مقتل إيلي حبيقة ومرافقيه بانفجار سيارة مفخخة واتهامات لبنانية لإسرائيل بتدبير عملية الاغتيال

TT

قتل الوزير والنائب اللبناني السابق ايلي حبيقة وثلاثة من مرافقيه بانفجار سيارة مفخخة استهدفت موكبه صباح امس في محلة الحازمية (شرق بيروت) بالقرب من منزله في اول حادث امني بهذا الحجم منذ انتهاء الحرب اللبنانية وعودة السلطة الرسمية في اواخر العام 1990. وتوجهت الاتهامات اللبنانية فور وقوع الحادث، الذي دلت وقائعه على احتراف شديد في التخطيط والتنفيذ، الى اسرائيل التي اتهمها الرئيس اللبناني اميل لحود صراحة بالسعي لمنع حبيقة من الادلاء بافادته امام المحكمة البلجيكية التي تنظر في اتهام رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بالضلوع في مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982. لكن بياناً مجهول المصدر، ارسلت نسخة منه الى مكاتب «الشرق الأوسط» في بيروت، تبنى تنفيذ «حكم الاعدام بحق العميل السوري ايلي حبيقة». وحمَل البيان على سورية والدولة اللبنانية موجهاً تهديدات للوجود السوري في لبنان.

وفي تفاصيل الحادث ان عبوة ناسفة، قدر الخبراء زنتها بعشرين كيلوغراماً من المواد الشديدة الانفجار، انفجرت لدى مرور سيارة حبيقة، وهي من طراز «رانج روفر». ورجحت مصادر امنية ان يكون التفجير بواسطة جهاز تحكم عن بعد. وما زاد في قوة الانفجار وجود قوارير اوكسجين في سيارة حبيقة يستعملها لممارسة رياضة الغطس حيث كان في طريقه لممارسة هذه الهواية المفضلة لديه. وقد تطايرت جثث حبيقة ومرافقيه من السيارة جراء ضغط الانفجار، وتمزقت على مسافة نحو 10 امتار منها، فيما بقي السائق مربوطاً بحزام الامان وتفحمت جثته.

وتعرف مدير جهاز الدفاع المدني درويش حبيقة الى جثة حبيقة من بطاقة هويته، وسلم الجثة الى الاجهزة الامنية.

واشارت المعلومات الى ان العبوة كانت موضوعة في سيارة من طراز مرسيدس اوقفت على مسافة نحو 150 متراً من منزل حبيقة في محلة الحازمية. وقد ازيلت الارقام المتسلسلة عن محركها وهيكلها. وقال رئيس بلدية الحازمية جوزف يونس ان الطريق التي سلكها حبيقة عُبِّدت منذ اسبوع فقط وان حبيقة بدأ مذذاك استعمالها في تنقلاته، وآخرها صباح امس حيث كان متوجهاً مع مرافقيه لممارسة هواية الغطس.

وقتل، الى حبيقة، مرافقوه الثلاثة ديمتري عجرم ووليد زين وطوني سويدان، وتردد ان مواطناً قتل جراء سقوطه من شرفة مطلة على موقع الانفجار. فيما جرح ستة مواطنين صودف وجودهم في مكان الانفجار والمباني المجاورة. كما تسبب الانفجار في اضرار بالغة في الابنية المجاورة والسيارات المتوقفة في المحلة.

وتوجه وزير الداخلية والبلديات الياس المر فور وقوع الانفجار الى المكان واشرف على انتشال الجثث، كما حضر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي نصري لحود ومعاونه القاضي سامي صدقي الى مكان الحادث وكشفا على جثث حبيقة ورفاقه وسطرا استنابات قضائية الى كافة وحدات الاجهزة الامنية للبحث والتحري عن مرتكبي الجريمة ومن وراءها وتوقيفهم واحالتهم الى القضاء.

