بن عيسى: تفعيل اتحاد المغرب العربي لا يمكن تحقيقه قبل حل مشكلة الصحراء وتنقية الأجواء بين الرباط والجزائر

TT

أكد محمد بن عيسى وزير خارجية المغرب أمس أن تفعيل اتحاد المغرب العربي نهائيا وبصفة متواصلة لا يمكن أن يتحقق قبل حل مشكلة الصحراء وتنقية الأجواء بين الجزائر والمغرب وطي صفحة الخلاف القائم بينهما بسبب القضية أساسا. وقال بن عيسى ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بخصوص الخلاف الجزائري ـ المغربي حول قضية الصحراء على هامش لقاء وزراء خارجية اتحاد المغرب العربي المنعقد في العاصمة الجزائرية، إن «مشكلة الصحراء المغربية غير مطروحة في جدول أعمال الاجتماع الوزاري، لكن اعتقد أنها مطروحة في أذهان الجميع». وأوضح أنه تعرض بصفة غير مباشرة إلى ضرورة الفصل في هذه القضية كشرط أساسي لإعادة بعث جاد للاتحاد المغاربي. وأضاف أن ذلك «أمر ضروري لأنه إذا كانت الدولة غير مؤمنة على سيادتها وعلى أراضيها فكيف يمكننا أن نفعل ما يحدونا جميعا من آمال في جمع شمل اتحاد المغرب العربي». ولم يستبعد بن عيسى، في رده على أسئلة الصحافيين أن يطرح موضوع الصحراء يوما ما على طاولة النقاش بين أعضاء الاتحاد، وهذا «لم يمنعنا من أن نتحدث في الموضوع بكل صراحة». وكان بن عيسى قد القى كلمة في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري الذي ترأسه وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بلخادم وحضره أيضا وزراء خارجية كل من ليبيا وتونس وموريتانيا، قال فيها «بكل صراحة ومسؤولية إن تمسك المغرب الوثيق باتحادنا (المغاربي) لا يوازيه إلا تشبثه الراسخ والقوي بوحدة أراضيه، وبمعنى اخر فإن قوة اتحادنا تكمن في قوة دوله ووحدة اراضيها وسيادتها». كما اعتبر بن عيسى في حديثه مع الصحافيين انه من غير المنطقي أيضا الحديث عن تفعيل وبعث عمل الاتحاد المغاربي في وقت لا تزال فيه الحدود البرية الجزائرية ـ المغربية مغلقة في وجه سكان البلدين. وقال إن «هذا أيضا من المعوقات والمشاكل القائمة التي يجب التغلب عليها لأنه لا يمكن أن نتصور تواصلا في نطاق ما تحدثنا عنه من تكامل وتضامن واتحاد ودولتان شقيقتان كبيرتان فاعلتان في اتحاد المغرب العربي تعيشان في حدود مغلقة».

وبشأن احتمال برمجة لقاء قمة بين العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، قال بن عيسى إن «الملك محمد السادس عبر في عدة لقاءات عن عدم اعتراضه للقاء مع شقيقه فخامة الرئيس بوتفليقة». وشدد بن عيسى على ان يكون اجتماع الجزائر مناسبة سانحة يجدر استثمارها من أجل تحديد الاولويات واعتماد الخطوات العملية التي من شأنها أن تجسد المنظور المتجدد الذي «نتوخاه لاتحادنا» وخصوصا فيما يتعلق بإعادة النظر في العمل الاتحادي في مجمله. وترشيد العمل المغاربي للتقليص من روتينية الاجتماعات وتكرارها، والعمل على البلورة الميدانية للقرارات والتوصيات حتى يتسنى للمواطن المغربي ملامسة الانجازات على ارض الواقع. من جهته، تعمد وزير الخارجية الجزائري، مثل بقية الوزراء، تفادي التطرق إلى هذه النقطة الخلافية التي تعكر أجواء العلاقات الجزائرية ـ المغربية، بل دعا إلى ضرورة تجاوز كل ما من شأنه أن يؤثر في المسار الطبيعي لاتحادنا أو يعطل عطاءه بمعالجة الإفرازات المختلفة بروح عالية من المسؤولية وبشكل يكفل المحافظة على مكسب شعوبنا الاستراتيجي والتاريخي، الذي يجسد تطلعاتها ويستجيب لطموحاتها وانشغالاتها في التكامل والتضامن، مما يتطلب منا العمل باستمرار لتمكين مشروعنا المشترك من أخذ حقه في التطور والتقدم بعيدا عن كل الاعتبارات والمؤثرات الظرفية العابرة. أما رئيس الوفد الليبي عبد السلام التريكي فقد دعا دول وقادة الاتحاد إلى التعامل مع هذه الهيئة «بأكثر جدية في المستقبل، فالوقت يسرع وعلينا أن نعوض ما فات»، مشيرا الى أن الاتحاد المغاربي لم ينجز «الكثير مما كنا نطمح إليه، رغم قرار إعادة بعثه». أما الأمين العام للاتحاد محمد عمامو الذي تقرر تعويضه بسبب الصعوبات الصحية التي يعانيها فقد أكد، في كلمة لم يستطع خلالها التحكم في دموعه، إن مصير الاتحاد ومستقبل شعوب المغرب العربي مرهونان بضرورة ترقية التضامن والالتزام بالسير وفق النهج المتفق عليه. وكان الرئيس الجزائري قد استقبل أعضاء الوفود المغاربية وتحادث معهم على هامش مأدبة غداء دعاهم إليها في إقامة الميثاق بالعاصمة الجزائرية.