الرئيس الصومالي يتعهد بملاحقة أمراء الحرب وتقديمهم لمحاكمة دولية

وصول قوات ألمانية إلى سواحل جيبوتي للانضمام لعمليات مراقبة الصومال

TT

شن الرئيس الصومالي عبد القاسم صلاد حسن هجوماً دعائياً غير مسبوق ضد أمراء الحرب الأهلية في الصومال واتهمهم بارتكاب جرائم حرب في حق الشعب الصومالي وممارسة الارهاب الذي يعاقب عليه القانون الدولي.

وقال الرئيس الصومالي في تصريحات صحافية أمس في العاصمة الصومالية مقديشيو ان حكومته تسعى لملاحقة قيادات المعارضة المناوئة له والتي ترفض الانضمام الى مسيرة المصالحة الوطنية التي يرعاها الرئيس الكيني دانييل أراب موي. ووصف معارضيه بالارهابيين، وتعهد باستخدام كل الطرق والوسائل لاعتقالهم وتقديمهم لمحاكمة دولية بسبب الجرائم التي ارتكبوها خلال الحرب الأهلية التي اندلعت في الصومال عقب سقوط نظام الرئيس الصومالي الراحل محمد سياد بري في .1991 وشبه كلاً من حسين عيديد ونور شات الجدود (ذو القميص الأحمر) وأدن عبد الله نور (جابايو) بمجرمي الحرب الأهلية في يوغوسلافيا وسيراليون. وقال ان هؤلاء مثل ميلوسوفيتش (الرئيس اليوغسلافي السابق) وفودي سنكوح (قائد المتمردين السابق في سيراليون) وانه تجب محاكمتهم مثلهما.

وأضاف حسن «يجب أن يتم تسليم هؤلاء الأمراء وتقديمهم لمحاكمة دولية جراء ما اقترفوه من جرائم حرب ضد ملايين الصوماليين». واعتبر أن عملية المصالحة الوطنية لا يمكن أن تتعطل بسبب امراء الحرب الذين رفضوا المشاركة في مؤتمر السلام الذي استضافته العاصمة الكينية نيروبي الشهر الماضي. وأكد أن غياب عيديد وشات الجدود يكشف عدم رغبتهما في تحقيق السلام والوئام الوطني في الصومال، مشيراً الى أنهما يفضلان قيام القوات الأميركية بغزو بلادهما وقصفها بقاذفات بي 52 بدلا من اتاحة فرص التعليم والخدمات الاجتماعية للشعب الصومالي.

وجدد الرئيس الصومالي نفيه أي وجود لجماعات ارهابية داخل الأراضي الصومالية، موضحاً أن الارهابيين الموجودين حالياً هم فقط أمراء الحرب من كبار زعماء المعارضة الذين يرفضون الانخراط في مفاوضات سلمية للوصول الى المصالحة الوطنية. وقال ان «هؤلاء الارهابيين مارسوا القتل على مدى عشر سنوات هي عمر الحرب الأهلية في البلاد ومنعوا تحقيق السلام والأمن بها».

على صعيد مواز، طالبت الحكومة الصومالية الانتقالية قادة الفصائل المناوئة لها بالتخلي عن أسلحتهم والعودة الى مقار اقامتهم، في تحذير هو الأول من نوعه منذ تولي هذه الحكومة السلطة عقب مؤتمر عرتا بجيبوتي العام قبل الماضي. وقال حسن أبشر فارح رئيس الوزراء الصومالي في بيان أصدره مكتبه أمس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، انه يتعين على الشباب المنضمين لميليشيات المعارضة المسلحة أن ينزعوا أسلحتهم وألا يحملوها في شوارع العاصمة مقديشيو.

ولم يتضح على الفور مغزى البيان الحكومي الذي صدر بينما تعاني القوات الموالية للحكومة الصومالية الانتقالية من ضعف واضح في الامكانيات يجعلها غير قادرة على فرض الأمن والنظام حتى داخل مقديشيو نفسها على نحو كامل. لكن مصادر رسمية صومالية أبلغت «الشرق الأوسط» أمس أن الحكومة بصدد تدشين حملة أمنية وعسكرية واسعة النطاق في العاصمة بهدف نزع أسلحة ميليشيات المعارضة الصومالية. وأوضحت المصادر في اتصال هاتفي من القاهرة أن هذه الحملة تستهدف اظهار قوة الحكومة وعزمها على استعادة النظام والقانون المفقودين منذ نحو 10 سنوات في العاصمة، مشيرة الى أن الحكومة الصومالية تسعى لاقناع الولايات المتحدة بقدرتها على حماية مقديشيو ومنع أي وجود لأي أنشطة غير شرعية فيها.

