الناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني يتردد في تأكيد موقف عبر عنه وزير الخارجية إزاء قضية سجناء غوانتانامو

TT

ترددت الحكومة البريطانية في تأكيد موقف عبر عنه وزير الخارجية جاك سترو في وقت سابق من صباح أمس حول الاسلوب الذي تفضله لندن للتعاطي مع سجنائها الموجودين في قاعدة غوانتانامو الاميركية بكوبا. ففيما أكد سترو في مقابلة أجرتها معه هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) صباح أمس أن بريطانيا تُفضل استعادة السجناء الثلاثة كي تحاكمهم بنفسها، كرر الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء توني بلير قوله إن المهم في رأي لندن هو تقديم هؤلاء المتهمين الى المحاكمة سواء في بريطانيا أو خارجها. جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده الناطق الرسمي أمس في مقر رئاسة الوزراء البريطانية بلندن، وإذ أشار الى ان علاقة بلاده مع إيران لا تزال على حالها، شدد على موقف لندن الداعي الى وقف العنف في الشرق الاوسط عندما يتعلق الامر بحزب الله او بالاراضي الفلسطينية المحتلة. واعتبر أن استمرار القصف في أفغانستان يعود الى أن «القاعدة» لم تنتهِ بعد تماماً، موضحاً ان بلير مقتنع بضرورة اتخاذ إجراءات جديدة ضد الارهاب الدولي لم تتضح طبيعتها بعد.

وبينما نفى الناطق الرسمي باسم بلير ان تكون بلاده مستاءة للمعاملة التي يلقاها السجناء في قاعدة غوانتانامو، أكد في رد على عدد من الاسئلة أن رئيس الوزراء البريطاني «يرغب في تقديمهم للعدالة، بأي شكل من الاشكال». وأعرب أن محاكمتهم هي الهدف الذي تسعى لندن الى بلوغه، موضحاً «إذا أمكن القيام بذلك في بريطانيا، فليكن. اما إذا كان يجب ان يتم ذلك في مكان آخر، فليكن». تجدر الاشارة الى أن وزير الخارجية سترو قال صباح امس في مقابلة مع إذاعة القناة الرابعة التابعة لـ«بي. بي. سي»، إن لندن ترغب في تسلم السجناء الثلاثة من السلطات الاميركية. ولم يترك مجالاً لخيارات أخرى حين أجاب عن سؤال عما إذا كان يريد استعادة السجناء بكلمة «نعم». وأضاف «من المفضل بشكل اكبر بكثير» ان «يعودوا الى بريطانيا للمثول امام العدالة هنا».

وفي معرض الحديث عن سجناء غوانتانامو، أكد المتحدث الرسمي باسم بلير إن لندن تدرك أن «هؤلاء لم يمكثوا بعد زمنا طويلاً بكوبا، وأن التحقيقات معهم لم تنتهِ بعد ولم يدلوا بما لديهم من معلومات عن عمليات إرهابية محتملة في المستقبل». وقدر أن يرتفع عدد سجناء القاعدة البحرية الاميركية الى 500 سجين، لافتاً إلى أن الأميركيين هم وحدهم القادرون على تحديد الرقم النهائي الدقيق. وذكر في رد على سؤال حول سبب استمرار القصف في أفغانستان ان «حكومتنا ترى أن سبب ذلك هو عدم انتهاء الحرب». ولفت الى أنه لا تزال هناك «جيوب لطالبان والقاعدة، كما لا يزال الوضع خطيراً». واشار في هذا السياق الى مستودع الاسلحة الذي تم تدميره قبل ايام في افغانستان. وأضاف «ان الحكومة المؤقتة لم تقف على قدميها بعد» مع أنها نجحت في التحرك بسرعة والعمل على تسيير البلاد وإخماد صراعاتها.

وإذ رفض التعليق على الدور المنسوب الى إيران لجهة بث الفرقة بين فصائل افغانية، أكد الناطق الرسمي باسم بلير لـ«الشرق الاوسط» ان العلاقات البريطانية مع إيران «لا تزال على حالها»، في إشارة الى التحسن الذي طرأ على صلاتهما قبل اشهر. واعترف بعدم اطلاعه على «الموقف الرسمي» بما يخص تقديم لندن اسم مرشح جديد لسفيرها المقبل في طهران بعدما رفضت الاخيرة مرشح بريطانيا الاول لاحتلال هذا المنصب. وعما اذا توصل البلدان الى تفاهم حول «حزب الله»، شدد الناطق الرسمي لـ«الشرق الاوسط» على ان «رئيس الوزراء (بلير) أوضح أثناء زيارتيه الى سورية والاردن أننا نعتقد أن العنف لا يمثل الاجابة على قضايا الشرق الاوسط». واضاف «ان إحراز اي تقدم يقتضي وجود حوار بين الاطراف المختلفة بعد إيقاف العنف». وجدد التأكيد في رده على اسئلة أخرى للموقف البريطاني الذي ينص على ضرورة وضع حد للعنف في الشرق الاوسط «أياً كان مصدره»، معتبراً ان ذلك شرط لاستئناف الحوار بين الاطراف المعنية وصولاً الى السلام العادل. واعرب عن إدانة الحكومة البريطانية للعنف بكل اشكاله، لافتاً الى ان «الهجمات الانتحارية في إسرائيل قد أحدثت أثراً كبيراً (سلبياً) على النفسية الاسرائيلية وأدت الى خلخلة ثقة الاسرائيليين». وذكر ان من الضرورة بمكان «وقف العنف لإعادة الثقة بين الاطراف، الامر الذي يفسح المجال لاستئناف الحوار». ونفى أن يكون موقف بلاده الذي يساوي بين الضحية الفلسطينية والمحتل الاسرائيلي عبارة عن «كلام خطابي لا معنى له»، مؤكداً أن هذا الموقف نابع من «الحقائق المرة» للمنطقة. واضاف ان لا احد في العالم يستطيع ان يجبر الفرقاء على الجلوس الى طاولة المفاوضات إذا لم يرغبوا في ذلك، واعرب عن دعم لندن للجنرال انتوني زيني ولكافة الجهود الساعية الى استئناف الحوار بين الاطراف.

وفيما اشار الى إدانة بلير المتكررة للـ«الهجمات الارهابية التي شنها إرهابيون في موسكو»، اكد الناطق الرسمي ان رئيس الوزراء البريطاني مقتنع بان «هناك المزيد مما ينبغي القيام به في إطار مكافحة الارهاب»، بيد انه رفض التعليق بصورة مفصلة على المرحلة الثانية من حرب الارهاب، مؤكداً أن «النقاشات لا تزال مستمرة بهدف تحديد مصدر التهديد والسبيل الافضل لمعالجته».