القائم بالأعمال العراقي في باريس: بغداد «مرنة» تجاه موضوع المفتشين

TT

هل حسم العراق امره وقرر التعاطي بشكل جديد مع عقدة عودة المفتشين الدوليين عن اسلحة الدمار الشامل الى اراضيه لغرض قطع الطريق على الرئيس الاميركي جورج بوش الذي لا يفوت فرصة لتحذير بغداد من النتائج المترتبة على رفضها لعودة هؤلاء المفتشين؟

السؤال طرحته «الشرق الأوسط» على الدكتور غازي فيصل حسين، القائم بالاعمال العراقي في العاصمة الفرنسية في الوقت الذي حملت فيه بغداد امين عام الجامعة العربية عمرو موسى رسائل الى اطراف اقليمية ودولية، من بينها حتماً موضوع المفتشين الدوليين.

يقول غازي فيصل حسين ان العراق «مرن» وانه «يؤمن بالانفتاح على دول الجوار والعالم» وانه ذهب الى حد «طرح فكرة الحوار مع الولايات المتحدة الاميركية من اجل بناء علاقات «متكافئة ومتوازنة». ويفهم من كلام القائم بالاعمال العراقي في باريس ان بغداد لا تغلق بابها نهائياً بوجه عودة المفتشين الدوليين لا بل انها مستعدة للتعاون» مع الامم المتحدة. ويضيف غازي فيصل حسين: «العراق على استعداد للتعامل مع فرق نزيهة موضوعية وعلمية وذلك بشفافية ووضوح».

غير ان المسؤول العراقي يشدد على ان هناك «ازمة ثقة» بين العراق وفرق التفتيش الدولية التي لعبت قبل خروجها من العراق في شهر ديسمبر (كانون الأول) 1998 «دوراً مزدوجاً احد وجهيه التجسس على امن العراق لصالح الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل».

ولكن ما هي الشروط والآليات التي يجب ان تتحكم في عودة المفتشين الدوليين الى العراق؟

حديث الدبلوماسي العراقي يضع في الواجهة ضرورة ان توفر الضمانات الكافية بحيث لا يتحول عمل لجنة «انموفيك» الى اعمال تجسسية على الطراز السابق. فضلا عن ذلك، يريد العراق ان تكون هذه العودة في اطار القرار 687 لمجلس الامن. ويضيف غازي فيصل حسين: «اذا استطعنا ابعاد العامل السياسي عن الموضوع اي تحاشي تحويل المفتشين الدوليين للتجسس على العراق، وفي حال تبين ان عمل لجان التفتيش اصبح مهنياً ونزيهاً فاننا يمكن ان نصل الى نتيجة في اطار المادة 22 في القرار 687»، الذي ينص على رفع العقوبات المفروضة على العراق «فوراً» بعد ان يرفع اليه تقرير يفيد بخلوه من اسلحة الدمار الشامل.

ووقفاً للدبلوماسي العراقي، فان اي عودة للمفتشين الدوليين يجب ان تكون «مرهونة برفع الحصار عن العراق بصورة واضحة». غير ان هذا الكلام لا يعني بالضرورة ان رفع العقوبات سابق على عودة المفتشين بل يعني انه يجب التعاطي مع هذه المسألة في اطار «منظومة حل شامل» تعالج في آن واحد عودة المراقبين والعقوبات وعلاقة العراق بمجلس الامن وخلافها. وهنا تدخل عملية صياغة «الالية» التي «يمكن الاتفاق عليها في اطار المناقشات الجارية بين العراق ومجلس الامن وبين العراق والدول الدائمة العضوية في المجلس. وفي هذا السياق تأتي زيارة طارق عزيز الى موسكو. وعن هذه الزيارة قال غازي فيصل حسين «نأمل ان يلعب الروس دوراً لتوضيح الحقائق للاميركيين ووضع صياغات واقتراحات يمكن ان تكون عملية لحل الازمة الراهنة» (علاقة العراق بالامم المتحدة).

غير ان الدبلوماسي العراقي الذي شدد على العلاقة العضوية بين عودة المفتشين ورفع العقوبات يطالب، بالمقابل، مجلس الامن الدولي بان يفي ما عليه من «التزامات» ومنها احترام سيادة العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية (في اشارة لدعم واشنطن للمعارضة العراقية) وكذلك اخلاء الشرق الاوسط من اسلحة الدمار الشامل. لكن هذه المواقف والشروط شيء وحقيقة السياسة الاميركية في العراق شيء اخر، فيما الادارة الاميركية ما زالت منقسمة على ذاتها ازاء السياسة التي ستسلكها ازاء بغداد. ومع ذلك، فان الجديد العراقي ان بغداد لم تنتظر الايام الاخيرة من الفترة الراهنة للنفط مقابل الغذاء حتى تتحرك دوليا وعربيا كما حصل في الماضي. وربما يعود ذلك الى ان التهديدات الاميركية بضرب العراق اكثر من جدية.