إسرائيل تعتبر دعوة شارون إلى البيت الأبيض صفعة من بوش إلى عرفات

مسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية يرون أن الرئيس الأميركي سيوجه لشارون قائمة مطالب

TT

رحبت الحكومة الاسرائيلية بالدعوة التي تلقاها رئيسها، ارييل شارون، من الرئيس الاميركي، جورج بوش، لزيارة البيت الابيض في 7 فبراير (شباط) المقبل. واعتبرتها صفعة موجهة الى الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، الذي ليس فقط لم يدع الى واشنطن بل رفض بوش مصافحته وحتى الالتفات اليه، خلال وجودهما في مقر الامم المتحدة في نيويورك في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي.

ورأت اوساط مقربة من شارون، ان هذه الدعوة تشكل ارتفاعا آخر في مكانة اسرائيل لدى «زعيمة العالم الحر» والتضامن معها. اذ تأتي بعد سلسلة مواقف اميركية مناصرة لاسرائيل ومعادية للسلطة الفلسطينية ورئيسها. وآخرها تصريحات الناطق بلسان البيت الابيض، آري فلايشر، التي قال فيها ان رئيسه يتفهم الدوافع الاسرائيلية وراء محاصرة الرئيس عرفات داخل مقره في رام الله. وامتناعه عن توجيه الانتقادات للسياسة الاسر ائيلية، خصوصا الاغتيالات في صفوف قادة فلسطينيين ميدانيين وعمليات الاجتياح والاحتلال المجدد للعديد من المناطق الفلسطينية المحتلة والاستمرار في عزل الرئيس عرفات وقصر الاتصال به على موظفين صغار.

ونقل عن لسان شارون نفسه ان الادارة الاميركية تبدأ هذا الاسبوع في مناقشة مسألة اعادة النظر بسياستها تجاه عرفات، والسلطة الفلسطينية. وان الاتجاه الساند هو تخفيض الاتصالات الاميركية ـ الفلسطينية حتى الحد الادنى. وعندما اعترض احد سامعيه وقال ان موقف وزارة الخارجية الاميركية ما زال مختلفا عن موقف الرئيس بوش ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ومستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس، اجاب شارون: «تكلمت امس فقط مع كولن باول فوجدته يائسا من عرفات ومقتنعا تماما بانه يكذب على الرئيس بوش في موضوع سفينة السلاح (كارين ايه)».

واضاف شارون انه حتى لو كان موقف باول مختلفا، فان القرار الاخير في الولايات المتحدة هو للرئيس.

ولفت احدهم نظره الى ان بوش مضطر لان يأخذ بالاعتبار موقف العالم العربي فرد شارون بسخرية قائلا: «وهل تعتقدون ان العالم العربي لم يمل عرفات».

من هنا، فان شارون مقتنع تماما بان دعوته الى البيت الابيض في الشهر المقبل هي بمثابة اعراب عن «التقدير لاسرائيل ومحاولة لتعميق تنسيق المواقف بين البلدين ازاء التطورات العالمية ومظاهرة دعم وتضامن مع اسرائيل في حربها ضد الارهاب العربي».

لكن اوساطا سياسية اخرى في اسرائيل تتعاطى مع هذه الدعوة بشكل مختلف، بمن في ذلك خبراء في وزارة الخارجية، فهناك يتهمون شارون بالعيش في وهم ازاء ما يجري في الولايات المتحدة، ويؤكدون انه في نهاية المطاف سيقرر الاميركيون استمرار التعامل مع عرفات. وان كبار الموظفين في واشنطن اوضحوا هذه النقطة خلال احاديث مغلقة مع نظرائهم الاسرائيليين، فقالوا انهم لا يستطيعون اتخاذ موقف معاد من عرفات طالما انه يحظى بتأييد شعبه ومرؤوسيه وعدد كبير من زعماء العالم، بمن في ذلك قادة اوروبا. ويضيفون ان بوش، في «احسن الاحوال» سيقرر اتخاذ اجراءات طويلة المدى ازاء السلطة الفلسطينية مثل اغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، تجميد المساعدات المالية، الاعلان عن تنظيم «فتح» العسكري منظمة ارهابية. ولن يكون من السهل عليه اتخاذ موقف حاسم من عرفات، دفعة واحدة.

وجدير بالذكر ان اسرائيل تدير حملة واسعة في الغرب ضد ايران بوصفها اكبر داعم للارهاب في العالم.

وتحاول الاستفادة من موقف الادارة الاميركية في هذا الشأن للتحريض على السلطة الفلسطينية، بدعوى انها تلجأ الى ايران وتقيم معها علاقات تعاون عسكري ضد اسرائيل. ودليلها في ذلك يكمن في سفينة السلاح «كارين ايه» التي اهدتها ايران الى السلطة. علما بان هذا الموضوع يثير غضبا شديدا لدى الاميركيين، لدرجة تزعج الاوروبيين. وكما اكد مسؤول فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، فان الاوروبيين الذين تلجأ اليهم السلطة الفلسطينية بالشكوى على الممارسات الاسرائيلية وعلى السكوت الاميركي يردونهم قائلين: «نظفوا الطاولة مع واشنطن في موضوع السفينة. وبعدها نتحدث».

وحسب مسؤولي الخارجية الاسرائيلية فان الرئيس بوش بات يتصرف بعصبية، كلما سمع باسم عرفات.

وانه سمع يقول انه لا يمكن ان يمر على موضوع العلاقة الناشئة بين ايران والفلسطينيين.

ولكن، مع ذلك، فان الانطباع السائد لدى مسؤولي الخارجية ان بوش دعا شارون لكي يوجه له قائمة تساؤلات، يريد ان يسمع اجوبة واضحة عليها، مثل: ما هو برنامجك السياسي؟ وما الذي تخططه بالنسبة للسلطة الفلسطينية وعرفات؟ لماذا لا توقف سياسة الاغتيالات، وهل لديك اثباتات على ان كل من قتل فيها شريك فعلا في ممارسات ارهابية!!