وتأتي هذه التطورات بعد مصرع 12 شخصاً وجرح 30 آخرين نتيجة لاندلاع قتال عشائري في مدينة قوريلوي التي تبعد نحو 130 كيلومتراً جنوب غرب مقديشيو العاصمة. وعلمت «الشرق الأوسط» أن قوات تابعة للحكومة الصومالية لم يكشف النقاب عن حجمها أو طبيعة تسليحها، توجهت الى هذه المدينة في محاولة هي الأولى من نوعها لاحتواء توتر عسكري خارج الحدود التقليدية للحكومة ونفوذها العسكري والسياسي. ويواصل زعماء العشائر جهودهم للوساطة من أجل منع اندلاع المزيد من أعمال العنف بين عشيرتي جدو وايرشابيللا في قرية ماني مروج وبنادير ودارشنلي. وكان القتال قد اندلع بين الطرفين منتصف الأسبوع الماضي بسبب خلاف حول رعي الماشية ومنعها من افساد الحقول الزراعية في المنطقة.

الى ذلك، وصلت سبع قطع حربية تابعة لقوات البحرية الألمانية أمس الى سواحل جيبوتي في المحيط الهندي للانضمام الى القوات الأميركية والغربية التي تراقب السواحل الصومالية واليمنية في مياه البحر الأحمر منعاًَ لتسلل أي عناصر ارهابية في تنظيم القاعدة. وكانت ألمانيا وجيبوتي قد وقعتا قبل أسبوعين اتفاقاً عسكرياً تاريخياً حصلت بمقتضاه القوات الألمانية على تسهيلات عسكرية في موانئ ومطارات جيبوتي للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية في .1945 وتضم القوات الألمانية ثلاث سفن امداد ومدمرة وسفينتي استطلاع للمشاركة في أعمال المراقبة التي تقوم بها القوات الأميركية بالاضافة الى قوات أخرى من فرنسا وايطاليا وهولندا واستراليا وكندا واليابان وبريطانيا. وكان المستشار الألماني جيرهارد شرودر قد تعهد بالتضامن الكامل مع الولايات المتحدة في أعقاب الهجمات الارهابية التي تعرضت لها في 11 سبتمبر (أيلول) الماضي.

من جهة أخرى، أعربت جيبوتي واريتريا عن بالغ قلقهما من احتمال قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية ضد الصومال. وأعلن محمود علي يوسف وزير التعاون الدولي الجيبوتي عن رفض بلاده المشاركة في أي عمل من هذا النوع ضد أي دولة عربية بزعم مكافحة الارهاب. وقال في حديث بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أمس باللغة الانجليزية، ان جيبوتي تواصل مساعيها لحث اثيوبيا على اتخاذ موقف ايجابي تجاه الحكومة الانتقالية في الصومال.

وفي السياق نفسه، أكد وزير الخارجية الاريتري علي سيد عبد الله شعور بلاده بالقلق حيال النشاط العسكري الأميركي على سواحل الصومال. ونقل راديو أسمرة الذي يلتقط بثه في القاهرة، عقب استقبال الوزير الاريتري للسفير الأميركي في العاصمة الاريترية اسمرة قوله «انه يتعين على الحكومة الأميركية أن تتعاطى بايجابية مع استعداد الحكومة الصومالية للتعاون معها من أجل مكافحة الارهاب».

وكان كولن باول وزير الخارجية الأميركي قد بعث أمس برسالة خطية الى نظيره الاريتري لابلاغه رسمياً أن الولايات المتحدة منحت بلاده فرصة تحقيق المزيد من الاصلاحات الاقتصادية واقتصاديات السوق الحرة ضمن مجموعة من الدول الأفريقية. وأشار باول في هذا الخصوص الى قرار الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في هذا الصدد خلال العام .2000