قراءة في وثائق 1971 البريطانية (5) - جبهة مصرية «سرية» لمحاربة الوجود الروسي تثير فضول بريطانيا وأميركا للبحث في صحة وجودها

* منظمة تحجب اسم قائدها وتخاطب الأجانب وتترك الشعب المصري * لا تحرر منشوراتها بالعربية والرقيب المصري يغض الطرف عنها * مسؤول بريطاني يعلق ساخرا: المصريون يريدوننا أن نصدق

TT

ملف صغير بالرقم FCO39 - 969، وبعبارات مثل سري للغاية، ويغلق الى عام 2002، حمل عنوان «الجبهة القومية المصرية» THE EGYPTIAN NATIONAL.

وعلى صغر حجم الملف، والذي لا يزيد عدد الوثائق فيه عن 15 وثيقة، الا انه يتسم بالتشويق، ويشطح بالذاكرة او يجرها الى افلام الجاسوسية والعاب المخابرات بين الدول.

وتكشف الوثائق المختارة هنا عن حالة من الحيرة احدثتها منشورات تلك المنظمة التي تزعم انها تقاتل لانهاء ما اسمته الاحتلال السوفياتي الامبريالي لمصر، لدى صناع القرار في بريطانيا خاصة بعد ان ورد اسمها مرة في يومية «التايمز» ومن بعد في تقرير لـ«نيويورك تايمز».

الطريف في الامر ان كل وثائق الملف لم تحمل اسم قائد هذه المنظمة، فيما سجل اكثر من مسؤول بريطاني بادارة شمال افريقيا ملاحظات هامشية على التقارير التي جاءته من وراء البحار.

من بين اكثر التعليقات طرافة ما خطه بي. ام. جريج على هامش تقرير، حيث كتب يقول: اذا كانت الجبهة جادة ام لا، يبدو ان الحكومة المصرية تريدنا ان نصدق انها جادة وفي ذلك طريق آخر لاحاطتنا بأنهم ليسوا مرتبطين او ملتزمين للاتحاد السوفياتي.

بين الملاحظات الذكية ايضا تقرير ام. ايه. هولدنج بادارة شمال افريقيا والذي سجل استغرابه من مرور منشورات هذه المنظمة للخارج بالبريد العادي ومخاطبتها للاجانب فقط بدون الشعب المصري، ومرور تقرير لاذاعة «بي. بي. سي» عنها من دون اخضاعه للرقابة. والى ما تقوله الوثائق عن هذه المنظمة التي حيرت البريطانيين كثيرا ودفعتهم لطلب العون من الخارجية الفرنسية ومن بعثة الامم المتحدة ومن اميركا.

** جبهة مصرية.. لا تتحدث العربية

* وثيقة رقم ـ 5 ـ

* التاريخ: 6 اكتوبر 1971

* الى: ام. ايه. هولدنج. ادارة شمال افريقيا 1 ـ ارجو الرجوع الى خطابي 1/1 بتاريخ 22 سبتمبر (ايلول) (لمصلحة المستقبلين لهذا الخطاب والذين لم يروا المراسلات السابقة، فالجبهة القومية المصرية هي منظمة سرية ظلت ترسل منشورات بالبريد الى عناوين متعددة في لندن، وهناك وصف لنشاطاتها بصحيفة «تايمز» بتاريخ 30 اغسطس (آب). ويقول خطابي بتاريخ 22 سبتمبر اننا لم نستطع القاء اي ضوء من هنا على تلك المنظمة.

2 ـ منذ ذلك الوقت، هناك عدد من التطورات. اولا.. تسلم مراسل لصحيفة غربية بالقاهرة نسخة من المنشور الثاني للمنظمة عبر البريد العادي. وقد تم ارسال المنشور من القاهرة. حرر ميوريس جينت من الـ«بي. بي. سي» قصة خبرية حول هذا الموضوع، وقد مرت من الرقابة، وفي هذا مدعاة للاستغراب، وقد اذيعت من خدمة «بي. بي. سي» العالمية في 2 اكتوبر (تشرين الاول).

3 ـ ثانيا: احيط قسم المصالح الاميركية بوجود الجبهة القومية المصرية عبر اثنين من مصادره المحلية، وقد قال احدهما ان المنظمة نشطة وعنيفة، وقد زرعت 5 قنابل في محل بالزمالك اعتاد الروس على التسوق منه. ولم يقل المخبر الاميركي ما اذا كانت تلك القنابل قد انفجرت ام لا، ولكن، ووفق الاشاعة السائدة في المدينة الى الآن، انها لم تنفجر.

