التحقيقات في اغتيال حبيقة تؤكد وجود «جهات محترفة» والسياسيون يتهمون إسرائيل بالسعي لـ«طمس» جرائم شارون

المرافق «المختفي» ظهر والأجهزة حققت معه ولم توقفه

TT

بدأت الاجهزة الامنية والقضائىة اللبنانية تحقيقات واسعة في قضية اغتيال الوزير والنائب السابق ايلي حبيقة بتفجير سيارة مفخخة بموكبه اول من امس. وفيما لم ترشح تفاصيل كافية عن سير التحقيقات، قالت مصادر قضائية ان مرافق حبيقة الذي ذُكر انه «اختفى» عقب عملية التفجير ظهر عصر اول من امس في منزله واسمه نمر غضبان. وقد تولت الاجهزة المختصة التحقيق معه ولم توقفه.

واذ اجمعت غالبية القيادات السياسية اللبنانية على توجيه التهمة الى اسرائيل بسبب تزامن عملية الاغتيال مع المحاكمة الجارية في بلجيكا لرئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون في قضية مجزرة صبرا وشاتيلا، افادت مصادر قضائىة لبنانية ان العبوة التي استخدمت في التفجير متطورة جداً وهي من النوع المخصص لتفجير السيارات المصفحة، علماً ان سيارة حبيقة غير مصفحة. ولمحت هذه المصادر الى وقوف «جهات محترفة وراء العملية».

ونفى بيان اصدرته عائلة حبيقة ومكتبه «ما تناولته بعض وسائل الاعلام من ان يكون احد مرافقيه توارى عن الانظار، وان شبهات تحوم حوله». واكدت ان هذه «الاخبار عارية عن الصحة تماماً ولا اساس لها».

ويشيّع حبيقة ظهر اليوم في كنيسة مار تقلا في الحازمية (شرق بيروت) ثم ينقل جثمانه الى مسقط رأسه بلدة بسكنتا (المتن الشمالي) حيث يدفن في مدافن العائلة.

وكان جثمان حبيقة نقل من المستشفى الى الكنيسة استعداداً للتشييع حيث قرعت الاجراس حزناً، فيما رفعت لافتات في المنطقة كتب عليها «اخافتهم حقيقتك فاغتالوك» موقعة باسم «اصدقاء ايلي حبيقة». وقد تقبلت عقيلة حبيقة ونجله جو ووالداه التعازي. وكان من ابرز المعزين الرئيس السابق للجمهورية الياس الهراوي ووزير الداخلية الياس المر ووزير التنمية الادارية فؤاد السعد ووزير الدولة ميشال فرعون ونواب ووزراء سابقون.

وكانت ردود الفعل على الاغتيال قد وجهت اصابع الاتهام الى اسرائيل، فدان الرئيس السابق للحكومة سليم الحص «الجريمة النكراء»، معتبراً انها «اسرائيلية في وحشيتها وفي دوافعها. وهي ترمي الى اسدال الستار على مسؤولية شارون مباشرة عن مجزرة صبرا وشاتيلا». وامل ان «تتمكن القوى الامنية من كشف هوية منفذيها قطعا لدابر ما تحوكه اسرائيل من جرائم لنسف امن لبنان واستقراره».

ونبه نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان الى «ان لبنان لا يزال في دائرة المخططات والمؤامرات الاسرائيلية ويتعرض لارباك امني واغتيالات جديدة». واعتبر ان الجريمة «لم تستهدف الوزير والنائب السابق ايلي حبيقة ومرافقيه فحسب بل استهدفت الامن الوطني برمته». واشار الى ان «اسرائيل تهدف من جريمة الاغتيال هذه تغييب ابرز الشهود على مجازر صبرا وشاتيلا».

من جهته، شدد المرجع الشيعي اللبناني الشيخ محمد حسين فضل الله على اهمية «تضافر كل الجهود الرسمية والشعبية على التكامل في المواقع والمواقف، من اجل مواجهة الواقع الامني الجديد الذي قد ينذر بخطة اسرائيلية للاغتيالات او لاثارة الفتنة في البلد. وقد يحاول ايجاد حالة من القلق والاهتزاز الذي قد يؤدي الى ارتباك سياسي قد يوحي للبعض بالاصطياد في الماء العكر».

واكد وزير الاشغال العامة والنقل نجيب ميقاتي «التمسك بخيار الامن الداخلي في موازاة الخيار اللبناني بالحفاظ على مكتسبات السلم الاهلي». واستنكر النائب جبران طوق جريمة الاغتيال. واعتبر انها «تستهدف مجمل الوضع اللبناني، ومسيرة السلم الاهلي في احد اخطر جوانبها وهو الجانب الامني».

واستنكر النائب قبلان عيسى الخوري كذلك الاغتيال، مشيراً الى ان حبيقة «كان طموحا الى اشاعة الاطمئنان الكلي لمسيحيي لبنان والى ازالة شعور المسلمين بالغبن. واعتبر ان هذه المعادلة هي دعامة وجود لبنان وضمان مستقبله».

ورأى النائب وجيه البعريني «ان المعطيات تؤكد ان اصابع الفتنة التي عمل ويعمل لها العدو الاسرائيلي هي وراء الاغتيال لانه المستفيد الوحيد منه».

واستنكر «الحزب الديمقراطي اللبناني» الذي يرأسه وزير الدولة طلال ارسلان الجريمة. واكد ان المعطيات المتوافرة في دعوى صبرا وشاتيلا «تشير بوضوح الى هوية المستفيد من اغتيال الشاهد الرئيسي على مسؤولية اسرائيل وآرييل شارون عن هذه المجزرة».

وادان حزب «الوطنيين الاحرار» العمل الارهابي الذي اودى بحياة حبيقة، مستنكراً «توسل العنف لتنفيذ اهداف سياسية»، لكنه نبه الى امكانية «لجوء السلطة الى تدابير اضافية للتضييق اكثر على المعارضين متذرعة بما حصل». ولاحظ الحزب الشيوعي اللبناني، في بيان لمكتبه السياسي اصدره امس، ان «ابرز ما ارتبط باسم حبيقة هو مشاركته في مجازر صبرا وشاتيلا الرهيبة». وقال : «وكما كان ملف هذه القضية مفتوحاً امام القضاء البلجيكي في دعوى ضد بطلها الاساسي (ارييل شارون)، فإن الشك الاول في المسؤولية عن الجريمة وفي الاستفادة منها وفي تقنيات الجريمة نفسها يتجه فوراً نحو الاجهزة الشارونية».