شارون يجمد اللقاءات الأمنية مع الفلسطينيين بدعوى عدم اعتقال المتورطين في قضية الباخرة

TT

وجد رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، حجة اخرى يتذرع بها لمواصلة التوتر في المنطقة. فأعلن امس عن تجميد اللقاءات الامنية الاسرائيلية ـ الفلسطينية «حتى يتم اعتقال الفلسطينيين المتورطين في سفينة السلاح «كارين ـ ايه».

في الوقت نفسه اعلنت اسرائيل حالة استنفار قصوى، تحسبا لوقوع عمليات انتحارية فلسطينية في مدنها، بينما طالب الفلسطينيون باعادة الوسيط الاميركي، الجنرال انتوني زيني، فورا الى المنطقة، وسط تصريحات من وزير الخارجية الاسباني، خوزيه بيكيه، بان اوروبا ستبذل كل جهد ممكن لاعادة عملية السلام الى مسارها الصحيح.

وكانت اسرائيل قد اعادت الحصار على المدن الفلسطينية الى اقصى حالات الشدة، امس، بموجب قرار المجلس الوزاري الامني المصغر، ردا على قتل الاسرائيليين الثلاثة في مطلع هذا الاسبوع. وبنا على اقتراح وزير الدفاع، بنيامين بن اليعزر، تقرر الامتناع عن تنفيذ خطة الرد التي وضعتها قيادة الجيش واشتملت على شن غارات عسكرية واسعة على مواقع السلطة الفلسطينية.

ورداً على انتقادات قوى اليمين المتطرف لهذا «القرار المعتدل»، قال شارون انه ليس معنياً بالتصعيد اكثر. واكد المراقبون ان هذا الموقف نجم عن الانتقادات الواسعة للسياسة الاسرائيلية منذ الهدم الجماعي للبيوت في رفح واغتيال قائد كتائب شهداء الاقصى، رائد الكرمي.

ففي اسرائيل ودول الغرب هناك حملة انتقادات واسعة تتهم فيها اسرائيل بالمبادرة الى اجهاض وقف النار وتصعيد التوتر في المنطقة.

كما ان من اسباب الحديث عن «منع التصعيد»، وجود وفد كبير من اعضاء الكونغرس الاميركي، برئاسة ريتشارد كيهات، في المنطقة، ووزير الخارجية الاسباني الذي ترأس بلاده الاتحاد الاوروبي منذ مطلع هذا الشهر. ومن غير المستبعد ان يعود شارون الى عملياته العدوانية، بعد مغادرتهم.

يذكر ان الوزير الاسباني بيكيه اعلن، اثر لقاءاته مع المسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين امس وأول من امس، ان الاتحاد الاوروبي يدرك خطورة استمرار التوتر في الشرق الاوسط. وقال انه سيبذل قصارى جهده من اجل تثبيت وقف النار واستئناف لغة الحوار والعمل، بالتعاون مع الولايات المتحدة، على اعادة العملية السلمية الى مسارها الصحيح في اقرب وقت ممكن.

وكان شارون قد اعلن، اثر لقائه بيكيه، ان استئناف الحوار هو رغبة اسرائيلية جامحة. وانه وضع لنفسه هدفا شخصيا مصيريا ان يصنع السلام ويترك الحلبة السياسية. ولكنه اضاف، انه لا يمكن الوصول الى ذلك طالما ان القيادة الفلسطينية متمسكة باستراتيجية الارهاب.

اما الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، فقد اعلن ان السلطة الوطنية متمسكة بخيار السلام. وانه امر بوقف اطلاق النار وبذل كل جهد في سبيل ذلك «لكن الجانب الاسرائيلي لا يترك وسيلة لاجهاض وقف النار الا ويستخدمها» على حد قوله.

بيد ان اسرائيل ردت بهجمة اعلامية واسعة عليه. وصرح نائب رئيس اركان الجيش، موشيه يعلون، الذي كان قائداً لشعبة الاستخبارات العسكرية، ان عرفات يلجأ اليوم الى الكذب لكي يضلل الناس. بينما هو في الحقيقة ما زال يستخدم الارهاب اداة اساسية لتحقيق المكاسب السياسية.

وقال يعلون في نشرة داخلية لجهاز الاستخبارات، دأبوا على تسريبها لوسائل الاعلام، ان «حماس» هي اكبر خصم لعرفات. ولكنه، مع ذلك، يستخدمها اداة لتحقيق اهدافه.

وأضاف: «ليس صحيحا ان عرفات يتهاون مع «حماس» وغيرها من قوى المعارضة، لأنه يؤمن بأن تصفية اذرعها العسكرية ستؤدي الى حرب اهلية، فمثل هذه الحرب لن تقوم في اية ظروف وعرفات يعرف ذلك جيدا، بل هو يسيطر تماما على الوضع. وهو الذي يوجه الامور. وحتى لو لم يكن يعرف بالعمليات ضد اسرائيل مسبقا، فانه يقرر السياسة التي يفهمها الطرف الآخر بالشكل الذي يرغبه».

ومن جهة اخرى، اطلق رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، تصريحات جديدة ضد عرفات دعا فيها الشعب الفلسطيني الى التخلص منه اذا كان معنيا بالسلام مع اسرائيل. وقال: «السلام معنا تحت قيادة هذا الارهابي، امر مستحيل».

وتجدر الاشارة الى ان اجهزة الامن قررت حالة الاستنفار الامني الشامل في اسرائيل عموماً، امس، وفي مدن حيفا والعفولة والخضيرة بشكل خاص، بدعوى ان هناك فدائيين اسرائيليين في طريقهم اليها لتنفيذ عمليات. وتم استدعاء الشرطة الجماهيرية والمتطوعين لها لحراسة المجمعات التجارية الكبرى.

وفي مثل هذه الحالات تنتشر حالة الفزع والتحسب لدى الاسرائيليين، ولا يعودون يسمعون اية رسالة سلام فلسطينية، رغم ان حالات استنفار عديدة كهذه قد اعلنت وتبين ان لا اساس يبررها.