محكمة أميركية ترفض اللجوء لعراقي لا يريد الانخراط في الخدمة العسكرية الإلزامية

TT

وصل العراقي دريد يوسف سليمان (18 عاما) الى الولايات المتحدة قبل ثلاثة ايام فقط من هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي على نيويورك وواشنطن. وعقب وصوله مباشرة الى مطار ميامي الدولي طلب سليمان حق اللجوء السياسي املا في الانضمام الى بقية افراد اسرته الذين وصلوا في وقت سابق الى الولايات المتحدة. وفي اطار الطلب الذي تقدم به دريد للسلطات ذكر انه فر من وطنه العراق لأن النظام هناك كان على وشك تجنيده لاداء الخدمة العسكرية الالزامية. كما افاد كذلك انه اذا عاد الى العراق سيخضع في الغالب للتعذيب وربما القتل. وفحص المسؤولون الاميركيون في الجهات المختصة طلب دريد واكدوا ان اعادته الى العراق تعني احتمال تعريض حياته للخطر من قبل النظام العراقي. ثم وقعت هجمات 11 سبتمبر الارهابية بعد ثلاثة ايام فقط من كل ذلك.

اما الآن، فإن دريد رهن الحبس في مركز للاعتقال على مقربة من بورت لودرديل بولاية فلوريدا بعد ان قرر قاضي هجرة اميركي، رغم اعترافه بمخاوف دريد، اعادته الى العراق على اعتبار ان «أية دولة تملك الحق في مطالبة مواطنيها بالانضمام الى الجيش»، طبقا لصيغة قرار القاضي. واشار القاضي الى ان دريد استخدم جواز سفر مزوراً للوصول الى الولايات المتحدة وانه كذب على مسؤولي الهجرة الاميركيين بمجرد وصوله حول الزمن الذي استغرقه في الوصول الى اراضي الولايات المتحدة.

لا احد يعرف على وجه التحديد ما اذا كان وضع دريد سيصبح على ما هو عليه الآن لو لم تقع هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي على «مركز التجارة العالمي» ومبنى وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون). علاوة على ذلك، لم ترد أية اشارة من القاضي الى مخاوف تتعلق بهجمات 11 سبتمبر (ايلول) في ما يتعلق بحالة دريد، كما لم يرد ادنى تلميح في السياق بشأن اعتباره ارهابيا مشتبها فيه.

معلوم ان السلطات الاميركية اعتقلت خلال الاشهر الاربعة السابقة المئات من مواطني دول «الشرق الأوسط» في اطار التحقيق بشأن الهجمات الارهابية، دريد هو واحد من الذين اعتقلوا قبل هجمات 11 سبتمبر (ايلول) ولا يزالون في رهن الاعتقال.

دريد نفسه واسرته ومحاميته يدعون انه فر من حكم صدام حسين وتأمل المحامية هينا عسكري في النجاح في ضم دريد الى بقية افراد اسرته، اذ تقدم مكتبها باستئناف ضد قرار ترحيله الى العراق. بيد ان فشل الاستئناف يعني ترحليه الشهر المقبل. وتقول محاميته انه «صبي صغير السن وشجاع».

الجدير بالذكر ان فوزي سليمان، الشقيق الاكبر لدريد، يقيم حاليا بلاس فيغاس وهو حاصل على الجنسية الاميركية وساعد بقية افراد الاسرة بمن فيهم والدته ووالده في الوصول الى الولايات المتحدة. وقال فوزي ان لديه وظيفة جاهزة لشقيقه للعمل معه، اما اذا اعيد الى العراق فإنه سيواجه «الاضطهاد والموت»، على حد تعبيره. وفي لقاء هاتفي مقتضب مع دريد، الذي كان يترجم له شقيقه فوزي، قال انه جاء الى الولايات المتحدة للعيش مع اسرته. وردا على سؤال حول ما سيحدث له اذا اجبر على العودة الى العراق، قال دريد انه سيتعرض ببساطة للقتل لأنه لاجئ في الولايات المتحدة ولأن ذلك يعتبر سببا وجيها، على حد قوله، لتعرضه للاضطهاد.

قال دريد للقاضي انه من مواليد بغداد وانه لم يتزوج وليس له اطفال. كما افاد المحكمة كذلك بأنه من عائلة مسيحية وان والديه يقيمان بصورة دائمة في الولايات المتحدة. وتوجه دريد، وهو اصغر افراد الاسرة، مع والديه عام 1998 الى الاردن بغرض ترتيب انتقاله الى اميركا. وكانت الجهات المعنية قد صادقت في وقت لاحق على اقامة الوالدين في الولايات المتحدة التي توجها اليها فيما بقي دريد، الذي لم يتسلم تأشيرة للدخول، مقيما مع اصدقاء لاسرته في الاردن. وأوضح شقيقه فوزي ان دريد حاول الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة بنفسه عام 1999 كلاجئ خلال اقامته في الاردن، بيد ان ادارة الهجرة والتجنيس الاميركية تجاهلت طلباته ولم ترد عليها. واضاف ان الاسرة قررت بعد ذلك ادخال دريد بصورة غير شرعية وعرض طلبه امام محكمة للهجرة ظنا منهم بأن هذه الطريقة ستكون اكثر سهولة، على حد قول فوزي.

توجه دريد في نهاية الامر الى الاكوادور حيث اقام مع اقرباء له لمدة ستة اشهر انتقل بعدها الى تشيلي التي اقام فيها يومين ودفع لمهرب يدعى «ماهر» 6000 دولار لقاء الحصول على جواز سفر الماني باسم «جورج نيلسون». اتلف دريد جواز السفر بعد ان ركب الطائرة المتجهة الى ميامي وترك جواز سفره الحقيقي مع ابن عم له في الاكوادور، وبمجرد وصوله الى مطار ميامي الدولي اعلن دريد للسلطات انه يريد ان يتقدم بطلب للحصول على حق اللجوء السياسي في الولايات المتحدة.

*خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»