المحققون الأميركيون يبدأون استجواب سجناء «القاعدة» في غوانتانامو

تعليق نقل الأسرى حتى تشكيل «جهاز استخباراتي جديد» للتحقيقات وتشييد «زنزانات دائمة»

TT

بدأت السلطات الاميركية استجواب الأعضاء المفترضين في تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان المعتقلين في غوانتانامو اول من امس لأول مرة منذ وصولهم قبل اسبوعين الى هذه القاعدة الاميركية في كوبا، في الوقت الذي جرى ايقاف نقل اي اسرى آخرين من افغانستان الى القاعدة. ويوجد حاليا 158 سجيناً في معسكر مؤقت للاعتقال في قاعدة غوانتانامو البحرية، فيما ينتظر 270 معتقلا آخر الترحيل من افغانستان الى نفس المعسكر. واوقفت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) بصورة مفاجئة اول من امس ترحيل المقاتلين الذين القي القبض عليهم في الآونة الاخيرة في افغانستان الى قاعدة غوانتانامو التابعة لسلاح البحرية الاميركي بجزيرة كوبا.

واوضح مسؤولون في دوائر الاستخبارات الاميركية ان ثمة حاجة الى المزيد من الزمن للتجهيز والتخطيط قبل الشروع في استجواب مئات السجناء. وقال مسؤولون في البنتاغون ان قرارا اتخذ بوقف عملية نقل السجناء الى حين استكمال حضور ضباط اجهزة الاستخبارات الاميركية في غوانتانامو وتنظيم الجهود اللازمة لاستجواب المعتقلين حول هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي وحول احتمال وجود اعتداءات اخرى مخطط لها مسبقا.

كما نفى مسؤولون عسكريون اميركيون ان يكون قرار وقف ترحيل السجناء مؤقتا الى قاعدة غوانتانامو قد جاء نتيجة للانتقادات المتزايدة بسبب المعاملة التي يتعرضون لها. وقال الرئيس جورج بوش من جانبه ان الشعب الاميركي «يجب ان يكون فخورا» ازاء ما حدث بشأن تفكيك «المجموعات الارهابية».

وصرح ستيفن لوكاس، المتحدث باسم قيادة البنتاغون الجنوبية في ولاية فلوريدا، بأن معتقلي طالبان و«القاعدة» ستستأنف عملية نقلهم الى قاعدة غوانتانامو بمجرد استكمال مسؤولي الاستخبارات الاميركية استعداداتهم الخاصة ببدء استجواب المعتقلين. وقال لوكاس ان الجهات المعنية شرعت في تكوين جهاز استخباراتي من مختلف وكالات الاستخبارات الاميركية ليباشر مهمة جمع المعلومات من خلال عملية استجواب السجناء. واضاف ان السلطات قد اقامت مستشفى في القاعدة، ووسعت التسهيلات والخدمات الخاصة بالمعتقلين. واوضح كذلك ان الهيئات الفيدرالية التي ستضطلع بعمليات استجواب المعتقلين في حاجة الى التأكد من «استكمال الاستعدادت كافة حتى تتمكن من الشروع في العمل الموكل اليها»، مؤكدا ان ارجاء نقل المعتقلين من افغانستان سيمكن العاملين في القاعدة من مواصلة العمل في بناء المرافق الواجب توفرها في معسكر الاعتقال. جدير بالذكر ان الخطط المبدئية تضمنت حبس حوالي 2000 من مقاتلي طالبان و«القاعدة» في غوانتانامو. واوضح لوكاس ان العمل سيبدأ قريبا في تشييد زنزانات دائمة بسقف وثلاثة جدران بدلا من الزنزانات الحالية المحاطة بسياج من السلاسل الحديدية، كما قال ان عمليات التعديل المرتقبة ستجعل الزنزانات اكثر سلامة بالنسبة للمعتقلين، وستسمح للحراس بمراقبة السجناء عن كثب. واضاف لوكاس ان المستشفى الميداني سيكون مجهزا بكل الاحتياجات الى جانب غرفة للجراحة وتجهيزات اخرى.

