شارون وبن اليعزر يعملان على إجهاض مسودة اتفاق بيريس ـ أبو علاء

TT

في الوقت الذي اعلن فيه وزير الخارجية الاسرائيلي شيمعون بيريس، عن اتمام مفاوضاته مع رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، احمد قريع (ابو علاء) والتوصل الى مسودة اتفاق شبه نهائي لاخراج المنطقة من ازمتها، بدأ رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، ووزير دفاعه، بنيامين بن اليعزر، العمل على اجهاض هذه المبادرة والتنصل منها والغائها. وقررا رفع مستوى الضربات العسكرية ضد السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها.

ولم يكن صدفة ان القصف الجوي الذي شنته الطائرات الحربية الاسرائيلية، من طراز «اف ـ 16» والمروحية من طراز «اباتشي» في غزة اصابت عشرات المنازل التي يقطنها مدنيون.

وكان بيريس قد اعلن انه خلال لقائه الاخير مع ابو علاء في نيويورك، تم الاتفاق بالكامل على وضع حد للوضع القائم والانطلاق نحو تسوية سياسية، وفق 4 بنود اساسية هي: وقف اطلاق النار تماما من الطرفين والغاء شرعية التنظيمات العسكرية الفلسطينية، اعلان دولة فلسطينية مستقلة على الاراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية حاليا بمساحة 42 في المائة على ان تنسحب اسرائيل من جميع هذه الاراضي (وهي اراضي «أ» الخاضعة بالكامل للسلطة الوطنية، واراضي «ب»، الخاضعة للسلطة الوطنية اداريا ولاسرائيل امنيا) وتجميد كل النشاطات الاستيطانية، وبدء المفاوضات على حل دائم بحيث تستغرق مدة سنة، ثم تنفيذ هذا الحل خلال سنة.

وبدأ بيريس حملة لتجنيد التأييد لهذا الاتفاق داخل الحكومة وداخل حزبه (العمل) وفي صفوف المعارضة الليبرالية في اسرائيل، معلنا ان هذا هو الحل الافضل والاسهل والاكثر واقعية لاخراج المنطقة من ازمتها.

لكن بيريس اصطدم بمعارضة اولا داخل حزبه، فحتى امين عام الحزب، بنيامين بن اليعزر، الذي كان قد اعطى موافقته بلا تحفظ لبيريس ان يتفاوض مع ابو علاء، وكان على اطلاع حول تطور هذه المفاوضات وتقدمها، ولم يعترض عليها قط، الا انه اعلن بشكل مفاجئ ان الاتفاق غير واقعي. وقال: «بيريس بالنسبة لي قائد تاريخي واب واخ وصديق وانا احبه واحترمه. ولكن للاسف، الحل الذي توصل اليه مع ابو علاء، غير واقعي».

وصعق بيريس من هذا الرد. واعتبره خضوعا لضغوط رئيس الحكومة شارون، ومحاولة منه لفرض سيطرته على حزب العمل. وقال: «انقضى زمن القائد الواحد في حزب العمل. واليوم فنحن حزب ديمقراطي». وقصد بذلك انه سيصل الى قواعد الحزب وقيادته الوسطى لتجنيدها. ولكن، هنا بدت صدمته اكبر، حيث ان غالبية المتحدثين من حزب العمل قالوا ان الاتفاق غير واقعي. وقال حايم رامون، احد تلاميذ بيريس واقرب اصدقائه «للاسف، بيريس يزرع الاوهام بين الناس. فهو يعرف ان ياسر عرفات ليس معنيا باي حل في هذه المرحلة. فلماذا نضيع الوقت. ان الحل الوحيد الممكن حاليا هو ان نفصل بين اسرائيل والفلسطينيين فصلا تاما، نحن هنا وهم هناك، وبيننا سياج الكتروني يمنع اي احتكاك او اتصال. وبعد مضي فترة من الهدوء نعود للتفاوض».

وكان هناك من اتهم بيريس بأن كل ما يريده من هذا المشروع حاليا، هو تبرير وجوده في الحكومة «فالمعروف ان معظم اعضاء حزب العمل معنيون بالخروج من الائتلاف والعمل ضد شارون وسياسته المدمرة. وبيريس يخشى من هذه الخطوة، لانه متمسك بكرسيه في الوزارة بأي ثمن. ولكي يبرر ذلك، يزعم ان هناك آفاقا سياسية. مع انه يعلم على اليقين ان شارون لا يريد اية تسوية سياسية». والوحيدان اللذان ساندا بيريس في هذا المشروع هما، ابرهام بورغ، رئيس الكنيست، والخصم اللدود لوزير الدفاع بين اليعزر (ويقال انه مستعد الان للتحالف مع الشيطان حول اي موضوع، ضد بن اليعزر) ويوسي بيلين، المعروف بموقفه من عملية السلام وبسبب هذا الموقف يفقد معظم قواعده في حزب وفي الشارع.

جدير بالذكر ان شارون حمل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، مرة اخرى، مسؤولية كاملة عن العمليات العسكرية ضد اسرائيل. وقال انه يرفض اية مفاوضات سلام معه، وان قواته ستواصل حربها ضد الارهاب بلا هوادة، وسترد على العمليات الفلسطينية بقوة اشد وباسلوب لم يعرفوه من قبل.

وفي تصريحات للاذاعة الاسرائيلية العبرية، قال رئيس جهاز الامن الوقائي في قطاع غزة، العقيد محمد دحلان، ان اسرائيل شارون تمنع بشكل متعمد اي تقدم نحو وقف النار والوصول الى تسوية. وتساءل «كيف تطلبون منا ان نتحرك ضد الارهاب والتنظيمات المسلحة، وانتم تفرضون حصارا على شعبنا، منذ سنة ونصف سنة، وتفرضون حصارا على رئيسنا منذ عدة اشهر». وقال: لقد لمح رئيسنا الى استعداده لحل وسط في موضوع اللاجئين، يضمن العودة من دون المساس باسرائيل، فماذا تريدون منا اكثر؟ هل تريدون مفاوضات في وسائل الاعلام.

واكد دحلان انه في حالة حصول الفلسطينيين على دولة ذات سيادة كاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة وذات سيادة واضحة في القدس الشرقية، فان كل الامور ستبدو بشكل مختلف.