الجماعات الإسلامية في البوسنة تنتقد بشدة تسليم الجزائريين الستة إلى الولايات المتحدة

محامون: غالبية الاتهامات الموجهة إليهم جنائية والحكومة أخطأت عندما اعتبرتها جرائم إرهابية

TT

انتقدت الجماعات الاسلامية البوسنية عملية تسليم «المجموعة الجزائرية» المتهمة اميركياً بأن لها علاقة بالارهاب الدولي، واعتبرتها تجاوزاً لأحكام القضاء ونزولا عند رغبة الولايات المتحدة.

وقالت مجلة «الصف» الاسلامية ان «تسليم الجزائريين للولايات المتحدة تم عبر صفقة رخيصة بين الحكومة البوسنية والولايات المتحدة الاميركية». وتابعت «لا يمكن لأي مسؤول في الحكومة البوسنية ان يدعي بأن البوسنة والهرسك دولة قانون بعد فضيحة المافيا السياسية التي دنست لواء الشرعية المتدثرة به».

وقال ناظم عابد خليلوفيتش احد القيادات المعروفة في البوسنة لـ«الشرق الأوسط» هذه «ليست فضيحة للحكومة، وانما فضيحة لنا جميعا، انها فضيحة لكل بوسني». واضاف «لا احد يرضى ان يعامل اشخاص حلوا ضيوفا علينا، وحارب بعضهم في صفوفنا عندما كنا نتعرض للمذابح، بهذا الشكل الفظيع». وتابع «رغم انها فضيحة لنا جميعا فانه يجب ان يعرف ان الجريمة ارتكبها اشخاص يعدون على الاصابع، ولو كان الامر للشعب البوسني لكان الموقف غير ذلك».

وقال شهود عيان يعملون في مقهى مقابل لباب السجن المركزي لـ«الشرق الأوسط» انهم شاهدوا اربع سيارات جيب سوداء من نوع شيفرولي تقف امام السجن المركزي بسراييفو مساء اول من امس وتحديدا في الساعة السابعة و19 دقيقة، ونزل منها اشخاص ملثمون كانت ترافقهم سيارة من نوع غولف بها 4 عناصر بلباس مدني جميعهم بوسنيون ثم اغلقوا الطريق الفرعي الوحيد الذي يمر بمحاذاة السجن ومنعوا المحامين من الدخول الى المبنى طالبين منهم العودة في الصباح، وفي اليوم التالي وعندما كان المتظاهرون يكبرون امام السجن، بدأ الاميركيون بنقل المجموعة الجزائرية من مطار سراييفو الى حيث هم الآن في قاعدة غوانتانامو الاميركية في كوبا.

وتظاهر اكثر من 300 شخص اول من امس امام السجن المركزي بسراييفو مرددين هتافات التكبير ومطالبين بمعاقبة الحكومة البوسنية بسبب تسليمها الجزائريين الستة الى الولايات المتحدة.

من جهته دافع زلادكو لوجومجيا وزير خارجية البوسنة والهرسك عن موقف حكومته، وقال في مؤتمر صحافي حضرته «الشرق الأوسط» ان «ما قامت به الحكومة هو وفاء لالتزاماتها الدولية، وحتى لا نكون نقطة سوداء في اوروبا». واوضح «لا يمكن ولا نسمح لأي كان ان يتخذ من البوسنة جسرا لارهاب الآخرين او ان يفعل فيها ما يشاء». وتابع «البوسنة والهرسك دولة لها علاقاتها الدولية وليست حدودا سائبة يمكن لمن شاء ان يطبق فيها برامجه الخاصة وأجندته الذاتية».

وعن مدى قانونية الاجراء الحكومي، قال لوجومجيا «ان من حق الحكومة الدفاع عن امنها القومي ومصالحها الاستراتيجية وعلاقاتها الدولية». واضاف «البوسنة كعضو في الامم المتحدة صادقة على قرار مجلس الامن رقم 1373 والمصادق عليه في 28 سبتمبر (ايلول) الماضي والداعي الى التعاون الدولي ضد الارهاب».

