واشنطن تبحث تحديد موقف جديد من عرفات وتبعث برسائل إلى 3 دول عربية

TT

وصلت مصداقية الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش الى اقل درجة لها، والدليل على ذلك ان المسؤولين الاميركيين بدأوا في دراسة امكانية وقف مهمة السلام، التي بدأها قبل شهرين الوسيط الاميركي الجنرال انتوني زيني او قطع الاتصالات تماما مع عرفات.

وعقد مستشارو الرئيس بوش للشؤون الخارجية اجتماعا لتقييم سياسة الادارة في الشرق الاوسط وسط تزايد الاحباط من جهود عرفات لغسل يديه من المحاولة الاخيرة من قبل فلسطينيين للحصول على 50 طناً من الاسلحة المهربة. وتوصل المسؤولون الاميركيون الى معلومات استخباراتية اميركية واسرائيلية تشير الى ان شخصيات فلسطينية كبيرة شاركت في محاولة التهريب وطالبت بأن يتحمل عرفات مسؤوليته عن الحادث.

ويريد بعض رجال الادارة لا سيما في مكتب نائب الرئيس ديك تشيني، من الولايات المتحدة تبني خيار قطع علاقاتها بعرفات لانهم يعتبرونه غير موثوق به ومدموغاً بالارهاب. ويشمل هذا الخيار ايضا تجميد الاتصالات مع كبار مساعديه.

غير ان طرفا آخر في الادارة يشعر بالقلق من وقف الاتصالات مع عرفات تماما انطلاقا من ان ذلك قد يؤدي لاضعاف الجهود الاميركية للعمل مع الدول العربية المعتدلة في الحملة ضد الارهاب. وفي وزارة الخارجية التي كانت دائما تقف الى جانب ضرورة مشاركة الولايات المتحدة في عملية صنع السلام، بدأ المسؤولون يتشككون في مصداقية عرفات ويترددون في مسألة استمرار مهمة المبعوث الاميركي الخاص انتوني زيني.

وكان زيني قد عاد للولايات المتحدة من جولة محادثات في الشرق الاوسط منذ ثلاثة اسابيع، وكان من المفروض ان يعود للمنطقة قبل اسبوع. وأجلت الرحلة الجديدة الى ان تنتهي اعادة تقييم سياسة الادارة في المنطقة.

وهذه الخيارات، بالاضافة الى غيرها من الاجراءات مثل، اقتراح اغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ربما تبحث في الاجتماع الذي يفترض ان يكون قد عقد امس بحضور كبار المسؤولين في البيت الابيض ووزارتي الخارجية والدفاع (البنتاغون) ووكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. ايه). وذكر المسؤولون ان اية قرارات تتخذ يمكن ان تبرز الى حيز الوجود في 7 فبراير (شباط) المقبل، موعد زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون للبيت الابيض التي اعلنت اسرائيل عنها امس.

تجدر الاشارة الى ان المناقشات داخل الادارة بخصوص عرفات هي بين «المتشددين والاكثر تشددا»، كما اوضح روبرت ستالوف من معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى.

كما ان المسؤولين في البيت الابيض يشعرون بالغضب من خطاب ارسله عرفات الى بوش الاسبوع الماضي، ذكر فيه انه ليست لديه اية معلومات عن شحنة الاسلحة. ويشعر المسؤولون بالارتياب ويعتبرون نفيه مهينا.

وطالب وزير الخارجية الاميركي كولن باول عرفات خلال اتصال هاتفي اجراه معه ليلة الاربعاء الماضي بتحمل مسؤولية السفينة «كارين ايه» التي اعترضتها القوات الخاصة الاسرائيلية في عرض البحر الاحمر في يناير (كانون الثاني) الحالي وعلى متنها صواريخ كاتيوشا ومتفجرات وغيرها من الاسلحة. كما طالب باول ايضا عرفات باعتقال متطرفين، مثل هؤلاء الذين شاركوا في هجوم الاسبوع الماضي على حفل ديني في شمال اسرائيل، مما ادى الى مقتل 6 اشخاص.

