الحريري ينفي نقل «القاعدة» مقرها إلى لبنان ويؤكد أن بيروت لن تنجر لمواجهة مع أميركا

TT

حذر رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري من «حملة ظالمة يتعرض لها لبنان تهدف الى النيل من ثوابتنا الوطنية وعلاقتنا بسورية واصطناع مشكلة مع الولايات المتحدة». ونفى بشدة الاخبار التي تحدثت عن نية تنظيم «القاعدة» الذي يتزعمه اسامة بن لادن نقل قيادته الى لبنان، معتبراً ان هذا الكلام «افتراء ولا اساس له». واكد الحريري: «اننا لسنا في مواجهة مع الولايات المتحدة. ولن ننجر اليها». لكنه اشار الى ان من مصلحة الولايات المتحدة «الاصغاء الى اصدقائها العرب والاوروبيين بعدم جواز استمرار السياسة الاميركية اسيرة الرهان الاسرائيلي».

وتحدث الحريري في جلسة مناقشة الموازنة العامة امس عن الظروف التي تمر بها المنطقة ولبنان بعد احداث 11 سبتمبر (ايلول) فاعتبرها «ظروفاً غير طبيعية وغير عادية على الاطلاق، فالعرب، ومنهم اللبنانيون، متهمون ،جماعات وافراداً ودولاً احياناً، بالارهاب. وكل عربي في الخارج ارهابي حتى يثبت العكس، بينما لا تزال اراضينا محتلة في لبنان وسورية وفلسطين. وفي فلسطين بالذات تقف الضحية في قفص الاتهام، والجاني هو السجان وهو القاضي وهيئة المحلفين». وقال: «بعد الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) تجري محاولة لتصوير العرب وكأنهم خارج دائرة العالم المتحضر. كما يجري اتهام حضارتهم وقيمهم بأنها تشجع الارهاب او تدفع اليه، او في الحد الادنى تغض النظر عنه. ولقد كنا اول من اعلن ان الارهاب هو تحد لمبادئنا وقيمنا، وهو ضد كل ما تمثله حضارتنا، وبخاصة اننا كنا ولا نزال ضحايا للارهاب. اذ لم تعان امة من الارهاب مثلما عانينا، ولم يدفع احد ثمناً له كما دفع لبنان، وكما يدفع العرب الآخرون». واعتبر ان اسرائيل «تقوم بحملة ضد العرب، دولاً وشعوباً، في الغرب، وخصوصاً في الولايات المتحدة لانها لا تريد ان يبقى للولايات المتحدة اصدقاء من العرب. بينما الواقع ان الصراع بين العرب واسرائيل انما هو نضال من جانب الناس الذين تحتل اسرائيل ارضهم، وتنتهك سيادتهم، نضال من اجل تحرير الارض وصون السيادة».

واكد ان «مجال المقارنة بين اسرائيل واميركا غير ممكن، ان لم يكن مستحيلاً، فاسرائيل قوة عدوانية محتلة، ولا حل معها الا بانهاء الاحتلال، بينما لم تكن اميركا تحتل اراضي الغير، خاصة في افغانستان، عندما هوجمت واشنطن ونيويورك» مشدداً على «اننا لن نقبل محاولات الغاء الحقوق تحت شعار محاربة الارهاب».

وقال الحريري: «اننا نتمسك بمواقفنا المبدئية، وبالحق العربي، ورفض الاستيلاء على اراضينا بالقوة. كما نتمسك بالشرعية الدولية وضرورة تطبيق قراراتها، وبخاصة تلك التي تدعو الى انهاء احتلال الارض العربية، وهي القرارات 242 و338 و425». واضاف: «ان العالم العربي مدعو اليوم، اكثر من اي وقت مضى في تاريخه الحديث، لتأمل الوضع الاقليمي والدولي بعقلية مرنة ومختلفة وجادة. ونحن تحت انظار العالم بدرجة اكبر من اي وقت مضى. ولذلك فإن كلامنا وافعالنا يجب ان تبقى بحجم الواقع، وبحجم التحديات». واعتبر «ان حرب الالغاء السياسي التي تمارس ضد العرب وعليهم تتطلب كفاحاً لاثبات الوجود، بالتوظيف الصحيح للامكانات والعلاقات الدبلوماسية والاعلامية والسياسية لتقديم رؤانا وانفسنا ومصالحنا وحقوقنا للعالم بطرائق ايجابية. ولا نريد وليس من مصلحتنا ان تتمكن اسرائيل من وضعنا في موقع المواجهة مع العالم، ليس لأن ذلك مضر بمصالحنا فحسب، بل لانه غير صحيح وغير عادل وقلب للحقائق».

