خطة للتخلص من عرفات بتعيينه رئيسا فخريا وتسليم القيادة لرئيس حكومة بأعلى الصلاحيات

TT

تشهد اروقة الحكم الاسرائيلية هذه الايام نقاشا موسعا حول افضل السبل للتخلص من الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، «بأقل ما يمكن من خسائر». وتقول مصادر سياسية واعلامية ان هذا النقاش ما هو الا جزء من نقاش شبيه يجري ايضا في البيت الابيض في واشنطن وفي عدد من العواصم العربية، وحتى مع مسؤولين فلسطينيين. وان اسرائيل تحاول حسم هذا النقاش بطريقتها.

وقالت تلك المصادر ان الاقتراح المتبلور حاليا، الذي ينطوي على الحد الادني من الخسائر، هو ابقاء عرفات رئيسا فخريا للسلطة الفلسطينية وفي ما بعد للدولة الفلسطينية، على ان تكون الصلاحيات التنفيذية لرئيس حكومة قوي ومدعوم.

وفي اطار هذا النقاش، تدرس اسرائيل امكانية تغيير سياستها الحالية من عرفات. وبدلا من محاصرته في رام الله او تشديدها بتحويله الى حبس منزلي في مقر الرئاسة وعزله عن البشر، يطرح اقتراح بالسماح له بمغادرة البلاد ومنعه من العودة.

والحيرة الاسرائيلية تكمن في الموقف من المستقبل. حيث ان شارون واليمين المتطرف المحيط به يريد التخلص من عرفات ومن كل جهازه، وانتهاز فرصة التجند العالمي ضد الارهاب، والتعاطف الدولي مع شارون، والعجز العربي والاوروبي عن انقاذ الفلسطينيين، للتخلص من اتفاقات اوسلو وانجازاتها، وتحطيم كل رموز الاستقلال التي نجمت عنها (الرئاسة، المجلس التشريعي، الاذاعة والتلفزيون، وغيرها)، ولكن حزب العمل يريد الحفاظ على السلطة الوطنية والوصول معها الى اتفاق، على ان توقف اطلاق النار اولا وتتخلص من كل انصار استمرار الصراع، بمن في ذلك عرفات، «اذا لم يرد إحداث تغيير في موقفه».

وفي هذا السياق، نقل عن لسان شارون، خلال جلسة جرت صباح امس، انه يتعامل مع الفلسطينيين، كما لو ان رئيسهم غير موجود بتاتا. لكن شيمعون بيريس وزير خارجيته، يقول في المقابل ان على عرفات ان يثبت جدراته في القيادة، حتى تتمكن اسرائيل من استمرار التعامل معه. واضاف: «ولو انني اشك في انه معني فعلا بوقف النار. وعلينا ان نوضح له شكوكنا ونعطيه الفرصة الاخيرة حقا».

بينما قيادة جيش الاحتلال الاسرائيلي تقول ان على الحكومة ان تتخذ واحدا من قرارين فورا، فإما تحبس عرفات داخل غرفة عمله وتفهمه انه من المحظور عليه ان يغادر، او انها تقرر طرده الى الخارج.

وحسب محرر الشؤون العربية في التلفزيون الاسرائيلي، ايهود يعري، فان الادارة الاميركية وشخصيات فلسطينية تنخرط في هذا النقاش بشكل فاعل. وقال ان مساعد وزير الخارجية الاميركي، وليم بيرنز، كان قد وصل الى الاردن يوم الخميس الماضي في طريقة الى اسرائيل لمواصلة التمهيد لزيارة الجنرال انتوني زيني، وهو يحمل رسالة توبيخ من الادارة الاميركية الى الرئيس عرفات، بسبب استمرار العمليات عموما وسفينة الاسلحة «كارين ـ ايه» بشكل خاص. ولكن، قبيل ساعات من مغادرته باتجاه اسرائيل، استدعي على عجل للعودة الى الولايات المتحدة من دون ان يسلم الرسالة.

وقالت مصادر اسرائيلية مطلعة ان الادارة الاميركية باتت على شفا اتخاذ قرار بتجميد العلاقات مع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية. لكنها تراجعت في آخر لحظة، ولا احد يعرف ما السبب.

وجدير الذكر ان وزير الدفاع الاسرائيلي، بنيامين بن اليعزر، كان قد انضم الى دعوة السلطة الفلسطينية بعودة الجنرال زيني الى المنطقة. لكن هذه العودة لا تبدو حاليا واقعية، خصوصا بعد عملية الخضيرة مساء الخميس الماضي. اذ اعلنت اسرائيل انها ستقوم بعملية انتقام واسعة وطويلة الامد.

واتضح، امس، مرة اخرى، ان العمليات التدميرية الاخيرة التي قامت بها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، مخططة سلفا منذ عدة اسابيع، وليس صحيحا انها الرد على العمليات الفدائية، في الآونة الاخيرة.

وقال مصدر عسكري كبير امس في تل ابيب، ان الجيش لم يعد بحاجة الى اجراءات بيروقراطية حتى يقصف المناطق الفلسطينية. فقد اقرت قرارات تتيح له عمل كل شيء. واضاف: «لم يعد هناك شيء محصن امام اسرائيل». وعاد وهدد: «اذا لم يعتقلوا المطلوبين منهم، فاننا سنقوم نحن بفعل ذلك».