بيروت ترى في مقتل حبيقة عملية اغتيال «للشاهد الأبرز» في الدعوى المقامة على شارون

الدوائر اللبنانية تهتم بالحديث الذي نشرته «الشرق الأوسط» مع مستشارة شارون

TT

لم يكد وفد مجلس الشيوخ البلجيكي يغادر لبنان اول من امس بعد زيارة «الاستعلام» حول المسؤوليات المتعلقة بمجازر صبرا وشاتيلا، حتى جرى اغتيال الوزير والنائب السابق ايلي حبيقة الذي يعتبر «الشاهد الابرز» في هذه الجريمة التي كان مسرحها المخيم الفلسطيني الواقع في الطرف الجنوبي من بيروت في 16 و17 سبتمبر (ايلول) 1982 ابان الاجتياح الاسرائيلي للعاصمة اللبنانية حين كان حبيقة رئيساً لجهاز الامن المركزي في «القوات اللبنانية» وكان شارون وزيراً للدفاع الاسرائيلي آنذاك.

ومن المعلوم ان 23 فلسطينياً ولبنانياً نجوا من المجزرة اقاموا دعوى على رئيس الوزراء الاسرائىلي آرييل شارون لدوره في مجزرة صبرا وشاتيلا لدى الغرفة الاتهامية في محكمة الاستئناف في بروكسل استناداً الى قانون بلجيكي صدر عام 1993 يمنح المحاكم البلجيكية صلاحية النظر في جرائم الحرب والابادة والجرائم ضد الانسانية اينما ارتكبت وبصرف النظر عن جنسيات الضحايا والمتهمين واماكن اقامتهم.

واستوقف المتابعون لتفاصيل جريمة الاغتيال والتحقيقات التي بوشرت حولها ما ورد اول من امس عن اتخاذ هيئة المحكمة الناظرة في شأن سير الدعوى المقامة على شارون في بروكسل قرارين حاسمين يقضي الاول بتحديد موعد السادس من مارس (آذار) المقبل لاعلان موقفها من قبول الدعوى بالاساس، والثاني رفض المدعي العام البلجيكي الطلب المفاجئ لوكيل الدفاع البلجيكي عن شارون ادريان ماسيه بنقل المحكمة الى لبنان لان «لا علاقة بين صبرا وشاتيلا وبلجيكا ولأن لبنان تبنى قانون عفو يشمل السيد شارون» على حد قوله.

وقد هزئ مرجع قضائي لبناني من هذا الطلب وأوضح لـ«الشرق الأوسط» «ان وكيل الدفاع المذكور يتجاهل بالتأكيد ان الجرائم الانسانية وجرائم الابادة الجماعية لا يطالها اي عفو. كما ان المؤشرات والمعلومات التي تم جمعها حتى الآن تؤكد ضلوع اسرائيل في عملية اغتيال حبيقة بنسبة 75%».

كذلك اهتمت الدوائر الرسمية والقضائية في لبنان بالحديث المنشور في «الشرق الأوسط» امس والذي اجري مع ريت كهان مستشارة الشؤون القضائىة في مكتب شارون ورئيسة الوفد القانوني الاسرائىلي الذي يشارك في جلسة استماع غرفة الاتهام التابعة لمحكمة الجنايات البلجيكية، حيث اتهمت «حبيقة واعضاء ميليشيات حزب الكتائب اللبناني بأنهم «المسؤولون الحقيقيون عن المجزرة» لافتة «بأن القيادات الكتائبية المسؤولة مباشرة عن مجازر صبرا وشاتيلا مثل ايلي حبيقة ما زالت تتنقل بكل حرية ومن دون حساب».

ورأت مصادر قضائية في تصريحات كهان محاولة لابعاد تهمة ارتكاب المجزرة عن شارون ورميها كلها على حبيقة، خصوصاً ان الاخير سبق له ان اعرب في مؤتمر صحافي عقده في نقابة محرري الصحافة اللبنانية في 5/7/2001 عن ارتياحه لطرح جريمة صبرا وشاتيلا امام القضاء البلجيكي آملاً في ان تتاح له الفرصة للافصاح عن الحقيقة والحصول على براءته من التهمة التي الصقتها به لجنة كاهانا الاسرائيلية معتبراً ان اللجنة لا تشكل المرجعية المحايدة التي يمكن الركون الى احكامها. وذهب يومها الى حد القول انه وبعد اثبات براءته في هذه القضية سيخوض مواجهة اشمل في اطار كشف كل وقائع الحرب في لبنان وكل حقائقها.

واذيع في بيروت امس ان وفد مجلس الشيوخ البلجيكي الذي زار لبنان اخيراً برئاسة رئيس لجنة العدل عضو حزب الخضر جوزيف دوبيه التقى سراً الوزير السابق ايلي حبيقة لمدة 3 ساعات ونقل عن دوبيه «ان حبيقة الذي التقاه سراً يوم الثلاثاء الماضي اعلن امامه انه مهدد وان لديه معلومات يريد الادلاء بها حول مجازر صبرا وشاتيلا: واكد له عدم تورطه في هذه المجزرة واستعداده لزيارة بروكسل في حال قبول السير بالدعوى ضد شارون في العاصمة البلجيكية للكشف عن المعلومات التي بحوزته».

وكان الوفد البلجيكي قد اعلن في مؤتمر صحافي عقده قبل مغادرته بيروت ان المعلومات التي توفرت لديه تجعله يؤكد مسؤولية السلطات الاسرائيلية وخصوصاً وزير الدفاع آنذاك شارون المتورط، بحيث لم يسمح بها فقط بل شجع على ارتكابها». كما قال «بأن الوفد اكتشف من خلال الشهادات التي استمع اليها ان هناك لبنانيين ارتكبوا هذه المجزرة بطريقة فظيعة ووحشية».

وأمس وفيما كانت الانظار قد بدأت تتجه الى بروكسل مترقبة ما سيحمله يوم السادس من مارس (آذار) من مفاجآت في قاعات المحكمة الناظرة بالدعوى على شارون اذ بـ«المفاجأة» تنفجر في لبنان باغتيال «الشاهد» الابرز في الجريمة التي هزت العالم لتعطل معها الادلة التي تدين الفاعل الحقيقي وتبقيه حراً طليقاً وماضياً في ارتكاب المجازر.