استئناف لوكربي: الدفاع يبدأ هجومه ضد إدانة المقرحي باستهداف شاهد مالطي اعتمد قضاة المحاكمة الأصلية على أقواله

محامي الليبي دعا المحكمة للاستفادة من شواهد قضائية من آيرلندا الشمالية في نظر قضية المواطن الليبي

TT

بعد أن سرد الدفاع في جلسة الاستئناف الذي قدمه المواطن الليبي عبد الباسط المقرحي ضد الحكم الصادر بحقه وادانته بتفجير طائرة الـ«بان آم» الأميركية فوق بلدة لوكربي الاسكوتلندية أمام المحكمة الاسكوتلندية الخاصة في هولندا امس شواهد قضائية من ايرلندا الشمالية حيث يقضي قانون الطوارئ بأن تكون المحاكمات بدون هيئة محلفين، انتقل ممثله المحامي بيل تيلور الى الجانب المالطي من القضية. وزعم الادعاء في المحاكمة الأصلية بأن القنبلة التي دمرت الطائرة بدأت رحلتها في مالطا وقبل القضاة أقوالاً مشكوكاً في صحتها ودقتها لصاحب متجر يزعم ان المقرحي اشترى منه الملابس التي عثر على بقاياها ضمن بقايا الحقيبة التي احتوت على القنبلة.

وعاد تيلور، مثلما فعل في المحاكمة الأصلية التي انتهت في 31 يناير (كانون الثاني) 2001 بادانة المقرحي بتفجير الطائرة في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1988 وقتل 259 شخصاً كانوا على متنها و11 في البلدة الاسكوتلندية، الى ابراز الثغرات الخطيرة في اقوال هذا الشاهد لا سيما في ما يتعلق بتعرفه غير الحاسم على المقرحي وعدم يقينه من تاريخ شرائه للملابس من متجره. وخاطب تيلور القضاة الخمسة الذين ينظرون الاستئناف بأن صاحب متجر «ماري هاوس» انتوني غوتشي لا يعول عليه ولا على أقواله وان قضاة المحكمة الأصلية أخطأوا باعتمادهم على أقواله في استنتاج رأي أفضى بدوره الى خروجهم بحكم سلبي ضد موكله، معتبراً ما جرى دليلاً صارخاً على «اجهاض العدالة».

ففي ما يخص تعرف غوتشي على المقرحي، ذكر تيلور بالغموض الذي اكتنف شهادات الشاهد المالطي للشرطة وكذلك أمام المحاكمة الأصلية، مشيراً على وجه الخصوص الى قوله بأن الرجل الذي اشترى منه الملابس المعنية، بما فيها بيجامتان ومظلة، كان دون الـ60 من العمر وتبلغ قامته نحو 6 أقدام، في حين ان المقرحي كان في ذلك الوقت في الـ36 من العمر وطول قامته 5.8 قدم. والأخطر من ذلك ان غوتشي لم يتعرف بشكل حاسم على المقرحي لا من الصور التي عرضتها عليه الشرطة في عمليات الاستجواب الأولى بعد الكارثة ولا حتى أمام المحكمة. إذ اختار صورة المقرحي ذات مرة قائلاً انه يشبه الشخص الذي اشترى منه الملابس، لكنه اختار ايضاً في مناسبة ما صورة الفلسطيني المسجون بالسويد محمد ابو طالب وفي مناسبة أخرى صورة شخص آخر يدعى محمد سالم باعتبارهما يشبهان مشتري الملابس. وفي طابور وقف ضمنه المقرحي في اغسطس (آب) 1999 في كامب زايست ظل غوتشي متردداً واختار المقرحي ولكن بنفس القدر من التحفظات، أي انه يشبه الشخص المطلوب.

واذا كان تعرف غوتشي على المقرحي غامضاً ومصداقيته محل شكوك في ما يتعلق بهذا الجانب، فانه بدا ايضاً غير واثق من تاريخ شراء الملابس، ففي احدى جلسات استجوابه من قبل الشرطة، قال ان ذلك كان في اواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 1988 قبل ان يستقر على ان ذلك كان قبل أعياد الميلاد بنحو أسبوعين وتحديدا في 7 ديسمبر.

