بيروت تابعت باهتمام أبعاد «الكلمة ـ العاصفة» لمندوب سورية في مجلس الأمن الدولي

موفدون دوليون سمعوا في دمشق كلاماً مشابهاً بعد 11 سبتمبر

TT

تابعت اوساط رسمية وسياسية لبنانية باهتمام الكلمة التي القاها السيد فيصل المقداد، مندوب سورية في مجلس الامن الدولي، وما اثارته من ردود فعل عنيفة من قبل الولايات المتحدة واسرائيل. وكان الوفد الاميركي في الامم المتحدة قد وصف تشبيه المندوب السوري تدمير الجيش الاسرائيلي منازل الفلسطينيين بتدمير برجي مركز التجارة الدولي في نيويورك بـ «الكلام المهين». واعتبر انه «من غير الموفق ابداً ان يستغل السوريون هذه الفرصة اثناء افتتاح اجتماع مخصص لمكافحة الارهاب للادلاء بما نراه خطاباً مهيناً. كما ان هذا الخطاب ليس من النوع الذي نتوقع صدوره عن عضو مسؤول في مجلس الامن».

المقداد، وهو المسؤول الثاني في البعثة السورية لدى الأمم المتحدة، كان قد حضر اول من امس، للمرة الاولى اجتماعات مجلس الامن الدولي، ممثلاً سورية منذ اكتسابها عضويته. وشارك المقداد في الجلسة التي خصص النقاش فيها لدراسة اعمال لجنة مكافحة الارهاب التي انشئت لتطبيق قرار الامم المتحدة بشأن واجب كل الدول في مكافحة الارهاب الذي سبق تبنيه اثر هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي.

وفي حين وصف وزير الاعلام اللبناني السابق ميشال سماحة خطاب المندوب السوري بأنه «لا يعبّر عن صوت سورية فحسب، بل عن ضمير الامة العربية بأسرها»، قال «ان تعريف الارهاب وتحديده لا زال محل خلاف وتباين بين العديد من الدول، خصوصاً لجهة التمييز بين الارهاب والمقاومة»، وتساءل سماحة «اذا كان قتل المدنيين ارهاباً ..فما هو التفسير الذي يطلق على هدم منازل المدنيين فوق رؤوسهم؟».

وبدوره رأى الدكتور علي الخليل، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب اللبناني، كلام المندوب العربي السوري في مجلس الامن تعبيراً عن وجهة النظر العربية، وقال لـ «الشرق الاوسط»: «ان هذا الموقف يلقي الضوء على ناحية هامة لم تزل مطمورة وهي اخفاء الارهاب الاسرائيلي المنظم الذي يعاني منه العرب منذ ما يزيد عن نصف قرن، وعدم إدراج المجازر التي ارتكبتها اسرائيل، وفي مقدمها مجازر دير ياسين وصبرا وشاتيلا وقانا ومجازرها المستمرة بقتل الفلسطينيين وتهديم منازلهم، في لائحة الارهاب، علماً بأن اسرائيل تحاول في هذه المرحلة ان تدفع المنظمة الدولية والقوى الفاعلة من اجل ان تحارب حربها ضد العرب». وتمنى الخليل على المنظمة الدولية «الخروج من دائرة الازدواجية في المعايير وفي تطبيق القرارات الدولية، وكذلك على العالم ان يدرك بأن العرب يلتزمون بتنفيذ القرار 1373 لمكافحة الارهاب الفعلي والحقيقي على اساس التمييز بين الارهاب كظاهرة يجب ان تحارب وبين المقاومة المشروعة التي تناضل من اجل تحرير الارض واستعادة السيادة، وذلك استناداً الى القوانين والاعراف والمواثيق الدولية بما فيها ميثاق الامم المتحدة في مادته الواحدة والخمسين». ولفت الخليل الى «ان ما ورد في كلمة المندوب السوري من نقاط قد يشكل مقدمة اساسية لما ينتظر بحثه في القمة العربية المتوقع عقدها في بيروت، خصوصاً في ما يتعلق بالتأكيد على «ان الاحتلال الاجنبي هو ابشع صور الارهاب. وبالتالي فان مقاومة هذا الاحتلال بما فيه بشكل خاص الاحتلال الاسرائىلي للاراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان السوري وجنوب لبنان هي مقاومة مشروعة، كما ان ما ترتكبه اسرائيل من جرائم يومية بحق الشعب الفلسطيني هو جريمة حرب يجب محاكمة المسؤولين عنها».

وفي هذا الاطار، اعتبرت اوساط مطلعة على الموقف السوري ان اطلالة سورية في مجلس الامن، التي وصفها بعض المراقبين بأنها «المواجهة الاولى» بين دمشق وواشنطن تحت قبة اعلى هيئة دولية «تأتي لتدحض ما تردد عن «مسايرة» سورية للولايات المتحدة في حربها ضد الارهاب او تنازل عن بعض ثوابتها في ما يتعلق بعملية السلام، مقابل تسهيل امر حصولها على مقعد في مجلس الامن...وكانت دمشق قد اكدت مراراً على ادانتها للارهاب والتزامها بمكافحته بالتعاون مع الشرعية الدولية على ان يسبق ذلك تحديد تعريف دقيق للارهاب يميز بينه وبين المقاومة المشروعة للاحتلال الاجنبي.

ولفتت هذه الاوساط الى تأكيد الرئيس السوري بشار الاسد خلال استقباله وزير خارجية اسبانيا جوزيه بيكيه منذ ايام على موقف سورية المؤيد للشعبين الفلسطيني واللبناني في استرداد حقوقهما. كما ذكّرت بما اعلنه اكثر من مسؤول سوري منذ حصول احداث 11 سبتمبر (ايلول) في الولايات المتحدة من ان سورية كانت اول من عانى من الارهاب، في اشارة الى احداث الثمانينات مع الاخوان المسلمين. كما نوهت بالدعوة التي وجهها الرئيس الراحل حافظ الاسد العام 1968 لعقد مؤتمر دولي تشارك فيه الدول الاعضاء في الامم المتحدة لمناقشة موضوع الارهاب وتعريفه وتمييزه عن النضال العادل للشعوب من اجل التحرر والتخلص من الاحتلال الاجنبي، بالاضافة الى توقيعها على اتفاقيات مع العديد من الدول لمحاربة الجريمة العابرة للحدود بغية تنسيق العمل المشترك لمحاربة الارهاب والاتجار غير المشروع بالمخدرات وتبييض الاموال، وكذلك ابرامها الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب ومساهمتها بفعالية في وضع اتفاقية منظمة المؤتمر الاسلامي لمكافحة الارهاب، وهو ما اشار اليه بوضوح المندوب السوري في كلمته «العاصفة» في مجلس الامن.

واوضحت الاوساط نفسها بأن تشبيه المندوب السوري تدمير الاسرائيليين منازل الفلسطينيين بالدمار الذي لحق بمركز التجارة العالمي في نيويورك ليس بجديد على الموقف السوري، اذ سبق لموفدين دوليين زاروا دمشق بعد 11 سبتمبر (ايلول) الماضي ان سمعوا كلاماً يصب في هذا الاطار، كما سمعوا ايضاً «بأن الارواح البريئة التي قضت في عمليات التفجير في نيويورك بفعل الارهاب، لا يجب ان تنسي العالم ان هناك ارواحاً بريئة ايضاً تذبح كل يوم على يد الارهاب الاسرائيلي». (تفاصيل ص 2)