مسؤول صومالي يشكك في رواية استيلاء القراصنة على «الأميرة سارة» اللبنانية

وزير الدفاع الأوكراني يلمح إلى إمكانية القيام بعملية عسكرية لإنقاذ طاقم السفينة المؤلف من 18 بحارا

TT

لمح وزير الدفاع الأوكراني الى امكانية القيام بعملية عسكرية لإنقاذ 8 بحارة من مواطنيه يحتجزهم 20 قرصانا قرب سواحل الصومال مع بقية طاقم سفينة الشحن اللبنانية «برنسيس سارة» وهم سوري و4 لبنانيين و5 مصريين، ممن هاجم القراصنة سفينتهم ليل الاثنين الماضي وهي في المياه الاقليمية للصومال، مطالبين بفدية قيمتها 200 ألف دولار لاطلاق سراحهم.

لكن الوزير الأوكراني قال إن أي عملية عسكرية تحتاج الى بعض الوقت «لأننا ملزمون بالحصول على موافقة مجلس النواب» وفق قوله لمحطة تلفزيون محلية في العاصمة، كييف، أمس.

وفي العاصمة الصومالية، مقديشو، شكك مسؤول لم تذكر وكالة «رويترز» اسمه، بناء على طلبه، برواية استيلاء القراصنة على سفينة الشحن بالمرة، وتساءل عما كانت تفعله «برنسيس سارة» على بعد 20 كيلومترا على الأكثر من منطقة رأس هفون عند سواحل الصومال.

وذكر المسؤول الصومالي أن ما قيل عن «عطل» طرأ على محرك السفينة، وحمل ربانها اللبناني، أحمد الخانجي، الى الانكفاء بها نحو الصومال لاصلاح العطل، قبل أن يهاجمه القراصنة بالبنادق والسكاكين من 4 مراكب «رواية غير صحيحة على ما يبدو، لأن أي سفينة يطرأ عليها عطل قرب السواحل، ملزمة بالابتعاد عن البر منعا للارتطام، وليس العكس» كما قال.

واتصلت «الشرق الأوسط» بمالك «برنسيس سارة» وهو رجل الأعمال اللبناني توفيق عيسى، الذي وصل الى بيروت فجر أمس من كييف، عاصمة أوكرانيا، حيث كان هناك في رحلة عمل، فنفى ما ذكرته بعض صحف بيروت أمس، من أن القراصنة قتلوا جميع أفراد الطاقم من البحارة، وقال: «إنهم ما زالوا أحياء، وأنا مستعد لدفع الفدية، وهي 200 ألف دولار، لكن القراصنة يسببون لي الحيرة، ففي كل مرة يطلبون شيئا مختلفا» كما سخر من أقوال المسؤول الصومالي، وأكد أن السفينة، التي اشترتها شركته بأكثر من مليون دولار قبل 6 أشهر، كانت قد أفرغت في ميناء مومباسا الكيني 6 آلاف طن من الأسمدة الكيماوية، حملتها الى هناك من مرفأين في رومانيا وتركيا، ثم غادرت في مسار بحري الى عدن، في اليمن، للتزود بالوقود، ومنه كانت ستعود الى بيروت عبر قناة السويس. الا أن محركها تعرض الأحد الماضي لعطل وهي في المياه الدولية القريبة من القرن الافريقي بالصومال، في طريقها الى عدن، فحاول فني من طاقمها اصلاحه، من دون أن يفلح، مما حمل الربان على التوجه بها الى أي مرفأ صومالي قريب لاصلاحه، لكنه واجه نيرانا من مجهولين اعترضوه من مراكبهم في أعالي البحار، فانكفأ عائدا ليتوجه الى عدن من جديد، لكن الفني أصر أن يعيد الربان محاولة التوجه ثانية نحو مرفأ بالصومال يتم فيه اصلاح العطل، وفي اليوم التالي، أي ليل الاثنين الماضي، هاجمت السفينة 4 زوارق «حديثة ومتطورة وفيها امكانيات، على ما يبدو» وفق ما يقوله عيسى، وهاجم 20 مسلحا بالبنادق الأوتوماتيكية والسكاكين السفينة، وسيطروا عليها بعد السيطرة على أفراد طاقمها، الذين تم عزلهم «بواقع 3 بحارة في غرفة نوم، ليس فيها الا سرير واحد» على حد تعبير توفيق عيسى.

وكان مكتب مكافحة القرصنة البحرية، الواقع مركزه الرئيسي في كوالالمبور، بماليزيا، بث منذ يومين أول نبأ عن السفينة، بعد أن تلقى من طائرة استطلاع فرنسية ما رصدته من استغاثات وجهها ربانها لحظة هجوم القراصنة على السفينة، المسجلة في روتردام، بهولندا، كسفينة شحن حمولتها القصوى 8 آلاف طن.

