غياب وزير النقل السوداني يفجر تسـاؤلات عن انشـقاقه: تقارير تشير إلى انضمامه إلى حركة التمرد والحكومة تنفي

TT

فجر الغياب المفاجئ للدكتور لام أكول القيادي الجنوبي البارز، وزير النقل في الحكومة السودانية، عن مقر عمله في الخرطوم، أسئلة كثيرة حول احتمالات انضمامه للحركات الجنوبية المتمردة، بعد سنوات من الوفاق مع الحكومة وتوقيع فصيله لاتفاقية السلام في الخرطوم عام 1997. واذا صحت انباء انشقاقه فانه يكون المسؤول الجنوبي الثاني الذي يترك منصبه الرفيع في الخرطوم، لينضم الى القوات المتمردة في الجنوب. وكان رياك مشار مساعد رئيس الجمهورية، قد سبقه في هذا المضمار بخروجه العام الماضي، وتوقيع فصيله الاسبوع الماضي اتفاقا مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، بقيادة جون قرنق يقضي باندماج الفصيلين وتوحيد جهودهما لمحاربة الحكومة السودانية.

وتضاربت الانباء حول انشقاق الدكتور لام أكول وهو أكاديمي سابق بجامعة الخرطوم، بعد ان لوحظ غيابه عن مقر عمله، وعدم مشاركته في الانشطة ذات الصلة بوزارته. غير ان الحكومة نفت هذه الانباء قائلة ان أكول في مهمة لتفقد قواته في ولاية اعالي النيل وسيعود قريبا. ومما زاد من غموض الموقف ان مسؤولا حكوميا كبيرا اعترف بغيابه، لكنه اشار الى ان موضوع تمرده اطلع عليه من الصحف. وأشارت تقارير صحافية الى ان لام أكول اتجه الى مناطق قواته في فشودة عبر ولاية اعالي النيل (جنوب شرق).

وكان اكول قد عاد للخرطوم من نيروبي في السادس من يناير (كانون الثاني) الحالي ليواجه بنبأ وجود انقسام وسط قواته بواسطة القائد الثاني «جيمس اوتو» وانه اتجه الى «ملوط» ثم انقطعت الاخبار عن مكان وجوده. وقالت مصادر ان «الطريق الذي سلكه لام اكول به خطورة عليه نظرا لكثرة الميليشيات غير المنظمة، خاصة ان خروجه تزامن مع الاتفاق الذي وقعه قرنق ومشار». ورجحت مصادر اخرى ان يكون لام اكول بين اهله في فشوده».

ونفت الحكومة من جانبها ان يكون وزير النقل قد انشق عنها وتمرد مرة اخرى، واكدت انه في مهمة تتعلق بتفقد قواته بولاية اعالي النيل، وسيعود قريبا. وقال وزير الثروة الحيوانية ونائب الامين العام للحزب الحاكم الدكتور رياك قاي ان الدكتور لام اكول في اجازة رسمية، وذهب الى اعالي النيل لتفقد قواته، موضحا انه «كان في نيروبي وعاد منها ولو كان يعتزم التمرد لانشق من هناك ودخل الغابة»، وقال المسؤول الجنوبي: ان تناول مثل هذه القضايا وخصوصا مع القيادات الجنوبية من شأنه ان يؤدي الى اهتزاز الثقة بين الشمال والجنوب، وتساءل عن مغزى اطلاق مثل هذه الشائعات في ظروف معقدة تتطلب توحيد الصف في البلاد.

وقال مسؤول آخر هو وزير الدولة بمستشارية السلام ضيو مطوك: ان الدكتور لام اكول ذهب في مهمة لتنظيم قواته بمنطقة اعالي النيل وان رحلة اكول تمت بإذن وعلم الحكومة، وسيعود قريبا، وترجع خلفية خروج لام اكول الذي وقع مع الحكومة اتفاقية فشودة للسلام عام 1997 بعد ان امضى اسابيع في نيروبي التي ذهب اليها لزيارة اسرته وعاد بعدها الى الخرطوم ليغادرها بصورة مفاجئة الى فشودة، واعتذاره عن تقديم ورقة عن النقل في الاجتماع الوزاري للايقاد الذي اختتم اعماله اخيرا في الخرطوم.

وكان الدكتور لام اكول قد تخطاه الاختيار لعضوية المكتب القيادي للحزب الحاكم في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي، الأمر الذي اعتبره مؤامرة لاقصائه، وعبر عن استيائه ازاء الطريقة التي تمت بها انتخابات المكتب القيادي ووجه انتقادات عنيفة لبعض الجهات في السلطة لتعاملها مع القوى الجنوبية، والتباطؤ في تنفيذ بنود اتفاقية السلام الموقعة مع الحكومة الامر الذي اعتبره اتجاها للتراجع عن مبدأ تقرير المصير الذي نصت عليه اتفاقيات السلام.

ومن جانبه استنكر وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان ما تناقلته التقارير عن انشقاق وزير النقل وقال «ليس من المعقول والمسؤولية ان تأخذ وسائل الاعلام بعض الهمس ان وجد ليكون عنوانا لها ولا يمكن ان يكون هناك وزير في الحكومة وتعلن وسائل الاعلام بأنه انشق وذهب لحركة التمرد في الوقت الذي يمارس فيه هذا الوزير عمله ونشاطه». وقال «ان اجهزة الدولة على علم بمكان لام اكول وهو مسؤول حكومي رسمي، وانه التقى به عقب عودته من نيروبي».

واضاف «لا توجد وسائل للاتصال في تلك المناطق التي يوجد بها لام اكول لمعالجة الاوضاع داخل قواته».

ومن جانب آخر اشارت تقارير الى دعوة جون قرنق ورياك مشار لكافة الفصائل الجنوبية لمؤتمر بالجنوب في مايو (ايار) المقبل لتوحيد موقف الجنوبيين، وقد رأى مراقبون انه «اذا حدث هذا فإن ذلك يصب في مصلحة الحل الجذري في السودان، وانه اذا حدث وانشق لام اكول فإن ذلك ليس بالأمر المزعج اذا كانت نتيجته النهائية التعامل مع رأي جنوبي واحد».