4 ـ ظللنا على حيرة من هذا الامر، وهناك قدر جيد من عدم الارتياح هنا تجاه حجم الوجود السوفياتي، وفيه مناخ يشيع التوقع بعمل من اي منظمة معارضة. ولكن الجبهة القومية المصرية، اذا كانت موجودة في الاصل، لا تزال تقدم نفسها للاجانب وليس لمواطنيها المحليين والذين نتوقع ان يكونوا هدف مخاطبتها الرئيسي. ولم نسمع بمنشورات باللغة العربية. ويرى قسم المصالح الاميركية ان سلطات الامن المصرية ستتحقق من مثل هذا التطور، لكننا غير متأكدين. البعض يعتقد ان الجبهة القومية المصرية اختراع من الحكومة المصرية لاستباق زيارة السادات الى موسكو.

* السفارة البريطانية ـ القاهرة حاشية: هناك تعليق على الفقرة الرابعة من الوثيقة وعلى الهامش وبخط اليد، يقرأ: هذا يبدو غير محتمل، فالمنظمة وجدت قبل وفاة ناصر.

** تخاطب الأمم المتحدة.. والبعثات لا تعرف

* وثيقة رقم ـ 6 ـ

* التاريخ: 27 اكتوبر 1971

* الى: ام. ايه. هولدنج. ادارة شمال افريقيا 1 ـ ارجو الرجوع الى المراسلة المصاحبة لخطابي 1/1 بتاريخ 6 اكتوبر.

2 ـ ارفق نسخة من منشور جديد تم توزيعه من قبل الجبهة القومية المصرية وحمل الرقم 5. المنشور نسخة مطبوعة من نفس المنشور الذي ارسل من روما لسكرتير اول (اظن اسمه جوزيف) في بعثة سري لانكا بالامم المتحدة بنيويورك. جوزيف كان قد غادر نيويورك في الوقت الذي وصل فيه المنشور، حيث نقل الى كولمبو، ولكن بعثة سري لانكا اعادت ارسال الظرف بما فيه المنشور من دون فتحه الى سري لانكا، وقد قام بدوره بارسال نسخة من المنشور الى سفارة سري لانكا بالقاهرة والذي مررها لنا. انا لا اعرف، ومعي سفارة سري لانكا، كيف تبدو صورة الاصل لهذا المنشور وما اذا كانت تحمل نفس الشعار الذي حمله المنشور رقم 2.

3 ـ سترى ان المنشور يحمل طلبا موجها للدول الاعضاء بالامم المتحدة لمساندة حملة الجبهة القومية المصرية ضد الامبريالية السوفياتية في مصر، ولم تقدم اي ايماءات اخرى نحو هوية الجبهة. نحن لم نر المنشورين رقمي 3 ـ 4.

4 ـ حررت نسخة من هذا الخطاب مع نسخة من خطابي بتاريخ 6 اكتوبر الى مايكل وستون بنيويورك، وارغب في معرفة ما اذا كانت البعثات الدبلوماسية الاخرى هناك قد تسلمت نسخا من هذا المنشور او منشورات اخرى للجبهة القومية المصرية.

* ام. ايه. هولدنج

* حاشية: بخط اليد يقول تعليق على هامش الفقرة الرابعة ايضا: بعثة المملكة المتحدة بنيويورك بأنها وحسب مبلغ علمها، فإن الاجابة لا. تم تحويل اجابتهم لهذا الملف.

** غموض في مواقف الرقيب المصري

* وثيقة رقم ـ 7 ـ

* التاريخ: 2 نوفمبر 1971

* الى: مستر كريج ومستر باترسون 1 ـ سأل باترسون عن اي معلومات لدينا عن الجبهة القومية المصرية والتي ارسل منشورها الى البروفيسور لويس بجامعة سواس. الاشارة الوحيدة الموجودة بملفاتنا تقول عنها انها واحدة من قائمة لاحزاب معارضة حملتها تقارير سفارتنا في اغسطس 1969، اي قبل مجيء انور السادات.

2 ـ سفارتنا اجابت في البداية بأنها لم تسمع شيئا جديدا حول هذه المنظمة سوى انها ذات نشاطات في بريطانيا، وان اسمها ورد في صحيفة «التايمز» بتاريخ 30 اغسطس.

