الحكومة السودانية وحركة قرنق توقعان في سويسرا اتفاقا لوقف إطلاق النار

مستشار الرئيس السوداني للسلام لـ«الشرق الأوسط»: قطعنا نصف الطريق والاتفاق ثمرة جهود أميركية

TT

في خطوة اولى في طريق تحقيق السلام السوداني، وقعت الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان اتفاقية أمس في سويسرا تقضي بوقف إطلاق النار في منطقة جبال النوبة، بوسط السودان وهي احد المعاقل الرئيسية لحركة التمرد في الحرب الاهلية الدائرة منذ 19 عاما. وقالت الحكومة السويسرية التي توسطت في المفاوضات بمشاركة الولايات المتحدة، ان الاتفاق يسري لمدة 6 اشهر قابلة للتجديد، وسيصبح نافذا في غضون 72 ساعة. ومن المقرر ان تشرف على تنفيذه لجنة عسكرية مشتركة من الجانبين.

وفي اول رد فعل على هذا الاتفاق، أكد الدكتور غازي صلاح الدين، مستشار الرئيس السوداني لشؤون السلام، ان الاتفاق يعد انتصارا لمواقف الحكومة التي ظلت تنادي لسنوات عدة الى وقف لاطلاق النار، فيما كانت ترفض الحركة الشعبية. وقال في اتصال مع «الشرق الاوسط»: «هذا انتصار لنا، وللتيار المتعقل داخل الولايات المتحدة، وهو أول «ثمرة» للجهود الاميركية، نتمنى ان تتواصل من أجل التوصل الى وقف شامل للنار». واضاف صلاح الدين، «لا بد من الاعتراف بالدور الايجابي للولايات المتحدة، التي بذلت جهدا اثمر عن هذا الاتفاق».

وقال بيان الحكومة السويسرية في ختام محادثات مغلقة بين الجانبين استمرت خمسة ايام في بلدة بورغنستوك بوسط سويسرا ان «الاتفاق يجب ان يساهم في التوصل الى حل سياسي للصراع في جبال النوبة». واعلن ليفيو زانولاري الناطق باسم وزارة الخارجية السويسرية ان الاتفاق ينص على تشكيل لجنة عسكرية لمراقبة التزام وقف اطلاق النار تتضمن ممثلين عن الطرفين وبعثة مراقبة دولية مؤلفة من 10 الى 15 مراقبا. وستجري سويسرا والولايات المتحدة اتصالات مع دول عدة للمشاركة في بعثة المراقبة الدولية.

وقال صلاح الدين ان الاتفاق مهم للغاية، ويعد الاول مع الحركة الشعبية، ومع قطاع من «المتمردين» في منطقة هامة في جبال النوبة، منذ اندلاع الحرب في عام 1983. واشار الى ان الاتفاق سيسهم في ايصال المساعدات للمتضررين، وازالة الالغام، وقال انه نصف الطريق نحو السلام. وحول امكانية صمود هذه الهدنة أكد المسؤول السوداني وجود ضمانات لهذا الاتفاق تتمثل في تشكيل آلية للرقابة، مكونة من الطرفين، بالاضافة الى طرف ثالث يرضاه الجانبان. وقال الدكتور غازي ان الطريق مازال طويلا ومليء بالاشواك، وهناك تحديات لا بد ان نواجهها من اجل تحقيق السلام الشامل والعادل للجميع. وقال غازي صلاح الدين ان هذا «الاتفاق يؤكد اننا نمضي في الطريق الصحيح ويساعد في اسكات صوت دعاة الحرب». واضاف «اننا نعتبر الاتفاق جاء تنفيذا للمقترح الاول لجون دانفورث مبعوث الرئيس الاميركي لشؤون السلام بوقف اطلاق النار واعداد المسوحات للاحتياجات الانسانية وهو يعتبر خطوة باتجاه تطبيع الحياة في جبال النوبة ويستهدف تسهيل عمليات الاغاثة واعادة التعمير بالاضافة الى خلق المناخ الملائم من اجل السلام».

واضاف ان الاتفاق ينص على وقف جميع الاعمال العدائية. وجاء في بيان سويسري اميركي مشترك ان «الهدف الرئيسي من اتفاق وقف اطلاق النار هو المساهمة في تسوية النزاع المستمر منذ سنوات عدة وتشجيع السلام في جبال النوبة. وينبغي ان يتيح ايضا تطبيق برامج الاغاثة واعادة التأهيل تلبية للحاجات الاساسية للسكان الذين عانوا من هذه الحرب الاهلية الطويلة». كذلك يهدف الاتفاق الى احلال الثقة بين الحكومة والمتمردين. وتابع البيان انه «يعود للطرفين في نهاية المطاف ان يعملا على تطبيق وقف اطلاق النار».

وجاء في النص ان الاتفاق هو نتيجة اتفاق اولي تم التوصل اليه في السودان خلال لقاءات بين الحكومة والمتمردين بين 6 و13 ديسمبر (كانون الاول) بوساطة اميركية. وقد بدأت مفاوضات بيرغنستوك الاثنين الماضي في فندق فخم من هذه البلدة الصغيرة الواقعة في وسط سويسرا وشارك فيها 11 ممثلا عن الحكومة السودانية وسبعة عن المتمردين. وترأس الوفد السوداني وكيل وزارة الخارجية السودانية مطرف صديق علي النمري في حين ترأس وفد حركة التمرد مسؤول منطقة جبال النوبة عبد العزيز آدم الحلو. وكان الطرفان قد وافقا في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على مبدأ وقف اطلاق النار في جبال النوبة اثناء زيارة للمبعوث الاميركي من اجل السلام في السودان جون دانفورث. الا ان الجيش الشعبي لتحرير السودان اتهم الحكومة السودانية في منتصف ديسمبر(كانون الاول) الماضي بخرق هذا الاتفاق. وكان دانفورث قد زار السودان هذا الاسبوع واوضح ان وقف اطلاق النار في جبال النوبة الذي تتم مناقشته في سويسرا سيكون لمدة ستة اشهر.