سترو ينفي وجود شبه بين أحداث سبتمبر والهجمات الانتحارية في إسرائيل

يعتبر العلمانيين مصدر أكبر قدر من الظلم في العالم الإسلامي

TT

نفى وزير الخارجية البريطاني جاك سترو وجود شبه بين هجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) الماضي في اميركا وبين العمليات الانتحارية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأكد رئيس الدبلوماسية البريطانية في خطاب القاه امس في «مركز أوكسفورد للدراسات الاسلامية»، أن الظلم الذي تعرضت له النساء وأفراد الاقليات العرقية في أفغانستان مقطوع الصلة بالاسلام، خلافاً لما يعتقد بعض الغربيين. وشدد على أن للدين الاسلامي الحنيف وجهه الناصع في ميدان حقوق الانسان عموماً والمرأة خصوصاً. وأوضح ان درجة القهر التي مورست في ظل علمانيين كصدام حسين وشاه ايران، فاقت بكثر ما يُنسب الى انظمة إسلامية عبر التاريخ. واعتبر ان واجب المسلمين التصدي لمجموعات متشددة شبيهة بـ«القاعدة»، لا تختلف في عنصريتها برأيه عن منظمة مثل «كو كلوكس كلان» التي تنادي بسيادة العرق الابيض. واشار الى انه يتفهم سبب سخط المسلمين أينما كانوا للأوضاع التي تشهدها الضفة وقطاع غزة وكشمير والعراق، معترفاً بضرورة معالجة هذه الاوضاع. وأعلن عن برنامج وشيك سيطلقه المجلس الثقافي البريطاني تحت عنوان «ربط مستقبل الشباب المسلمين والمسيحيين» لتعريف الاجيال الناشئة في الدول الاسلامية وبريطانيا بقيمهم الثقافية المتبادلة.

وكان سترو قد أعرب أول الامر عن سعادته البالغة لكونه نائب منطقة بلاكبيرن في شمال إنجلترا، التي يربو عدد ابنائها المسلمين على 25 الف نسمة. وإذ اكد ان أحداث سبتمبر (ايلول) الماضي وما تلاها قد «بعثت الحياة في صور قديمة مشوهة عدة»، فقد اشار الى ان تلك الهجمات ليست متصلة بالعمليات الانتحارية في فلسطين. وقال سترو «إن البعض في الغرب يشير الى تلك الاحداث المروعة التي شهدتها الولايات المتحدة، ويربطها بالتفجيرات الانتحارية في إسرائيل، وباضطهاد النساء وأبناء الاقليات في أفغانستان في ظل طالبان». بيد انه اعتبر أن ذلك يمثل محاولة لـ«رسم صورة مشوهة وانتقائية للاسلام كتهديد خطير». وشدد على انه «في الحقيقة، الصورة اشد تعقيداً بكثير». وفي المقابل، اخذ وزير الخارجية البريطاني على البعض في العالم الاسلامي أنهم «ينتجون افكاراً متخيلة عن وجود مؤامرة مسيحية ـ يهودية ضد المسلمين اينما كانوا».

