أسير في غوانتانامو يثير أزمة بين أستراليا وأميركا واتهامات بالازدواجية

سيدني: آندرو ويست *

TT

كانت استراليا من اولى الدول التي عرضت تقديم الدعم اللازم للولايات المتحدة في حربها ضد الارهاب، وذلك بعد ايام فقط من هجمات 11 سبتمبر (ايلول) على واشنطن ونيويورك، اذ اعلنت انها على استعداد لارسال قوات قوامها 1500 جندي وضابط للمشاركة في العمليات، كما ايد الرأي العام الاسترالي بقوة حرب الولايات المتحدة على الارهاب.

غير ان اعتقال القوات الاميركية لـ«الأفغاني الاسترالي» ديفيد هيكس، الذي كان يقاتل في صفوف طالبان، اثار توترا كاد ان ينسف العلاقات الودية المتبادلة بين الطرفين. ويقول بعض المعلقين ان هذا الموقف يعكس ازدواجية المعايير لدى الجانب الاميركي في مجال القانون الدولي. ففيما يواجه «الأفغاني الاميركي» جون ووكر ليند محاكمة مدنية في الولايات المتحدة، من المحتمل ان يقدم 400 اجنبي تعتقلهم الولايات المتحدة في كوبا وافغانستان إلى محاكم عسكرية اميركية.

ويعتبر ديفيد هيكس، واحداً من بضعة مواطنين غربيين، بمن في ذلك ثلاثة بريطانيين، كانوا يقاتلون في صفوف تنظيم «القاعدة» في أفغانستان.

ولم يطالب حزب العمل الاسترالي المعارض باعادة هيكس الى استراليا فحسب، بل ان المحكمة العليا وصفته بأنه «ضحية لمحاولة حكومته الاستمرار في محاباة واشنطن». ويعتقد جون دود، النائب العام المحافظ السابق ورئيس فرع استراليا التابع لـ«اللجنة الدولية للمحلفين»، ان استراليا كانت ستحتج على استمرار اعتقال هيكس لولا علاقاتها بالولايات المتحدة. واضاف دود ان موقف الحكومة الاسترالية في هذا الشأن «مثير للشفقة»، خصوصا ان هيكس محبوس في ظروف اعتقال تعتبر انتهاكا واضحا للمواثيق الخاصة بمعاملة السجناء.

وقال داريل ميلهام، الناطق الرسمي باسم المعارضة، ان رفض طلب الحكومة الاسترالية بمقابلة هيكس يعكس سلبية الموقف الرسمي مقارنة بالاصرار الفوري لوزير الخارجية البريطاني، جاك سترو، الذي قال ان المواطنين البريطانيين الثلاثة لن يواجهوا محكمة عسكرية او عقوبة الاعدام. واضاف ميلهام ان سترو كان قويا في موقفه هذا مقارنة بموقف استراليا. كما قال معلقا على حكم الاعدام، ان الولايات المتحدة تراجعت في ما يبدو عن موقف سابق يتعلق بعقوبة الاعدام بحق الاجانب. واعرب ميلهام عن قلقه ازاء مدى اخضاع الحقوق القانونية لهيكس للدبلوماسية المكوكية بين الحكومة الاسترالية والولايات المتحدة.

الجدير بالذكر ان مسؤولين بريطانيين كانوا قد زاروا المعتقلين البريطانيين في «كامب اكس رأي» بقاعدة غوانتانامو في كوبا وصرحوا في وقت لاحق بأن لا شكوى لديهم تجاه معاملة السجناء، مما يتعارض تماما مع ما أثارته بعض التقارير الاوروبية وجماعات حقوق الانسان الدولية.

وفي حال تلقى هيكس والمعتقلون الاجانب الآخرين معاملة مختلفة عن تلك التي يتلقاها ووكر، فإن ميلهام يتوقع حدوث تصدع في التحالف الدولي ضد الارهاب، مشيرا الى ان ذلك سيثير انتقادات الكثيرين الذين سينظرون الى الامر كونه تعاملا مع المعتقلين على اساس الجنسية رغم ان التهمة الموجهة اليهم واحدة.

وكان هيكس (26 سنة)، وهو من سكان مدينة آديليد بجنوب استراليا، قد القت القبض عليه قوات التحالف الشمالي في 9 ديسمبر (كانون الاول) الماضي في افغانستان حيث كان يقاتل في صفوف قوات طالبان، وسلم في وقت لاحق الى القوات الاميركية. وكان هيكس قد شارك عام 1999 في القتال في صفوف ألبان كوسوفو ضد القوات الصربية. وينتظر هيكس في ما يبدو مصيرا غير معروف، كما انه لا يجد الكثير من التعاطف من جانب حكومته. ويرى المدعى العام الاسترالي داريل ويليامز انه يجب ان يكون هناك تعامل واقعي مع طبيعة الخطر المحتمل الذي يشكله المعتقلون الذين جرى ترحيلهم الى كوبا، مشيرا الى انه قد جرى تدريبهم واعدادهم لكي يصبحوا ارهابيين، ويعملون حسب التوجيهات الصادرة من تنظيم «القاعدة»، اذ يعتبر ذلك في نظره «اخطر ما يمكن ان يصبح عليه الشخص».

ونفى ويليامز ان تكون الولايات المتحدة او استراليا في وضع يمكن أياً منهما في بدء محاكمة هيكس، مما يعد اعترافا بأنه ربما لا يكون قد ارتكب أي مخالفات طبقاً للقانون الاسترالي.

وفي الوقت الراهن تبدو اغلبية طفيفة وسط الاستراليين غير مبالية بمصير هيكس. ولم يجر استطلاع للرأي حتى الآن للوقوف على ردود فعل الرأي العام ازاء قضية هيكس، ولكن طبقا لوكالة «ريهيم استراليا» المعنية بمتابعة وسائل الاعلام، فإن برامج الاحاديث الاذاعية، التي يعتبرها السياسيون مقياسا للرأي العام السائد في الشارع، تشير الى ان نسبة من هم ضده اكبر بقليل من المتعاطفين معه، ولكن وفقا لرأي المحللة الاعلامية كيت فلاندرز، فإن ثمة معارضة بدأت في الظهور وسط من يرون ان «هيكس مواطن استرالي، وان استراليا ليست الولاية رقم 51 لأميركا».

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»