طارق عزيز لم يسمع جديدا في موسكو ولقاءاته اتسمت بالطابع الشكلي

TT

أكدت مصادر روسية مطلعة ان طارق عزيز نائب رئيس الحكومة العراقية لم يسمع جديداً من جانب المسؤولين في موسكو في ما يتعلق بموقفها من احتمالات رفع الحصار حول العراق. وفي الوقت الذي كانت فيه موسكو تنتظر سماع موافقة العراق على السماح لمفتشي الأمم المتحدة بالعودة لممارسة نشاطهم في العراق، طرح الجانب العراقي ضرورة توفير كل الضمانات وتحديد سقف زمني لرفع الحصار في حالة الاستجابة لهذا المطلب بوساطة روسية. وكانت موسكو قد أصدرت منذ أيام قبيل وصول المبعوث العراقي مرسوماً حكومياً ينص على تحديد قائمة السلع والمعدات التكنولوجية ذات الاستخدام المزدوج المحظور تصديرها الى العراق، مع تأكيد الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الموقعة حول حظر تصدير تكنولوجيا أسلحة الدمار الشامل. ولعل عدم وضوح الجدول الزمني للقاءات نائب الحكومة العراقية في موسكو ولا سيما ما يتعلق منه بلقاءاته مع رئيس الدولة فلاديمير بوتين أو رئيس الحكومة ميخائيل كاسيانوف لأن اشارة واضحة على تقدير بعض المراقبين نحو أن تحديد ذلك يتوقف والى حد كبير على مدى استجابة المبعوث العراقي لما تطرحه موسكو من حلول دبلوماسية تهدف بالدرجة الأولى الى ابعاد العراق عن أي احتمالات حول توجيه ضربات مباشرة اليه سواء تحت ستار تورطه في ايواء الارهاب او بذريعة عدم التزامه بقرارات الأمم المتحدة ورفضه لقبول المفتشين الدوليين.

وحفل برنامج زيارة عزيز في موسكو ببعض اللقاءات التي يغلب عليها الطابع الشكلي مثل لقاءاته في مجلس الدوما مع عدد من زعماء الكتل البرلمانية. في هذا السياق التقى عزيز رئيس الحزب الشيوعي الروسي جينادي زيوجانوف ليؤكد عقب لقائه انه يأمل من أن تسهم موسكو في رفع الحصار عن العراق. وأشار عزيز الى الصلات الوثيقة التي تربط حزب البعث العراقي بالحزب الشيوعي الروسي فيما اعتبر زيوجانوف ان الحصار الذي يفرض على دولة بأكملها «ظاهرة دولية غير لائقة».

والتقى عزيز كذلك مع زعيم كتلة الوحدة الموالية للكرملين فلاديمير بيختين الذي أكد عدم وجود أية دلائل تشير الى تورط العراق في احداث 11 سبتمبر (ايلول) الماضي ومن ثم فان بلاده ترفض توجيه أية اتهامات عمياء الى السلطات العراقية. ودعا الزعيم البرلماني الى عدم اللجوء الى القوة لحل المسألة العراقية، مؤكداً ان فرنسا وألمانيا والصين تؤيد روسيا في ذلك. وأشار الى ضرورة استئناف المشاورات مع الشركاء الأميركيين بهذا الشأن فيما دعاهم الى ضبط النفس.

وكان يفجيني بريماكوف رئيس الحكومة الروسية الأسبق قد أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» الى ضرورة التزام العراق بتنفيذ قرارات مجلس الأمن مع تحديد سقف زمني يهدف الى التخفيف من وطأة الحصار المفروض على العراق وهو ما يقترب في جوهره مما جاء به عزيز الى موسكو حسب تقدير مصادر دبلوماسية.

وفي مباحثاته مع وزير الخارجية الروسي التي بدأت في وقت متأخر من مساء أمس وطالت الى الساعات الأولى من صباح أمس، أكد الجانب العراقي رفضه للامتثال لأية ضغوط أميركية وإن اشار الى استعداد بلاده للتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة.

ومن جانبه أكد ايغور ايفانوف رفض بلاده القاطع لاستخدام القوة سبيلاً لحل المسألة العراقية. وقد أعلنت موسكو اكثر من مرة عن ان أي حل على غرار ذلك يمكن ان يعقد المشكلة حول العراق ويؤدي بمنطقة الشرق الأوسط عموماً الى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» قال طارق عزيز ان بلاده «لا تخشى شيئاً وان اميركا حين تقرر الاعتداء فانها تخرق كل القوانين وتدوس على كل الأعراف. ان العراق لن يخضع للابتزاز ولا للتهديد ولن يقبل إلا بالحل الشامل وبالالتزام بحرفية ونص قرارات مجلس الأمن». وعاد ايفانوف ليقول رداً على سؤال آخر لـ«الشرق الأوسط» ان روسيا لن تقبل بأن تتسع الرقعة الجغرافية للعملية المضادة للارهاب بشكل عشوائي او انتقائي. وقال انه اذا حدث ذلك فان ذلك سيضعف التحالف الدولي المناهض للارهاب ويطلق العنان أمام القوى المتطرفة التي تستهدف اضعاف هذا التحالف. وأشار الى ضرورة الالتزام بالشرعية الدولية، مؤكداً ان مواقف العراق وروسيا تتطابق الى حد كبير، وقد بات واضحاً ان الوقت لم يكن كافياً لمناقشة ما أشار اليه ايفانوف في مستهل مباحثاته مع عزيز حول مجمل القضايا الثنائية والشرق الأوسط والأمن الاقليمي.