ويبرز هنا دور أدلة أخرى خاصة بشهادات عن حالة الطقس وزينة أعياد الميلاد ومباراة في كرة القدم. فغوتشي قال ان الشخص الذي اشترى منه الملابس والمظلة فتح الأخيرة حال خروجه من متجره لأنه كان هناك مطر وصفه بأنه كان خفيفاً بل قطرات. بيد ان مسؤول الارصاد الجوية في مطار لوقا الميجر جوزف مفسود قال في شهادته ان الجو في مطار لوقا كان ممطراً في 23 نوفمبر وان الشيء ذاته كان محتملاً في منطقة سليما القريبة حيث متجر غوتشي. وأضاف ان احتمال المطر في 7 ديسمبر 1988 كان ضعيفاً بنسبة 10 في المائة. وأشار تيلور ايضاً الى قول غوتشي بأنه كان وحيداً في متجره يوم الشراء لأن شقيقه بول كان قد ذهب الى البيت لمتابعة مباراة لكرة القدم على التلفزيون بعد ظهر ذلك اليوم. وقال تيلور انه كانت هناك مباراة في 7 ديسمبر وكذلك في 23 نوفمبر. واتهم تيلور القضاة في المحاكمة الأصلية بأنهم أخطأوا باستنتاجهم بأن تاريخ الشراء كان 7 ديسمبر ، مشيراً الى ان ذلك ربما تم لسبب واحد هو ان هناك أدلة على ان المقرحي كان في 7 و8 من ذلك الشهر في مالطا وغادرها في التاسع منه.

وأبرز تيلور ايضاً التناقضات في شهادات غوتشي عن زينة اعياد الميلاد وقوله في احداها ان مظاهر الزينة كانت قد أقيمت عندما دخل المشتري محله، مما يوحي بأن تاريخ الشراء كان 7 ديسمبر لكنه قال ايضاً في شهادة سابقة ان مظاهر الزينة لم تكن قد أقيمت بعد، مما يعيد تاريخ الشراء الى اواخر نوفمبر، وعلى الأرجح، حسب الدفاع، الى 23 نوفمبر.

وقال تيلور ان التاريخ الأرجح لشراء الملابس كان 23 نوفمبر، مشيراً الى فاتورة تسلمها غوتشي من شركة زودته بملابس بما فيها ثماني بيجامات تحمل تاريخ 25 نوفمبر. وقال تيلور ان غوتشي كان يطلب ملابس جديدة كلما نقص مخزونه، مشيراً الى ان البيجامات تحديداً كانت تشهد طلباً كبيراً في ذلك الوقت. وعليه رأى تيلور ان الملابس المعنية، بما فيها البيجامتان اللتان أشار اليهما غوتشي، لا بد ان تكون اشتريت قبل 25 نوفمبر وعلى الأرجح في 23 من ذلك الشهر.

وذكر تيلور ان القضاة الثلاثة في المحاكمة الأصلية اختاروا قبول أقوال غوتشي على علاتها وفسروها بشكل قادهم الى استنتاج رأي خاطئ بنوا عليه حكماً لا يمكن اعتباره سوى حالة صارخة لـ«اجهاض العدالة». ورفض تيلور قول الادعاء في مذكرته رداًعلى مذكرة مبررات الاستئناف بأن عدم وضوح غوتشي بشأن التاريخ ما كان ليغير من الحكم النهائي شيئاً لأن هذا الحكم، حسب رأيه استند الى أدلة أخرى. وذكر تيلور قضاة الاستئناف باشارة قضاة المحكمة الأصلية في حيثيات حكمهم الى ان «تعرف» غوتشي على المقرحي وأقواله، وإن كانت غير دقيقة وحاسمة، كان جزءاً مهماً من الأسباب التي بنوا عليها حكمهم.

وكان تيلور قد دعا في الجلسة الصباحية قضاة الاستئناف الى ان يأخذوا بالاعتبار دروساً من حالات قضائية في آيرلندا الشمالية، حيث يقضي قانون الطوارئ بمحاكمات بدون محلفين. وسرد في هذا السياق العديد من الشواهد على احكام تم استئنافها ونقضت بعد ما تبين ان القاضي الذي قام بدور «الحكم» و«هيئة المحلفين» في كل منها اخطأ في الاستنتاج وبالتالي خرج بحكم شكل «اجهاضاً للعدالة». كما سرد قضايا أحيلت بموجب الميثاق الأوروبي لحقوق الانسان الى محكمة العدل الأوروبية ونقضت أحكامها ايضاً للأسباب ذاتها.