مجلس النواب اللبناني أقر موازنة 2002 والحريري يرد بـ «هدوء» على الانتقادات النيابية

TT

انهى مجلس النواب اللبناني امس جلسة استمرت خمسة ايام لمناقشة موازنة سنة 2002، وتخللتها انتقادات نيابية شديدة لسياسة الحكومة، وبرز فيها اكثر من تلميح الى امكان اجراء تغيير حكومي بعد انتهاء القمة العربية الدورية المقررة في مارس (آذار) المقبل والتي عززها امس الرد الهادىء والدبلوماسي لرئيس الحكومة رفيق الحريري في ختام الجلسة، على رغم ما تردد عن رد هجومي يعد له الحريري بدأت تباشيره بكلمة القاها في افتتاح شهر التسوق مطلع فبراير (شباط) الحالي وهاجم فيها محاولات «تيئيس» اللبنانيين.

واكد الحريري في رده على النواب على سياسة الاستقرار النقدي التي يتبعها مصرف لبنان للحفاظ على العملة الوطنية. واشار الى انتقاصات للحريات وتجاوزات في القضاء. واشاد بالاجهزة الامنية «التي تصون الامن». لكنه اعتبر ان هذا «لا يعطي الحق لأحد للقيام بتجاوزات».

وكانت الجلسة استؤنفت امس بعد توقف لثلاثة ايام. وقد خصص اليوم الاخير منها للاستماع الى رد الحكومة على المداخلات النيابية.

وكان وزير الطاقة محمد عبد الحميد بيضون اول المتحدثين، فرد على الانتقادات العنيفة التي وجهت الى وزارته على خلفية ازمة انقطاع التيار الكهربائي الاخيرة. وقد اعتبر ان نحو ملياري دولار صرفت على قطاع الكهرباء لكن استثمارها كان سيئاً واوضح ان دور وزارته هو الوصاية على مؤسسة «كهرباء لبنان»، مؤكداً ان ازمة الكهرباء «افتعلت من قبل الادارة السابقة للحصول على اموال اضافية». وقال: «لا يجوز تحميل الوزير مسؤولية ما حصل وهو لا يقوم بادارته ولا تغيير موظف» .

وتحدث وزير النقل والاشغال العامة نجيب ميقاتي عن «استغلال بعض النواب جلسة المناقشة لانتقاده لدوافع شخصية» في اشارة الى رئيس الحكومة الاسبق عمر كرامي. واعتبر ان ما تعرض له من كلام «صادر عن اشخاص تجاوزهم الزمن .. . اضروا بمنطقتهم واوصلوا نفسهم الى هذه الحال». وقد اعترض الرئيس كرامي، معتبراً ان كلام ميقاتي «شتائم» ومتسائلاً: «هل يعتقد نفسه انه وصل بالباراشوت؟». وقال كرامي انه ذكر «وقائع» عندما تحدث داعياً الى عدم الرد بمثل هذه الطريقة. وحُسِم الجدل اخيراً بمطرقة رئيس المجلس نبيه بري الذي دعا للابتعاد عن المواضيع الشخصية. ثم انفجر الخلاف بينهما بحدة بالغة بعدما وصف ميقاتي ما يحصل من مقاطعات كرامي المتكررة له بالتهريج. وختم كلامه بوضع «الافتراءات والادعاءات التي اطلقت امام النواب والرأي العام الشمالي خصوصاً لابداء رأيه فيها». وهنا قاطعه بري قائلاً: «كأخ لكما، يؤسفني ما حصل. وما كان يجب ان تصل الامور الى ما وصلت اليه». فعلق ميقاتي قائلاً: «البادىء اظلم».

ثم تحدث وزير الزراعة علي عبد الله فاشار الى عدم الاستفادة من القروض والهبات التي وصلت الى لبنان بسبب سوء الادارة. وشكا من عدم تقديم المديرية العامة اي معلومات له لدى وصوله الى الوزارة. ودافع عن العلاقة التبادلية بين لبنان وسورية، مؤكداً ان مصالح لبنان «محفوظة فيها». ثم تحدث وزير الاتصالات جان لوي قرداحي فأكد وجود زيادة في تغذية الوزارة لخزينة الدولة، مشيراً الى «انجازات» لوزارته ارتدت وسترتد ايجاباً على فرص العمل وتنمية حجم قطاع الاتصالات.

وشرح وزير المال فؤاد السنيورة «الواقع الراهن، المتمثل بضرورة خفض النفقات وتعزيز الواردات وكيفية احداث توازن بينها» ورؤية الحكومة في السياسة المالية والاقتصادية والاجراءات والوسائل التي اتخذتها وستتخذها لتحقيق هذه الاهداف، واعتبر ان تخصيص مرافق المياه والكهرباء والاتصالات والمرافىء والنقل المشترك «هو ركيزة اساسية من ركائز الاصلاح الاقتصادي والاداري والمالي». واوضح «ان ايرادات التخصيص ستستعمل بكاملها لخفض الدين العام القريب الاجل والعالي الكلفة بما يسهم في خفض كلفة خدمته».

واوضح ان سياسة الحكومة في ادارة الدين العام تهدف الى خفض كلفته بالتزامن مع السياسة النقدية المتبعة من المصرف المركزي والقائمة على الاستقرار النقدي. واشار الى ان هذه السياسة تركز على الاستمرار في خفض الانفاق وتمديد معدل فترة استحقاق الدين العام وخفض جزء منه.

ودافع السنيورة عن السياسة الضريبية التي تتبعها الحكومة، مؤكداً انها «واضحة وتهدف الى تحديث النظام الضريبي وتحسين ايراداته ... وتوزيع متناسب وعادل للعبء الضريبي».

ثم تحدث الحريري فتناول الاوضاع الاقليمية والدولية واستهل رده على مداخلات النواب برفضه الشديد لبعض المداخلات التي تحدثت عن «ثنائية بين السنة والشيعة جاءت لتحل محل السنية - المارونية» مؤكداً انه ليس متمسكاً بأي موقع في الدولة مشدداً على ان «لا احد في لبنان يريد او يستطيع ان يلغي دور اي احد آخر».

واذ اشار الحريري الى انه متوافق مع النواب حيال خطورة الوضع الاقتصادي، دافع عن سياسة الاستقرار النقدي التي تعتمدها حكومته ورفض التخلي عن سعر صرف الليرة من اجل تسديد الديون بالعملة الوطنية، معتبراً ان «هذا يفقد الثقة بالوضع المالي ولا يحل المشكلة» .

واعتبرالحريري انه «اذا لم تتم خصخصة قطاعات الكهرباء والهاتف والريجي قبل نهاية السنة فهناك مشكلة كبيرة». واشار الى تباطؤ في الاقتصاد العالمي «لكن النمو في لبنان انتقل من السلبية الى الايجابية». وقال: «هناك مشاكل ولا شك. وعلى الحكومة والوزراء المختصين معالجة المشكلات التي يعاني منها الناس». وشدد الحريري على «عدم تيئيس اللبنانيين لأن هذا يحقق اهداف اعداء لبنان» مؤكداً ان «لا مكان لليأس والاحباط في نفوس اللبنانيين». واشار الى «جملة مؤشرات ايجابية لجهة تزايد انتاجية بعض القطاعات». وامل من الجميع «التصويت للموازنة ولبنان».