالم، ولا في تقاليد المسلمين وأخلاقهم، القائمة على الإحسان والتعاون على البر والتقوى».

ولاحظ العاهل المغربي أن «شخصيات غربية مسؤولة ومرموقة، ظلت غير متأثرة بهذا الإعلام المغرض، بل قامت بنقده معبرة عن موقفها المنصف للإسلام وحضارته، من خلال ما أصدرته من كتابات موضوعية أو تصريحات إعلامية في هذا المجال». ودعا العاهل المغربي وسائل الإعلام في العالم الإسلامي لتدعيم هذه المواقف المنصفة للإسلام والمسلمين، من خلال قيامه بدوره الفاعل في تصحيح صورة الإسلام، وتسليط المزيد من الأضواء على حقائقه وحضارته وقيمه الأخلاقية. وإذا كان مما يبعث على الارتياح أن يكون هذا الإعلام قد تطور اليوم تطورا كبيرا عما كان عليه من قبل، بفضل ما يمتلكه من أجهزة وقنوات للتواصل، واستثمار واسع للتكنولوجيا، بما في ذلك أخذه للمئات من المواقع على شبكة الانترنت، إلا أن نجاح الإعلام الاسلامي في هذا المجال رهين بقدرته على التواصل مع عقلية الفكر الغربي، وإتقان لغاته والتمكن من مخاطبته بنفس التقنية والمهارة. كما أن نجاح هذا الإعلام رهين بالتنسيق المستمر بين القائمين به ليكون الخطاب الصادر عن مختلف الأجهزة والقنوات والوسائط خطابا واحدا في مرجعياته وأهدافه. ولا يتحقق ذلك على الوجه الأمثل إلا بوضع استراتيجية إعلامية كفيلة بتحقيق الأهداف المتوخاة منها».

وفي كلمته أكد الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام لمنظمة «ايسيسكو» خلال الجلسة الافتتاحية للندوة ان «صورة العالم الاسلامي تتعرض اليوم لكثير من التشويه والتحريف والتضليل في كثير من وسائل الاعلام الغربية على اعتبار انها لا تنقل الى الرأي العام الغربي بالنزاهة المطلوبة والامانة المعهودة في العمل الاعلامي».

وقال التويجري ان «الاعلام الغربي في العديد من قنواته يتخلى عن اصول المهنة وقواعد العمل الاعلامي وضوابطه حينما يتناول موضوعات وقضايا وشؤونا تتعلق بالعالم الاسلامي وبالاسلام والمسلمين في كل مكان»، معتبرا أن «هناك قوى تعمل بكل الوسائل المتاحة لها لتخويف الغرب من الاسلام وابعاد حكوماته وشعوبه عن العالم الاسلامي وتنتهز الفرص التي يقع فيها حدث شاذ من افراد أو جماعات تنتمي الى العالم الاسلامي فتبادر الى خلط الاوراق وتوجيه الشبهات والاتهامات ضد الاسلام على الرغم من ادانة العالم الاسلامي لأي عمل ارهابي أو سلوك اجرامي مهما كان مصدره وايا كان الدافع اليه». وقال الدكتور خالد بن محمد العنقري وزير التعليم العالي السعودي ورئيس المؤتمر الاسلامي الاول لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي ان «الحملات التي تشنها بعض وسائل الاعلام الغربية على المسلمين تعد بمثابة انحراف عن التقاليد المهنية الاعلامية كما انها تتنافى مع مقتضيات حقوق الانسان عالميا».

وأضاف العنقري «انه يتعين على المسلمين العمل على ابراز الصورة الحقيقية للدين الاسلامي الحنيف من خلال تبصير الانسانية بمبادئه وقيمه الانسانية والكونية، مؤكدا ان الحضارة الاسلامية تكرم حياة كل الناس وتحترم الديانات الاخرى دون أدنى تمييز».

وتواصلت أمس أعمال الندوة بمشاركة صناع قرار وإعلاميين ومفكرين من بلدان عربية وإسلامية ومن الولايات المتحدة الاميركية وانجلترا وفرنسا وبلدان أوروبية أخرى، وتتركز أعمالها حول اربع قضايا رئيسية أولها «موقف الاعلام الغربي من العالم الاسلامي دينا وحضارة» و«الموضوعية في تغطية الاحداث التي تهم العالم الاسلامي» و«تأثير المواقف السياسية في صياغة الاخبار وتوجيهها» و«كيف نوجد مجالا اعلاميا حرا ومنصفا».