3 ـ وعلى اية حال، رجال سفارتنا يكتبون عن تطورات لاحقة. وكما هو حال تقارير الـ«بي. بي. سي» في 2 اكتوبر (من المدهش ان الرقيب المصري ترك القصة تمر للخارج) تم تداول نسخ ومنشورات ضد السوفيات بين عدد من المراسلين الغربيين بالقاهرة. ووفقا لمصادر مصرية بالقاهرة فالمنظمة نشطة وعدوانية وقد زرعت اخيرا عددا من القنابل (الظاهر انها لم تنفجر) في محل بالزمالك يرتاده الروس.

4 ـ الجانب الشاذ في هذه القصص ان المنظمة تبدو وهي تقدم نفسها للاجانب وليس للشعب المصري (لم تصدر عنها، بحسب ملبغ علمنا، اي منشورات باللغة العربية، وهناك حقيقة ان السلطات المصرية عادة ما تكون حساسة تجاه مثل هذه الامور، ومع ذلك فقد سمحت بـ:

أ ـ مرور المنشورات للخارج بالبريد العادي.

ب ـ مرور تقرير لصحافي اجنبي من غير تدخل في النص.

كل ذلك قد يؤشر الى بعض الاستنتاج من قبلهم في نشاطات الجبهة القومية المصرية. فهي، وفي بعض الظروف، يمكن ان تكون مفيدة للرئيس السادات ليمتلك الدليل على الشعور المعادي للسوفيات في مصر.

* ام. ايه. هولدنج

* ادارة شؤون افريقيا حاشية: على هامش الوثيقة تعليق من بي. ام كريج يقرأ: اذا كانت الجبهة القومية المصرية جادة ام لا، يبدو ان الحكومة المصرية تريدنا ان نصدق انها جادة، وفي ذلك طريق آخر لاحاطتنا بأنهم ليسوا مرتبطين او ملتزمين للاتحاد السوفياتي.

** طلب العون من باريس:

وثيقة رقم ـ 9 ـ التاريخ: 30 ديسمبر 1971 الى: جي. ان. تي. سبريكلي ـ السفارة البريطانية باريس 1 ـ ارجو الرجوع لخطابي 1/1 بتاريخ 7 اكتوبر الى هولدنج بادارة شمال افريقيا حول الجبهة القومية المصرية.

2 ـ نظرنا للتو لقصاصة من «نيويورك تايمز» حملت تاريخ ومصدر.. باريس 4 ديسمبر، ووفق الرواية في الخبر، فإن رئيس الجبهة غادر مصر سراً قبل ايام وهو موجود في باريس في جولة اوروبية، وسترى من التقرير (تم تصويره لك ولهولدنج فقط) ان قائد الجبهة تحدث عن هجمات مسلحة ضد الروس ظهرت للعامة وعن حملة ارهاب ضد القوات المسلحة السوفياتية في مصر. نكون ممتنين اذا كنت انت او الخارجية الفرنسية قد سمعتم عن اي شيء بخصوص قائد هذه الجبهة وزيارته لباريس.

السفارة البريطانية ـ القاهرة تقرير «نيويورك تايمز»:

* جبهة ضد الروس بالقاهرة

* باريس ـ 4 ديسمبر.

بدأت منظمة سرية بالجمهورية العربية المتحدة (مصر) حملة ارهاب ضد القوات الروسية الموجودة هناك، وتحمل المنظمة اسم الجبهة القومية المصرية، وذلك وفق تصريح لمصري قدم نفسه كقائد لتلك المنظمة.

ويقول المصدر انه ترك القاهرة سراً قبل ايام وهو الآن في جولة اوروبية لحشد الدعم لمنظمته التي تكرس جهدها لانهاء ما اسماه الاحتلال السوفياتي لمصر.

ويضيف المصدر ان المنظمة تأسست قبل عام، وانها لقيت دعما وتأييدا من القوات المسلحة المصرية وخاصة القوات الجوية وفي اوساط طلاب الجامعات، وان من بين خطط الجبهة القيام بهجمات مسلحة ضد الروس الذين يظهرون في الاماكن العامة، وان التخلص من الروس يشمل ايضا اسقاط هذا النظام.

واتهم المصدر العاملين السوفيات في القاهرة ومناطق اخرى بالتصرف مثل قوات احتلال، مشيرا الى ان قواعد البحرية والقوات الجوية في مرسى مطروح قد اصبحت اخيرا وقفاً على الروس فقط. وقال ان الجبهة زرعت في اول اكتوبر الماضي قنبلة بالقاعدة قتلت اثنين من الروس. وزعم المصدر ان الروس في القاهرة يدخلون المتاجر ويتسوقون ويأخذون اغراضهم من دون دفع اثمانها، وان الشرطة المصرية تقف مع الروس اذا ما اشتكى اصحاب المتاجر.