واكد الحريري: «لا يشعر طرف بوطأة هذه الحملة الظالمة وشراستها كما يشعر لبنان. اننا نجد في الصحف الاسرائيلية والاميركية حملات على لبنان وذلك للربط بينه وبين الارهاب الدولي. فتارة نقرأ ان هناك مخيمات ارهابية في البقاع، وطوراً نقرأ عن مفاوضات لتنظيم القاعدة لنقل قيادته الى لبنان. وطبعاً كل هذا افتراء . وكل ما يقال حول هذا الموضوع هو كذب ولا اساس له من الصحة. والذين ينشرون هذا الكلام معروفون، ومصادرهم معروفة ايضاً. انما يدخل ذلك كله في دائرة الحملة على بلادنا لابقائها خارج دائرة الدول المتحضرة، والعلاقات المنفتحة مع العالم المتمدن». ورأى «ان الحملة على لبنان تهدف للنيل من ثوابتنا الوطنية والقومية ومن علاقتنا بسورية، واصطناع مشكلة بيننا وبين الولايات المتحدة» مشدداً على «ان ذلك لن ينجح، لأن لا أحد يستطيع التخلي عن نفسه وقيمه. وما استطاع النزاع الداخلي الطويل، ولا استطاع احتلال اسرائيلي غاشم ان يغير من انتمائنا، ولا من علاقاتنا بأشقائنا وخاصة سورية، التي نواجه واياها التحديات الكبرى». وقال: «سنظل نعمل مع القيادة السورية يداً بيد حتى تتحقق اهدافنا الوطنية جميعاً». كما اكد انه «رغم الخلافات في وجهات النظر حول بعض القضايا مع الولايات المتحدة، فإن هناك حواراً مستمراً مع الاميركيين على اساس من التفاهم المتبادل والصداقة. وسنستمر في هذا الحوار للوصول الى ما نعتقده حقنا ومسؤوليتنا، والرؤية الصحيحة لقضايا في الحاضر والمستقبل». وشدد الحريري على «اننا لسنا في مواجهة مع الولايات المتحدة، ولن ننجر الى مواجهة معها. ونحن مصرون على رفض ان تكون علاقتنا بالاميركيين رهناً بارادة اسرائيل ومصالحها وحساباتها». وقال: «ان دعم الادارة الاميركية غير المحدود لسياسة الحكومة الاسرائيلية لا يؤدي الى ترجمة الحكومة في اسرائيل لهذا الدعم الى ضوء اخضر للاستمرار في تصفية الفلسطينيين اطفالاً وشباناً ونساء وشيوخاً وهدم منازلهم وتدمير ما تبقى من المجتمع المدني الفلسطيني فحسب، وانما يؤدي ايضاً الى تدمير فرص السلام في المنطقة».

واشار الحريري الى ان للولايات المتحدة «اصدقاء عرباً كثيرين، ومنذ عقود وعقود. وقد تحملوا الكثير من اجل تمسكهم بصداقة زعيمة العالم الحر». وقال: «نحن نعتقد ان من مصلحة الولايات المتحدة الاصغاء الى اصدقائها العرب والاوروبيين الذين يجدون ان الامور تجاوزت كل الحدود، وانه لا يجوز ان تستمر السياسة الاميركية اسيرة الرهان على العنف الذي تقوده اسرائىل».