وتأتي هذه المناقشات في الوقت الذي تتوقع فيه الادارة الاميركية ضغوطا من بعض اعضاء الكونغرس لاتخاذ مواقف متشددة من الرئيس الفلسطيني.

وزارت 8 وفود من الكونغرس الشرق الاوسط خلال عطلة مجلسي النواب والشيوخ الاخيرة، وتوقفوا في اسرائيل خلال التصعيد الاخير لاعمال العنف والكشف عن سفينة الاسلحة. وعاد البعض منهم وهم مصممون على ضرورة تبني الادارة لموقف معاد لمنظمة التحرير، اكثر علنية.

تجدر الاشارة الى ان موقف الادارة بدأ في التغير في الاسابيع الاخيرة، مع قلة رغبة المسؤولين الاميركيين في انتقاد اسرائيل علنا لسوء تصرفاتها، مثل اغتيال النشطاء الفلسطينيين واحتلال المناطق الفلسطينية.

وكان المتحدث باسم البيت الابيض آري فلايشر قد اصدر بيانا مباشرا يدعم فيه بشكل علني الاجراءات العسكرية الاسرائيلية باحتجاز عرفات في مقره في رام الله. وقال في بيانه «يفهم الرئيس الاسباب وراء اتخاذ اسرائيل لهذه التصرفات، ويرجع الامر الى الرئيس عرفات ببذل الجهود لمحاربة الارهاب».

وقبل يوم لمح فلايشر الى ان محاولة تهريب الاسلحة كانت حدثا مهما يمكن ان يعطل جهود الادارة في المشاركة بالتوصل الى هدنة اسرائيلية ـ فلسطينية.

وقال فلايشر «كل العمل الجيد والجهود الايجابية، تعطلت بسبب شحنة الاسلحة التي تلقتها ودفعت ثمنها السلطة الفلسطينية، وهو الامر الذي ادى الى تعقيد فرص عودة السلام في الشرق الاوسط. اذا كان سيتم شراء الاسلحة ويدفع ثمنها من اجل الارهاب فمن الصعب للغاية ايجاد عملية سلام واقعية او ذات مغزى».

وفي الوقت الذي يعيد فيه البيت الابيض تقييم دوره، فإن المسؤولين يسعون الى الحصول على معلومات من الكونغرس. فقد التقى يوم الاربعاء اربعة من اعضاء لجنة الشؤون الاستخباراتية الدائمة في مجلس النواب مع الرئيس بوش ومستشارة شؤون الامن القومي كوندوليزا رايس ورئيس هيئة موظفي البيت الابيض اندرو كارد ومسؤول متابعة شؤون الكونغرس في البيت الابيض نيكولاس كاليو لمدة 45 دقيقة لتقديم تقرير عن جولتهم في عواصم الشرق الاوسط. وذكر بيتر هوكسترا النائب الجمهوري عن ميتشيغان الذي حضر الاجتماع ان «التعامل مع عرفات كان على قمة اجندة بوش».

اما النائب توم لانتوس من كاليفورنيا العضو الديمقراطي في لجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب ومن كبار منتقدي عرفات، فقد حث الادارة بالامس على توجيه انذار الى الزعيم الفلسطيني.

الى ذلك ذكرت وكالة «اسوشيتيد برس» ان بوش بعث الى 3 من الزعماء العرب ادلة تثبت ان السلطة الفلسطينية كانت متورطة في سفينة السلاح. وطالب بممارسة الضغط على الرئيس عرفات لاعتقالهم.

وقال مسؤولون في الادارة الاميركية ان بوش بعث بالادلة الى السعودية ومصر والاردن.

وهذا يعني ان ادارة بوش مقتنعة كل الاقتناع بأن سلطة عرفات كانت متورطة رغم نفي عرفات لأي علاقة للسلطة بشحنة الاسلحة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»