قراءة في وثائق 1971 البريطانية (13) ـ وقائع اجتماع الموفد البريطاني مع مستشاري الملك فيصل

فرعون: الملك فيصل فكر بالدعوة لمؤتمر يناقش أمن الخليج * الرياض رفضت صدور اعلان مشترك مع طهران ولندن حول قيام اتحاد الامارات، وهي مشغولة بأوضاع تمرد ظفار اكثر من خلافها الحدودي مع ابوظبي

TT

ارهق وزير الخارجية البريطاني نفسه كثيرا من اجل لقاء الملك فيصل بجنيف، بعد ثلاثة ايام فقط من لقائه شاه ايران في بروكسل في 15 يوليو (تموز) 1970، ولسبب ما لم يوافق الملك فيصل على استقباله، رغم تسجيل الوثائق البريطانية ان الملك استقبل يوثانت امين عام الأمم المتحدة. فاضطرت الخارجية البريطانية بحثا عن وجهة نظر السعودية حول الصيغة المناسبة سياسياً لتشكيل الامارات العربية على انقاض ما عرف بساحل عمان المتصالح، اضطرت للقاء الشيخ كمال ادهم ود. رشاد فرعون مستشاري الملك فيصل بجنيف، وطار لهما دبليو موريس، الذي رفع التقرير التالي لوزير الخارجية البريطاني، والذي تلقى بعد يومين من التقرير رسالة من الملك فيصل فور عودته لجدة من جنيف. مستشارا الملك، كما تقول الوثيقة، كانا على خلاف في بعض الجزئيات فيما قرر موريس ان رشاد فرعون ظل على خلاف مع الملك فيصل نفسه حول امور لم تحددها الوثيقة.

الملك فيصل، وفق رواية مستشاريه بدا مشغولا باحداث التمرد في ظفار بسلطنة عمان اكثر من اهتمامه بالنزاع الحدودي مع ابوظبي حول البريحي، فيما هاجم رشاد فرعون السلطان مشيراً لعدم تعاونه ومهدداً بالتخلص منه.

وثيقة رقم (3) التاريخ 13 يوليو 1970 الى: وزير الخارجية الموضوع: المحادثات مع د. رشاد فرعون والشيخ كمال ادهم (مستشاري الملك فيصل) بفندق انتركونتيننتال ـ جنيف) في 8 يوليو 1970.

1 ـ خلال محادثاتنا، والتي انتهت بوجبة غداء خفيفة واستغرقت ساعتين، من الواضح ان كمال قد احاط الملك فيصل ود. رشاد بمحادثاته معي ومع اوكلاند في لندن، وانه قد حصل على الموافقة على مبدأ السير في المحادثات الخاصة في شؤون الخليج. وقد نشط من جانبه هذه المحادثات ليتيح الفرصة لرشاد فرعون للتوسع في وجهات نظر الملك فيصل، ودافع بذكاء شديد، دون ان يظهر انه يفعل ذلك بوضوح، عن الرؤى التي نشاركه فيها.

2 ـ قلت لهما اني آمل ان لا يكون اقتراح وزير الخارجية باجتماع قد سبب مضايقة. فقالا ان ذلك لم يحدث. ويبدو انهما قبلا مبدأ ان الاقتراح موضوعي. فالملك فيصل لم يغادر جناحه بالفندق منذ وصوله قبل اسبوعين، وبما انهم سيغادرون يوم الخميس، فالعذر الطبي بدا مقبلا. ولكن الملك استقبل بالفعل يوثانت سكرتير عام الامم المتحدة، واحسب انه قد صمم الترتيبات اللازمة حول ما اذا كان يرغب بالفعل في لقاء مع وزير الخارجية.

3 ـ بدأت بتقديم رسالة وزير الخارجية والتي ترجمها كمال شفوياً لرشاد. قلت لهما بعلمي، من محادثاتي مع وزير الخارجية واخرين في لندن، ان حكومة المملكة مشغولة بجدية في مشاورات مع سفاراتها ومع حكومات منطقة الخليج بهدف الوصول الى افضل سياسة. والاهداف هي التأكيد بقدر الامكان، على الاستقرار، وتسوية المشاكل التي يمكن ان تعكر صفوه. وان لندن تريد قراراً حول ما اذا كان بعض التغيير في الجدول الزمني للانسحاب العسكري ـ سيحسن من فرص الاستقرار. واذا كان الامر كذلك، اي تغيير مطلوب للجدول الزمني او اي شكل لبديل للوجود العسكري؟ وان لندن تريد مشاورات مع ايران والسعودية على وجه الخصوص، باعتبارهما القوتين الرئيسيتين الاقليميتين، واللتين تبدو مصالحهما مطابقة لمصالحنا. وان لندن مفتوحة الذهن للنصيحة والمقترحات على صعيد مادتهما والاجراءات حولهما. وبين الافكار التي تحملها لندن اعلان مشترك بين القوى الثلاث (يقصد لندن والرياض وطهران). وعلى اية حال، فقولنا بوضع تأجيل الانسحاب في الاعتبار، اذا كانت تلك رغبة حكومات المنطقة. فذلك يعني عدم اعلان تغيير من دون استطاعتنا الرجوع الى وجهات النظر المحلية حول الموضوع، كما اننا نريد ان نعرف ما هي افكار السعودية حول ترتيبات الدفاع بعد رحيلنا نحن نعرف ان لهم مشكلة امنية، ففي ماذا تفكرون.؟ وهل تشمل تلك الافكار تعاونا مع الايرانيين؟ واتوقع ان الملك فيصل سيرغب في اعطاء اجابة على خطاب وزير الخارجية بعد عودته لجدة، ومع ذلك، فانا راغب في التمكن من العودة للندن ببعض المؤشرات حول اراء السعودية.