وقال عيسى إن البحارة اللبنانيين في طاقم السفينة هم: نمر يونس وفادي صافي ومصطفى أروادي، بالاضافة الى ربانها، أحمد خانجي. أما البحار السوري فهو برهان طه. وقال إن البحارة المصريين الخمسة هم: سعدون ابراهيم البنا وعرفان عبد ربه الشريف، وهما من كفر الشيخ، وبكر عيسى والسيد بدوي (من دمياط) بالاضافة الى محمد عبد الله، من مدينة بورسعيد. وأكد أن جميعهم أحياء ومحتجزون على متن السفينة التي تحاصرها زوارق القراصنة من كل جانب منذ 6 أيام.

وذكر توفيق عيسى، وهو رجل اعمال معروف في حقل الشحن البحري على مستوى منطقة الشرق الاوسط، ان رجل اعمال صوماليا، ينشط في الحقل نفسه بمدينة جدة السعودية «يساعد من هناك للافراج عن المحتجزين، عبر اتصالات يقوم بها مع اصدقاء له في بعض القبائل بالصومال، ممن يقومون بدورهم بالاتصال بالقراصنة المسيطرين على السفينة عبر الهواتف النقالة او الفاكسات»، كما ان عيسى نفسه يرسل تلكسات عبر قناة قمر صناعي الى القراصنة، فيتسلمونها وهم على متن السفينة «الا انهم في الآونة الاخيرة لا يجيبون.. لا ادري تماما ماذا يريدون، فقد بدأوا بطلب 50 الف دولار كفدية لاطلاق البحارة عند اختطاف السفينة في اليوم التالي من اختطافها، وعندما وافقت رفعوها الى 200 الف دولار، فوافقت ايضا، الا انهم اخبروني امس بأنهم يريدونني شخصيا.. يريدون التفاوض معي على متن السفينة نفسها، وانا لست مجنونا لألبي طلبهم، وان شاء الله ينتهي على خير ما وضعونا فيه عبر البحار» على حد تعبيره.

ولم يستبعد توفيق ان تكون لقضية الاختطاف ابعاد سياسية، مشيراً الى «ان الامر وارد فقد تعدّدت الاحداث التي لم تكن مألوفة على الصعيد الامني في الصومال. والمفاوضات تدل على ان في المسألة ما هو ابعد من المال، فقد ارسلنا الى القراصنة اعترافاً خطياً بالتنازل عن السفينة، وقيمتها تفوق المليون دولار، مقابل إطلاق سراح افراد الطاقم وحتى الآن لم يردوا علينا». وتمنى توفيق ان لا يبادر الخاطفون الى إلحاق الاذى بأحد افراد الطاقم لمزيد من الضغط، «وحينها لا حول ولا قوة الا بالله»، مكرراً ان «القضية تفاعلت بشكل غامض، فقد طلب الخاطفون 50 الف دولار في بادئ الامر، ثم رفعوا المبلغ تدريجياً ووصلوا الى 200 الف دولار. وبعدها طلبوا حضوري او حضور موفد من قبلي للتفاهم معهم، لذا لا املك اجوبة عن تصرفاتهم، والبعد السياسي للقضية مطروح»، ثم ذكر ان حلف شمال الاطلسي «ناتو» دخل على خط المفاوضات وكذلك السلطات الفرنسية.

على صعيد آخر، اوضحت مصادر السفارة الاوكرانية في بيروت، بدورها، انها على اتصال دائم بصاحب شركة السفن عيسى توفيق، وانها اطمأنت الى سلامة افراد الطاقم، ومنهم البحارة الاوكرانيون، واكّدت ان سفينة عسكرية فرنسية تتجه نحو السفينة اللبنانية المخطوفة ويفترض ان تبلغها يوم 21 الجاري (اي غدا الاثنين) ولا يملك ربّانها حتى الآن اوامر اكيدة للتصرف، ترافقها طائرة هليكوبتر، في حين تتابع طائرة فرنسية استطلاعية مراقبة السفينة المخطوفة.

هذا، وعلمت «الشرق الاوسط» ان صاحب الشركة لا يملك المبلغ المطلوب وقدره 200 الف دولار ليدفعه الى القراصنة مقابل اطلاق سراح افراد الطاقم، وان عرضه منح السفينة لهم لم يلق الاهتمام الكافي لانهم لا يحتاجون اليها، وانما يريدون المال فقط.

من جانب آخر اوضح النائب السابق الدكتور عدنان طرابلسي، القنصل الفخري للصومال في لبنان، ان اتساع شواطىء الصومال وبالتالي المياه الاقليمية يحول دون سيطرة السلطات الصومالية على مشكلة القرصنة البحرية، وقال ان السلطات الصومالية تسعى بمختلف الوسائل الى حماية الشواطىء لكن الامر يفوق امكاناتها. واضاف طرابلسي ان وزير الخارجية الصومالي لا يملك التفاصيل اللازمة لمعرفة تطورات عملية الاختطاف.