وفيما أكد سترو ان للأديان السماوية الثلاثة «جذور مشتركة عدة»، فقد اوضح ان «بريطانيا والغرب عموماً يدينون بدين الثقافة والحضارة الكبيرين للعالم الاسلامي». وشدد على ان «الاسلام جزء من ماضينا وحاضرنا، في كل جوانب الحياة الانسانية». ونفى وزير الخارجية البريطاني أن يكون الغرب مقطوع الصلة بالدين، كما يُشاع في بعض انحاء العالم الاسلامي. واعتبر ان الافكار الرائجة عن الغرب المسيحي ليست دقيقة دائماً وتعاني في جانبها الديني خصوصاً، من ثغرات كبيرة. وقال سترو من جهة ثانية، ان الانطباعات السائدة عن الاسلام في الغرب ليست منصفة دائماً هي الاخرى. وبينما سلط الضوء على «الاسلام كقوة خير وتقدم»، شرح سترو أهمية «الشورى» ودورها في بناء المجتمع الاسلامي على اسس العدل والمساواة. وأشاد بدور الاسلام الرائد في إنصاف المرأة، لافتاً الى ان «الاسلام سبق المجتمعات الغربية بقرون لجهة إعطاء المرأة حقوقها، مثل حق الطلاق». وأوضح رئيس الدبلوماسية البريطانية أن قدراً كبيراً من الاذى الذي لحق بالمسلمين أتى من زعماء علمانيين. وتساءل «كم هو معروف عن الظلم الخطير الذي مارسه جنود الشاه في إيران حين عمدوا بقوة القانون الى نزع حجاب النساء بحربات بنادقهم قبل ان يمزقوا الحجاب في الشوارع على مرآى من الجميع؟»، وأضاف انه «من المهم ملاحظة ان أكثر الانظمة تعنتاً في الشرق الاوسط هو نظام صدام حسين في العراق، الذي يعتبر اكثر الانظمة علمانية في المنطقة». وفيما أكد ضرورة إيضاح القواسم المشتركة الكثيرة بين الاديان، دعا سترو الى عدم التقليل من أهمية تبيان الفروق بين هذا الدين وذاك لأن ذلك سيؤدي في الواقع الى «التلقيل من اهمية هذه الاديان وأولئك الذين يعتنقونها». وانطلاقاً من هذا الفهم ، اعرب سترو عن تأييده لإقامة مدارس إسلامية وهندوسية وغيرها، على شاكلة المدارس المسيحية البريطانية. وأعلن أن وزارة الخارجية التي يديرها سترسل للمرة الثالثة على التوالي هذا العام وفداً الى السعودية لتقديم العون المناسب للمسلمين البريطانيين أثناء تأديتهم فريضة الحج.

وحث وزير الخارجية البريطاني الجميع على مكافحة التشدد، سواء كان مصدره إسلامياً أو مسيحياً. وإذ أكد تصميمه على مواجهة ذوي البشرة البيضاء الذين يمارسون العنصرية باسمه، حث سترو المسلمين على «مجابهة أولئك الذين يشيرون الى الاسلام كمسوغ لأعمال عنف رهيبة». واعتبر أن «مجموعات عنصرية بيضاء مثل «كو كلوكس كلان» تتخذ من الدين آيديولوجية لها، شأنها شأن «القاعدة» التي تشوه الدين الاسلامي على طريقتها العنصرية المشابهة».

وأبدى وزير الخارجية تفهمه للقلق الذي يشعر به المسلمون حيال الاحداث التي تشهدها الضفة الغربية وقطاع غزة والعراق وكشمير، ودعا الى بذل مزيد من الجهود لمعالجة مصادر القلق هذه والسعي لحل المشكلات العالقة في مناطق إسلامية عدة. وفي الوقت نفسه لفت إلى ان «من الاهمية بمكان ملاحظة أن الغرب ليس معادياً للإسلام»، مشيراً الى الحروب التي خاضتها بريطانيا في الخليج والبوسنة وكوسوفو وافغانستان لحماية المسلمين. وأكد أن رغبة الحكومة البريطانية في تعزيز العلاقات مع العالم الاسلامي وخلق حوار بناء معه هي التي دفعت لندن أخيراً إلى إرسال وفود تضم برلمانيين وأكاديميين الى السعودية ومصر. وانتهز سترو المناسبة لـ« إطلاق برنامج يقوم به المجلس الثقافي البريطاني على امتداد خمس سنوات بهدف الجمع بين شباب من خلفيات ثقافية متعددة من بريطانيا والعالم الاسلامي»، وقال إن البرنامج سيحمل اسم «ربط مستقبل الشباب المسلمين والمسيحيين»، مؤكداً أنه يطمح الى تنظيم مشروعات مختلفة، القصد منها تعريف كل طرف بالآخر.