والتقى القاضيان لحود وصدقي المدعي العام التمييزي القاضي عدنان عضوم وأطلعاه على المعلومات الاولية المتوافرة. واشار القاضي لحود الى ان العبوة التي استهدفت سيارة حبيقة هي بزنة عشرة كيلوغرامات من مادة «تي. أن. تي» كانت موضوعة في سيارة «مرسيدس 280» متوقفة الى جانب الطريق. وقد فجرت العبوة بواسطة جهاز تحكم عن بعد. واتهم اسرائيل بالوقوف وراء الجريمة. وطمأن لحود الى انها «ليست بداية حرب، انما تستهدف الوزير حبيقة بشخصه».

وأدان رئيس الجمهورية اميل لحود، اغتيال حبيقة. واعتبره «جريمة متعددة الاهداف اراد منها منفذوها الاساءة الى الاستقرار الامني الداخلي الذي يعيشه لبنان منذ احدى عشرة سنة والذي جعله نموذجاً يحتذى وملتقى لمؤتمرات عربية ودولية ونشاطات عالمية متنوعة». ورأى ان «الجناة هدفوا الى اشغال الرأي العام العربي والعالمي عما يجري داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة من جرائم ومنع الراحل (حبيقة) من الادلاء بإفادته امام المحكمة في بلجيكا (حيث يواجه رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون دعوى بتهمة ارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا).

وشدد الرئيس لحود، في تصريح له امس، على ان «هذه الاهداف لن تتحقق لاسيما ما يتصل منها بالوضع الداخلي الذي اصبح من المتانة بحيث لن يتأثر بمثل هذه الجرائم، لأن وحدة اللبنانيين التي حررت القسم الاكبر من الجنوب والبقاع الغربي من الاحتلال الاسرائيلي تترسخ يوماً بعد يوم. وهي التي ستؤدي، مع سهر الدولة بكافة مؤسساتها واجهزتها الامنية، الى كشف الجناة وتقديمهم الى العدالة وانزال اشد العقوبات بهم». وقال: «اللبنانيون الذين عانوا في الماضي من تغييب الدولة لن يسمحوا اليوم بعودة عقارب الساعة الى الوراء».

اما وزير العدل اللبناني سمير الجسر فاعتبر ان «اصابع العدو الاسرائيلي واضحة». وقال: «يجب ان لا نسقط من تفكيرنا وذاكرتنا ان الوزير حبيقة اعلن اكثر من مرة استعداده للشهادة في الدعوى المقامة ضد شارون. واعتقد ان مقابلته لوفد مجلس الشيوخ البلجيكي (زار بيروت اخيراً) دارت حول هذا الموضوع واستعداده للشهادة. وبهذه الضربة اصابوا اكثر من هدف وهم (الاسرائيليون) يحاولون التأثير على سمعة البلد ومؤتمر القمة العربية». واشار الى ان «الاجراءات القضائية بدأت وان النيابة العامة التمييزية والنيابة العامة المالية والنيابة العامة العسكرية تحركت فوراً موضحاً ان «هذه الحادثة اسندت الى النيابة العامة العسكرية لأنها ناتجة عن متفجرات وتدخل في صلب اختصاص المحاكم العسكرية» لافتاً الى «ان احالتها الى المجلس العدلي تحتاج لقرار من مجلس الوزراء».

واستنكر النائب اميل لحود بشدّة عملية الاغتيال متهما الموساد الاسرائيلي بالوقوف وراء حادث التفجير «لمنع الوزير حبيقة من كشف دور شارون في مجازر صبرا وشاتيلا». واصدر «حزب الله» بياناً جاء فيه: «ان اغتيال الوزير ايلي حبيقة في هذا الوقت بالذات يأتي كعمل اسرائىلي مفضوح للتعبير عن الانزعاج من التماسك اللبناني في مواجهة الاحتلال والضغوطات المصاحبة له وكتعبير عن الرغبة في زعزعة الاستقرار الداخلي». وادان الحزب «هذا الاعتداء الصارخ». ودعا الى «كشف الايادي المتواطئة» والى «المزيد من الصمود والوحدة في مواجهة المخططات الاسرائيلية».