البيت الأبيض: أميركا تخسر «معركة العلاقات العامة» إذا نشأ أطفال العالم على كراهيتها

TT

تتجه الانظار في «غرفة القيادة» التابعة للبيت الابيض الاميركي والمسؤولة عن صياغة الرأي العام في العالم العربي الى يوم 21 مارس (آذار) المقبل، وهو التاريخ الذي من المفترض ان تبدأ فيه السنة الدراسية الجديدة في افغانستان، اذ يعتزم اعضاؤها ان يجعلوا من هذه المناسبة حدثا اعلاميا.

ترى، هل سيحث الرئيس الاميركي جورج بوش طلاب بلاده على ارسال امدادات مدرسية، وتبني اصدقاء افغان بالمراسلة؟ وما هو حجم العناوين الرئيسية والاخبار التي ستتناول وصول البنات للمدارس عقب سقوط نظام طالبان الذي حظر تعليمهن؟

ثم هل بوسع أي مسؤول اميركي الظهور على شاشة التلفزيون لمناقشة صورة الولايات المتحدة وسط الشباب المسلم؟

هذا هو نوع الافكار التي من المفترض ان تكون «غرفة القيادة» على استعداد لتحويلها الى عمل ملموس، وهي الافكار التي لم تعد تركز بصورة رئيسية خلال الآونة الاخيرة على القضايا ذات الصلة بزمن الحرب، مثل تعقب اسامة بن لادن، اذ تحول التركيز باتجاه تحسين صورة الولايات المتحدة في بقية العالم.

اصبحت «غرفة القيادة» الآن مكانا مختلفا بعد ان انحسرت اخبار القتال في افغانستان من الصفحات الاولى للصحف، كما انتهت فترة رنين الهواتف بصورة متكررة والزيارات المتكررة لمستشاري الرئيس والمتابعة المستمرة للانباء على مدار الساعة.

بل يمكن القول ان عمليات غرفة القيادة تحولت الآن الى جانب اكثر استراتيجية، يتمثل في التوصل الى كيفية كسب حلفاء في الحرب ضد الارهاب في وقت بدأت فيه الحرب تنقل الى جبهات جديدة.

يقول بعض مستشاري الادارة الاميركية ان الولايات المتحدة لا تستطيع خسارة حرب العلاقات العامة، مؤكدين على اهمية استمرار عمل «فريق الطوارئ» التابع للبيت الابيض. اذ يرى جيم ويتكينسون، مستشار الاتصالات بالبيت الابيض ومدير العمليات اليومية لـ«غرفة القيادة»، ان الاطفال عندما ينشأون على كراهية اميركا، فإن ذلك يعني ان «غرفة القيادة» لم تؤد واجبها. كما يعتقد ان الادارة الاميركية اذا قررت حل هذه القيادة ينبغي عليها ان تجد بديلا قويا لها. ويعتقد كذلك ان ثمة حاجة الى كيان دائم «لتحسين اتصال الولايات المتحدة بمختلف اجزاء العالم». الا ان بعض المراقبين يرى ان «غرفة القيادة» «ستختفي من شاشة رادار الادارة الاميركية بمجرد انتهاء النزاع الافغاني».

* السياسة والاعلام

* ستيفن وولت، الاستاذ بكلية جون كنيدي للدراسات الحكومية التابعة لجامعة هارفارد، يعتقد من جانبه ان صياغة الرأي العام وتشكيله امر غاية في الاهمية، لكنه امر لا يحظى باهتمام دوائر السياسة الخارجية الاميركية ولا يخصص له الاهتمام اللازم. ويضيف وولت ان مثل هذه القضايا دائما ما توضع جانبا عندما لا تكون مشكلة ملحة، فهي، طبقا لوجهة نظره، لا تتضمن جوانب الاثارة مثل «ارسال سلاح الجو الاميركي».

لوحظ في الآونة الاخيرة ان «غرفة القيادة» باتت تفتقر الى الحركة والنشاط الدائبين كما كان عليه الحال في الاشهر السابقة، ففي صباح احد الايام الاخيرة كانت اجهزة التلفزيون مطفأة، كما ان اعضاءها الـ20 الذين جرى اختيارهم من وزارة الخارجية والدفاع وهيئات اخرى كانوا اما خارج مكاتبهم او ينقرون بهدوء على لوحات مفاتيح اجهزة الكومبيوتر الموضوعة امامهم. وبصورة عامة يؤكد العاملون في «غرفة العمليات» ان ايقاع العمل بات بطيئا. وفي الاوقات التي تزدحم بالعمل يصبح المكان شبيها ببرج المراقبة الجوية. ويحرص ويلكنسون (31عاما)، وهو من ولاية تكساس، ويدرس اللغة العربية ليلا، ويحدد مدة الاخبارعلى ساعته الرقمية بضوئها الاخضر، على ان تظل الرسالة التي تبثها الادارة خالية من التناقض. ويجري ويلكنسون كل صباح محادثة هاتفية متعددة الاطراف، مع رئيسته كارين هيوز، كبيرة مستشاري بوش، وفيكتوريا كلارك، المتحدثة باسم وزارة الدفاع، واخرين. ثم يبدأ الموظفون في العمل. يقوم احد الموظفين بمد شبكات الاخبار بالحقائق التي تذيعها خلال 24 ساعة، ويقوم اخر بتنظيم مقابلات المسؤولين مع القنوات التلفزيونية العربية. ويجري ثالث إرسال المقالات المحررة الى سفراء الولايات المتحدة لنشرها باسمائهم.

تقع «غرفة القيادة» في قسم « انديان تريتي» بمبنى ايزنهاور، وهو فضاء فسيح بزوايا خشبية في الاركان ونجوم منحوتة على السقف. وتشاهد ذكريات 11سبتمبر (ايلول) في كل زاوية من هذه الغرفة، فهناك سترة فرقة اطفاء الحرائق بنيويورك على الكرسي وعمامة على النافذة مثل التي يعتمرها افراد حركة طالبان.

هذه واحدة من غرف القيادة التي اسسها البيت الابيض مع شركائه البريطانيين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتوجد الغرفتان الاخريان في لندن واسلام اباد، حتى يتمكن الحلفاء من التفاعل مع احداث اليوم منذ الفجر في افغانستان، وحتى الغروب في واشنطن. وتعلن اربع ساعات الاوقات المختلفة في كل انحاء الدنيا، كما توجد خريطة للعالم تضيء في كل الاماكن التي تشرق فيها الشمس.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»