طوكيو تدعو إلى إعطاء أفغانستان نفس الفرص التي منحت لليابان عام 1945

TT

طوكيو ـ أ.ف.ب: دعا رئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كويزومي في مقابلة مع مجلة «نيوزويك» الاميركية في عددها الصادر امس العالم اجمع الى مساعدة افغانستان على النهوض بعد عقدين من الحرب بمنحها نفس الفرص التي اتيحت لليابان سنة .1945 ويأتي نداء كويزومي فيما تستعد طوكيو لاستضافة مؤتمر الاثنين المقبل يجمع 50 بلدا ومنظمة مستعدة للمشاركة في اعمار افغانستان.

وقال رئيس الوزراء الياباني «اطلب من الاسرة الدولية ان تتكاتف لمنح افغانستان نفس الفرص التي اتيحت لبلدي قبل نصف قرن» مضيفا «لقد اضطر اليابانيون الى الاعتماد على جهودهم الخاصة لاعادة ترميم البلاد بالكامل ولكن الدعم الذي قدمته الاسرة الدولية لليابانيين سرع النهوض». وذكر كويزومي في هذا المقال بأنه كان فتى صغيرا سنة 1945 لا يمكنه تفهم الوضع آنذاك ولكنه شدد على ان منزله العائلي دمر في الغارات الاميركية على طوكيو وان والديه اضطرا الى اللجوء الى يوكوهاما ثم مدينة يوكوسوكا المجاورة التي تؤوي حاليا قاعدة اميركية. وقال «لم يبق اي مبنى منتصبا، لقد دمرت مئات المنازل والمحلات التجارية».

وقارن كويزومي ذلك مع افغانستان بعد اكثر من 20 سنة من الحرب، مشددا على ان حوالي ثمانية ملايين لغم زرعت في البلاد وان النظام التربوي يكاد يكون منعدما وان معدل الاعمار لا يتجاوز 46 سنة. وأكد «ان الاسرة الدولية يجب ان تتجنب النزعة نحو الحلول الجزئية التي تتمثل في وضع ضمادات على اسوأ المشاكل وتجاهل الباقي». وقد اشتكى القادة الافغان خلال الاسابيع الماضية من ان الدولة تكاد تكون مشلولة لقلة المساعدات، حيث لم يتم تسديد رواتب مئات موظفي الحكومة الانتقالية الجديدة الذين يعملون في مقرات مدمرة جزئيا. واعتبر وزير الاعمار الافغاني امين فرهانغ الثلاثاء الماضي «ان الوعود من الخارج ليست جدية لسوء الحظ. نجد صعوبات لدفع الرواتب المتأخرة للموظفين ونحن بحاجة الى مساعدات لنساعد انفسنا».

وتعتزم اليابان اقتراح مساعدة تصل الى 500 مليون دولار (566 مليون يورو) لاعادة اعمار افغانستان تتوزع على فترة السنتين ونصف السنة. وتعهد رئيس الوزراء الياباني بأنه سيبذل اقصى جهوده «لوضع اسس مستقبل واعد» خلال المؤتمر الذي سيعقد الاثنين والثلاثاء. من جهة اخرى التقت ساداكو اوغاتا المفوضة العليا للاجئين في الامم المتحدة سابقا ومبعوثة اليابان الخاصة للقضايا الافغانية رئيس الوزراء امس لاطلاعه على نتائج جولتها في افغانستان وبلدان اخرى في نفس المنطقة. وقالت اوغاتا خلال اللقاء ان اليابان يجب ان يتكفل بنحو عشرين في المائة من تكاليف اعادة اعمار افغانستان في السنة الاولى من المخطط الدولي.

ويقول دبلوماسيون وخبراء ان فشل المجتمع الدولي في اعادة اعمار افغانستان يمكن ان يزرع بذور الارهاب وعدم الاستقرار مستقبلا في ارض كانت تعد اساسا احد افقر المناطق في العالم حتى قبل ان تعصف بها 20 عاما من الحروب والمجاعة. وقال روبرت تمبلر من مجموعة كرايسيس انترناشيونال وهو مركز ابحاث مقره بروكسل «الواقعية في السياسة هي ان المدى القصير هو اليوم. والمدى المتوسط هو غدا والمدى الطويل هو الاسبوع القادم. والناس لا تفكر فيما وراء ذلك». واضاف «لكن في حالة افغانستان ثمة جدل قوي من زاوية الامن وخاصة في ما يتعلق بالتعامل مع خطر الارهاب من اجل اهتمام متواصل».

وقد بدأت المهمة التي يضطلع بها مؤتمر طوكيو توصف بأنها «مخيفة» اذ ان طفلا افغانيا من كل اربعة يموت قبل سن الخامسة. وتموت واحدة من كل 12 امرأة عند الوضع. ومن بين كل مائة طالب في المدارس الابتدائية يوجد ست فتيات فقط. وتحتاج الطرق والمطارات الى اعادة البناء والمزارع قاحلة وتحتاج الى تطهير من ملايين الالغام. وفي ضوء ذلك كله يقدر مسؤولو المعونات ان اعادة البناء تحتاج الى 15 مليار دولار على مدى 10 سنوات، لكن كابل تقول انها تحتاج الى اكثر من ذلك وتعتزم طلب 22 مليارا خلال المؤتمر. ووفقا لتقديرات مبدئية من البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي وبرنامج التنمية التابع للامم المتحدة فإنه مطلوب خمسة مليارات دولار خلال الفترة الاولى على مدى عامين ونصف العام.

من جهتهم ، قال بعض المسؤولين الاميركيين ان واشنطن انفقت مليارات الدولارات في الحملة العسكرية لاسقاط حركة طالبان ولذلك فانها ستقوم بدور اقل في عملية اعادة البناء. وقال توم لانتوس عضو الكونغرس الاميركي للصحافيين في طوكيو قبل ايام «تحملنا الجزء الاكبر من العبء العسكري ولن نتحمل العبء الاكبر في عملية اعادة البناء». ومن المتوقع ان تساهم اوروبا بنحو 25 في المائة من المساعدات المطلوبة. وقال كريس باتن رئيس المفوضية الاوروبية للعلاقات الخارجية في مقابلة مع تلفزيون ياباني بثت امس «اوروبا مستعدة بالتأكيد لان تبحث في الاجتماع تحملها ربع تكاليف اعادة البناء».