4 ـ د. رشاد قالها بوضوح، ان الملك فيصل، ومع انه يرحب بالمشاورات الخاصة، الا انه لا يريد اي اعلان مشترك. اما بالنسبة للانسحاب، فقد قالها الملك فيصل مراراً، انه يفضله بشرط تأسيس توافر الظروف الصحية . وسيكون من الافضل عدم اعلان التغيير في لجدول الزمني حول الانسحاب، وفي المقابل توظيف فترة الـ 18 شهراً المتبقية لجهة تأسيس الاتحاد، وفي ذات الوقت الابقاء على امكانية التغير في الجدول الزمني كشأن خاص اذا لم يحدث تقدم في مسألة تكوين الاتحاد. ولكن من المهم المضي في مسألة الاتحاد، لسبب واحد وهو ايقاف مناورات العراق مع الامارات بصورة فردية.

5 ـ للملك فيصل فكرة بالدعوة الى مؤتمر يجمع الدول الاربع الكبرى التي تحد الخليج لمناقشة امن الخليج فور تشكيل الاتحاد. ومن المهم ضم العراق لهذا المؤتمر رغم انه قد يرفض الحضور (تحريت واخبرت بانه ليس من بين المقترحات دعوة بريطانيا، علما ان فكرة الجميع بين العراق والكويت في مشاورات سبق ان قدمها لي الملك فيصل في 1968).

6 ـ قلت اننا ناقشنا في وزارة الخارجية فكرة صفقة ما لدعم استقلال الاتحاد. والمشاكل التي اراها تكمن في ان العراق لن يشارك في اي لقاء لا يستبعد تدخل السعودية وايران في حالة الاشراف، كما ان فهمي انا هو انه لا السعودية ولا ايران ستلزمان نفسيهما بعدم التدخل في مثل تلك الحالة. كما انه سيكون من الصعب دفع ايران للمشاركة في صفقة ما مع العراق في ظل حكومته الحالية. وقد وافق كمال ورشاد ان هذه عوامل توضع في الاعتبار.

* الجزر

* 7 ـ قلت ان السير دينس رايت يعتقد ان رغبة ايران الاولى للتشكيلة السياسية ستكون اتحاد امارات عربية من 9، رغم رغبتهم في تأسيس علاقات مع تلك الامارات بصور فردية. ولكنهم يريدون بداية اشباعاً حول مسجلة الجزر. وبرغم عدم وجود صفقة، فهم يعتقدون ان تسويتهم لمسألة البحرين، تحفز بريطانيا والسعودية للمساعدة في حصولهم على ارضائهم في مسألة الجزر. كما وافق على هذا الافتراض.) ويبدو ان هناك امكانية لحل يتم فيه اسقاط مسألة السيادة، في مقابل وضع قوات مشتركة بعد رحيلنا. اي نصيحة سيقدمها الملك فيصل لصقر وخالد؟

هل سيشجعهما على قبول ترتيب كهذا؟ وهل سيكون من الممكن صناعة تسوية اكثر قبولا باضافة قوة سعودية؟

8 ـ د. رشاد قال انه يعتقد ان فكرة المفاوضات المنفردة مع الحكام سيئة. لانها تجعلهم عرضة لهجوم عربي ومن الافضل الانتظار لحين تكوين الاتحاد. ثم بعدها، من الممكن وضع هذه الاحتمالات في الاعتبار بما في ذلك قوات سعودية كما ان ذلك في صالح المصالح الايرانية.

9 ـ قلت انني اوافق، ولكن المشكلة القائمة هي ان الشاه لا يرى كذلك، سيزور جدة في 11 يوليو. سألتهما ما اذا كانا على رأيهما، ان تعاوناً مفتوحاً مع ايران سيكون ممكنا بعد ان تمت تسوية مشكلة البحرين. اجابا معاً بالايجاب.

10 ـ عودة للاتحاد، قلت اننا، وبالتأكيد لا نريد ان نجعل الحكام يقللون من جهودهم من خلال اعطائهم الانطباع بان القوات البريطانية ستبقى الى ما لا نهاية. وسيكون تغيير الحكومة بالفعل مناسبة نحو جهد مجدد لتحريك الامور. فهل لدى السعودية افكار حول طريقة انعاشهم للمصالح. في هذه النقطة قلت، لاكون صريحاً، لا بد ان اقول، ان السعودية، وبوضعها مسألة حدود ابوظبي في الطريق، قد احدثت اذى كبيراً بالمسعى المتجه للاتحاد. د. رشاد اختلف معي، وناقش هذه النقطة ببعض التطويل، ولكن ليس هناك مقترحات بشأن فعل سعودي نشط تجاه الامارات العربية المتحدة.

اخبرني كمال بعد ذلك انه قد ناقش حالة مضي البحرين وقطر نحو الاستقلال مع د. رشاد الذي وافق على محاسن الفكرة وانها قد تكون حسنة لكليهما ولكنه جادل بان الامارات العربية المتحدة ستحتاج لهما، كما قال ايا كانت المزايا فمن الصعب الان دفع البحرين وقطر لاتجاه آخر).