وبدأت السلطات الاميركية استجواب المعتقلين في غوانتانامو اول من امس، وذلك لأول مرة منذ وصولهم الى هذه القاعدة البحرية الاميركية. واوضح المسؤولون الاميركيون ان عمليات الاستجواب جرت في خيمة واجراها مسؤولون في وكالات اميركية مختلفة. واكد المسؤولون عدم اشتراك ممثلين عن اي حكومات اجنبية في هذه الاستجوابات، مشددين في الوقت ذاته على عدم احقية الاسرى في الاستعانة بمحامين.

واوضح الكولونيل تيري كاريكو المسؤول عن سجن غوانتانامو خلال زيارة قام بها صحافيون للقاعدة، ان هؤلاء الاسرى «خطيرون على الارجح». ولم يسمح للصحافيين بالاقتراب واضطروا الى البقاء بعيدين عن المعسكر مائة متر «لأسباب امنية». ونفى الجنرال كاريكو من جهة اخرى بروز «زعماء» من بين الاسرى، وقال «حتى الان، لم الاحظ ان احدا يتقدم على سواه».

واكد المسؤولون كذلك ان اماما مسلما ارسل الى قاعدة غوانتانامو لارشاد المعتقلين وهو اميركي من اصل بنغلاديشي يدعى ابو هنا سيف الاسلام.

وتأتي خطوة اجراء تحسينات على معسكر الاعتقال بقاعدة غوانتانامو عقب موجة من الانتقادات التي وجهها رجال دين ومحامون ومجموعات تعنى بالحقوق المدنية للسلطات الاميركية بسبب معاملة المعتقلين. وبدأت الانتقادات عقب نشر صور افرج عنها البنتاغون ظهر فيها المعتقلون وايديهم وارجلهم مقيدة بالسلاسل واعينهم معصوبة بنظارات معتمة مع تغطية افواههم بأقنعة جراحية.

وقد اصدرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر من جانبها تقريرا قالت فيه ان «الولايات المتحدة ربما تكون قد ارتكبت عن غير عمد انتهاكا لاتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة اسرى الحرب بنشرها لصور المعتقلين». وذكر كيم غوردون بيتس، المتحدث باسم الصليب الاحمر في واشنطن، انه «ليس مسموحاً لأي جهة اخضاع السجناء للاذلال العلني». كما وصف غوردون بيتس التقرير المشار اليه بأنه متسامح في تنبيهه للولايات المتحدة بشأن هذه المشكلة، مشيرا الى انه لم يكن بوسع اللجنة الدولية للصليب الاحمر تحدي الولايات المتحدة رسميا في هذا الامر.

واكد الرئيس جورج بوش خلال اجتماع له مع مسؤولين في واشنطن ضرورة معاملة المعتقلين بصورة انسانية، وظل يكرر هذا الحديث على مدى عدة ايام مع ازدياد موجة الانتقادات بشأن معاملة الولايات المتحدة للمعتقلين. وصرح آري فلايشر، المتحدث باسم البيت الابيض، أن الرئيس بوش «راض تماما» عن الترتيبات الخاصة بالاعتقال. واضاف فلايشر «اذا لم تفرض عليهم حراسة مشددة، سيرتكبون القتل مرة اخرى».

الى ذلك قال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي «اف. بي. آي»، روبرت مولر، الذي التقى عملاء تابعين للمكتب ومسؤولين افغاناً في قندهار، ان مكتب التحقيقات ووكالات استخباراتية اخرى حصلت مسبقا على معلومات مهمة من المعتقلين في افغانستان، مما ساعد في منع وقوع هجمات على اهداف اميركية في دول اخرى. كما ادلى مسؤولون اميركيون آخرون بتعليقات مماثلة، اذ اوضحوا ان بعض المعلومات التي جرى الحصول عليها من معتقلين في افغانستان ساعدت في احباط مخطط ارهابي في سنغافورة. وطبقا لتصريح مولر، فإن «المعلومات التي حصل عليها المحققون في الآونة الاخيرة من اعضاء مفترضين في «القاعدة»، بالاضافة الى الوثائق التي جرى العثور عليها في افغانستان ساعدت في احباط المزيد من الهجمات على مصالح اميركية في مختلف الدول، بيد ان مولر رفض اعطاء تفاصيل او اسماء.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» و«نيويورك تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»