وكشفت الحكومة البوسنية بعض الحقائق والتفاصيل عن افراد المجموعة الجزائرية فقالت ان بن صياح مولود في الجزائر في 10 سبتمبر 1962 حسب جوازه اليمني، لكن جوازه الجزائري يبين انه مولود في 10 سبتمبر 1960، كما ان اسمه في الجواز اليمني هو عبد الكريم الصباحي وفي الجواز الجزائري بلقاسم بن صياح. وتضيف انه عام 1995 حصل على الجنسية البوسنية وعلى جواز بوسني. كما تؤاخذه الحكومة البوسنية على اتصال اجراه مع ابو زبيدة احد كبار قيادات القاعدة.

وتقول الحكومة البوسنية ان العضو الثاني في المجموعة صابر الاحمر مولود في قسطنطينة بالجزائر عام 1969، وانه قدم للبوسنة للعمل في هيئة خيرية، وكان من قبل يقاتل في افغانستان، كما كان عضوا في احدى الجماعات المسلحة بالجزائر، وفر من بلاده خوفا من المتابعات القضائية. وتقول السلطات البوسنية ان صابر الاحمر حكم عليه بالسجن 5 سنوات في زينتسا بسبب اعتداء نفذه صحبة بحريني يدعى ابو عائشة على احد الضباط الاميركيين الذي كان يساهم في تدريب الجيش البوسني. لكن «الشرق الأوسط» تأكدت من مصادر مطلعة ان صابر الاحمر لم يذهب الى افغانستان وانما كان يدرس الشريعة في المملكة العربية السعودية وهو خريج الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة، كما ان الحكومة الجزائرية ارسلت له عبر البريد جوازا جزائريا جديدا العام الماضي وهو ما يعني انه غير مطلوب للسلطات الجزائرية.

وتقول السلطات البوسنية ان العضو الثالث بومدين الاخضر الذي يدعى المنتصر مولود في 27 ابريل (نيسان) 1966 بالجزائر، وهو متهم بتقديم بيانات كاذبة، حيث انه ادعى تنازله عن الجواز الجزائري عند طلبه الجنسية البوسنية.

وتقول الحكومة البوسنية ان العضو الرابع بودلة الحاج الذي يدعى ابو عمر المولود عام 1965 قدم بيانات خاطئة عن تاريخ قدومه للبوسنة والهرسك، حيث قال انه قدم في 1 سبتمبر 1992 بينما ختم الجواز يفيد بأنه دخل عبر الحدود الكرواتية الى البوسنة في 5 سبتمبر 1992. وتتهمه السلطات بأنه عضو في مؤسسة خيرية تصنفها الولايات المتحدة بأنها ارهابية.

وتقول السلطات البوسنية ان العضوين الخامس والسادس مصطفى آيت ايدير المولود عام 1970 ومحمد نهلي المولود عام 1972 قدما افادات غير صحيحة تتعلق بتاريخ دخولهما للبوسنة ومشاركتهما في القتال.

وما عدا الاتهامات الموجهة لابن صياح فان المحامين يعتبرون ان «الاجراء الحكومي غير مبرر ولا يستدعي تسليم بقية المتهمين للولايات المتحدة، ورغم ان مخالفات معظم المجموعة جنائية وتتطلب احكاما مخففة فان الحكومة ذهبت الى اعتبار تلك المخالفات جرائم ارهابية».

وكانت السفارة الاميركية قد امتدحت قيام الحكومة البوسنية بتسليم 6 من الجزائريين (5 منهم كانوا يحملون الجنسية البوسنية) الى الولايات المتحدة التي تتهمهم بأن لهم علاقة مع تنظيم «القاعدة» وعلى هذا الاساس تم اعتقالهم في 17 اكتوبر (تشرين الاول) الماضي. وجاء في بيان للسفارة الاميركية حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه «نثمن الخطوة المسؤولة للحكومة البوسنية، وتسليمها المجموعة الجزائرية للحكومة الاميركية، ونحن نعلن بأنهم سيتلقون معاملة حسنة ويحاكمون بالعدل».