بطرس حرب: البرلمان اللبناني ليس مكاناً صالحاً للحوار والرأي المسيحي مسحوق فيه

اعتبر أن مراهنة المسيحيين على الحوار مع سورية «لم تكن ناجحة»

TT

حذر النائب اللبناني المعارض بطرس حرب مما اسماه «ميول لدى البعض لتحويل لبنان من نظام ديمقراطي برلماني الى نظام بوليسي لا قيمة لحرية الانسان فيه». واعتبر حرب، وهو وزير سابق، ان المجلس النيابي «ليس مكاناً صالحاً للحوار لانه لا يمثل كل الآراء»، وشكا من ان «الرأي العام المسيحي مسحوق على صعيد المجلس النيابي» وان «مراهنة المسيحيين على حوار مع سورية لم تكن ناجحة بسبب الممارسات السورية».

كلام حرب جاء في حديث الى اذاعة «صوت لبنان» امس قال فيه «لا شك ان صورة الجمهورية غير مريحة، سواء بمفهوم الدولة ككيان او نظام ديمقراطي او على صعيد الوضع الاقتصادي والمعيشي. ومعركتنا الكبيرة ان تستعيد الصورة بهاءها». ثم اضاف «على الصعيد السياسي لم تسترجع سيادتنا الكاملة بسبب استمرار النزاع العربي ـ الاسرائيلي وبقاء قسم صغير محتلا. وعلى صعيد القرار السياسي الوطني اثبت المسؤولون اللبنانيون بفضل ممارساتهم السيئة انهم ليسوا على مستوى ادارة البلاد. وهذا مبرر استمرار العنصر السوري في القرار السياسي اللبناني ما يؤكد عدم اكتمال السيادة». واعتبر ان «هناك ميلاً لدى البعض لتحويل لبنان من نظام ديمقراطي برلماني الى نظام بوليسي لا قيمة لحرية الانسان فيه، وهذا ما يجعلنا نخاف على النظام والحريات».

واردف: «ما يحصل حاليا هو خرق لاحكام الدستور والقانون اللبناني. واضافة الى الخلل الداخلي هناك رغبة سورية في ابقاء الوضع كما هو عليه. المؤسف انه في لبنان يتصرف مسؤولونا بعيدا عن الناس والشعب، لانه لولا الحالة القائمة اليوم لكانوا خافوا من الناس وشعروا بأن الناس ستحاسبهم». ثم اضاف: «على صعيد العلاقة مع سورية كنا نأمل في فتح صفحة جديدة من التعاون مع سورية على اساس الحرص على العلاقات المتبادلة، لكن مراهنة المسيحيين على تحقيق هذا لم تكن ناجحة اولا بسبب الممارسات السورية وعدم قيام العلاقة على اساس دولتين متكافئتين، وأبرز الاخطاء التي ارتكبها بعض اللبنانيين اعتبارهم ان طريق وصولهم الى السلطة هي سورية، وصارت السلطة بيد من تريدهم سورية. البعض ممن هم في السلطة يمثلون الرأي العام لكن اللعبة الديمقراطية لم تأخذ مداها بعد».

واعتبر حرب ان المجلس النيابي ليس مكاناً صالحاً للحوار بين المسلمين والمسيحيين «لانه لا يمثل جميع القوى ويخضع لمعادلة الاكثرية والاقلية. ولو كان المجلس يمثل كل الآراء لتحقق ذلك لكن مشكلة المجلس النيابي انه مقيد بنظام يخضع لنظام تصويت الاكثرية والاقلية. المجلس النيابي الحالي المنبثق عن القوانين الانتخابية التي شكونا منها ولا نزال محكوم بأكثرية تتبنى واقع الشعب، ونحن اقلية مسحوقة بالتصويت الفعلي بأكثرية موجودة».

واشار الى انه «عندما يشعر المسيحيون ان الدولة تقوم على حسابهم فإن ذلك يشكل قلقا للمسيحيين والمسلمين معا. وعندما نرى ان الذي يتظاهر بطريقة حضارية يعتدى عليه، فيما المتظاهرون بالسواطير والسلاح لا احد يقترب منهم. وعندما نرى ما يحصل على صعيد التعيينات ونرى ان الرأي العام المسيحي مسحوق على صعيد المجلس النيابي، كل هذه المسائل هي جزء من الهواجس المسيحية».

وتحدث حرب عن توافق داخل «لقاء قرنة شهوان» ـ الذي يضم عدداً من الاحزاب والقيادات المسيحية المعارضة برعاية البطريركية المارونية ـ على ان «جميع اللبنانيين يرفضون احتلال ارضهم، وكلهم مع «حزب الله» وكل القوى التي قاومت الاحتلال. ولا يعتبرون ان المقاومة هي عمليات ارهابية.... ولكن في الوقت ذاته يجب ان نقول ان اللبنانيين دفعوا اثماناً باهظة عندما تجاوزت مقاومتهم حدود لبنان. التجربة المرة التي دمّرت لبنان ودفعت اللبنانيين للاقتتال في ما بينهم لن نستعيدها. نحن مع الموقف المبدئي بدعم المقاومة لكن عندما تتجاوز حدود المقاومة حدود لبنان نكون كمن يدفع لبنان الى ظروف لا نريدها، بعد 11 سبتمبر (ايلول) نحن في مرحلة خطيرة لا يمكن تجاهلها. فالولايات المتحدة الجريحة هي مثل الحيوان الذي جرح ويرتد غرائزياً على من جرحه. ونحن كدولة صغيرة لا يمكن ان نحتمل النتائج، وعلينا ان نلوي قليلاً لتمر العاصفة لا ان نقف كالسنديان بوجه العاصفة فتكون النتيجة انها تقتلعنا». واضاف: «.. حزب الله حزب لبناني ونحن حريصون على الا يصاب بأذى، وهو قدم تضحيات يعترف الجميع بها، لكن هذه التضحيات المطلوب من حزب الله الا يسمح لبعض الناس ان تحاول تمتين اللبنانيين بها. الحزب تصرف بعد التحرير تصرفا واعيا كان موضع تقدير الجميع. ونراهن على وعي قيادته في ممارسة المسؤوليات الوطنية بمستوى ما مارسه الحزب سابقاً ليحظى بتقدير واعجاب جميع اللبنانيين. واذا حصل لا سمح الله تمادٍ في الخطابات الانفعالية وصحت المزاعم الاميركية حول مشاركة حزب الله في بعض العمليات الاخيرة يكون الامر خطيراً جداً».

وقلل حرب من احتمالات حدوث تغيير حكومي، فقال: «برز بعض الكلام في هذا الاطار ولكن لا اعتقد ان القرار السياسي لذلك موجود ولا الحكومة في وارد الاستقالة. ورئيس الحكومة يفضل ان يحافظ على عدد الوزراء الموالين له في هذه الحكومة. وحتى لو توافرت الظروف للتغيير الحكومي ولم يتغير النهج والعقلية، فالنتيجة ستكون ذاتها».