السلطات الأمنية المصرية تحقق مع 47 متهما في أحداث الصدامات الجديدة بين المسـلمين والأقباط في صعيد مصر

TT

في الوقت الذي بدأت فيه نيابة المنيا الكلية بصعيد مصر أمس تحقيقاتها في حادث الصدامات بين الاقباط والمسلمين في قرية بني واللمس التي وقعت اول من امس وادت الى وقوع 11 جريحا، جرى حادث آخر في قرية السوالم التابعة لدير مواس بمحافظة المنيا أيضا، حيث لقي خفير نظامي أمام كنيسة ماري جرجس بالقرية مصرعه، اثر اطلاق الرصاص عليه من زميله لتأخره عن تسلم خدمة الحراسة منه، مما دعا مراقبون الى ربط الحادث بصدامات قرية بني واللمس، وهو الأمر الذي نفته وزارة الداخلية في بيان رسمي صدر عنها أمس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه.

وبدأت نيابة المنيا الكلية بصعيد مصر أمس التحقيق في حادث قرية بني واللمس بمركز «مغاغة» القريب من منطقة الحادث، بعد ان قدمت سلطات الأمن 47 متهما من المسلمين والمسيحيين الذين ارتكبوا الحادث، وقامت النيابة صباح أمس بمعاينة موقع الحادث حيث تبين وجود أضرار بكنيسة القرية و6 منازل مجاورة و5 سيارات نتيجة الحريق، واستمعت النيابة الى أقوال المصابين في الحادث وعددهم 11 مصابا مساء اول من أمس قبل خروجهم من المستشفى ظهر أمس، وكان من بين المصابين رجلان من الشرطة و 6 من المسلمين، واثنان من الاقباط، وأكد مدير المستشفى ان جميع المصابين اصاباتهم خفيفة.

وقد بدأت الأحداث اول من أمس عندما قام الاقباط بافتتاح رسمي لعملية التطوير التي شهدتها كنيسة القرية والتي بدأت تفتح أبوابها للعبادة منذ 15 يوما بدون «جرس»، واثناء الافتتاح قام بعض الاقباط باطلاق عيارات نارية لاستقبال مطران «مغاغة» الجديد الاسقف «اغاثون» كما دقت اجراس الكنيسة في انحاء القرية مما احدث تشويشا على المصلين في مسجد مجاور للكنيسة بقرية «نزلة عسر»، وحدث الاحتكاك وتشابك الطرفان بالطوب وعيارات نارية، وقد قام حسن حميدة محافظ الاقليم بالتوجه الى القرية حيث التقى بمطران الكنيسة الاسقف اغاثون ورجال الدين المسيحي، وأشار المحافظ الى ان القيادة السياسية تتابع الحادث أولا بأول وان الحكمة تقتضي ألا يأخذ الحادث أكبر من حجمه لان الجميع حراس لهذا الوطن، وأشار مطران مغاغة الى اتصالات الوزراء والمسؤولين به شخصيا، للوقوف على الحادث، وقامت قوات الأمن أمس بفرض حظر تجول بالقرية لمنع حدوث احتكاك بين المسلمين والاقباط، كما قامت الوحدة المحلية لمركز مغاغة باصلاح الشارع الذي وقع فيه الحادث بعد ان اغرقته مياه سيارات الاطفاء لإخماد الحرائق، ولا تزال أجهزة الأمن بالمنيا تقوم بالبحث عن متهم مسيحي هارب يدعى «لوقا» بسبب قيامه باطلاق أعيرة نارية من سلاح آلي خلال الاشتباكات.

من ناحية أخرى قال الدكتور جميل سفين وهو أحد الرموز المسيحية بالمنيا ورئيس جمعية الشبان المسيحيين وعضو البرلمان الاسبق لـ«الشرق الأوسط» ان تحرك المحافظ وقت وقوع الحادث كان تحركا رائعا وكان له وقع كبير على الجميع، وأضاف قبل لحظات من توجهه لمقابلة محافظ الاقليم، «انني سأعرض على المحافظ اقتراحا بأن يجمع الاساقفة الجدد مع الاساقفة القدامى وبأن يكون هناك اثنان من المجلس الملي عن كل مطرانية في اجتماع يحضره المحافظ وقيادات المنيا لبحث هذه الأمور وكيفية مواجهتها مستقبلا ونبحث لماذا حدث هذا، هل هو قصور في الفكر، فليس من المقبول ولا من المعقول ان تستقبل قيادة دينية، مطرانا جديدا للكنيسة بطلقات نارية ابتهاجا بقدومه فهذه قيادة دينية يجب ان نستقبلها بوقار».

أما رأفت خطاب نائب البرلمان المصري عن دائرة بني مزار وهي الدائرة المجاورة للأحداث قال لـ«الشرق الأوسط» ان هذه أحداث فردية لا تعبر عن طبيعة الشعب المصري، والاحداث بدأت عندما حدث نوع من الاحتكاك نتيجة قيام الاخوة الأقباط بتركيب جرس على كنيسة تم تطويرها مما أثار صوت الجرس بعض الشباب في القرية التي يقطنها أكثر من 20 في المائة من الاقباط.

ومع فرض سلطات الأمن المصرية حصارا على القرية ومنع دخول وسائل الاعلام إليها، وتأكيد المصادر الأمنية، عودة الهدوء بعد ان تم القبض على مثيري الشغب، اقتربت «الشرق الأوسط» من القرية التي وقعت بها الأحداث وهي تقع على بعد 30 كيلومترا غرب مدينة مغاغة بمحافظة المنيا، ويعيش فيها أغلبية مسلمة وأقلية مسيحية تصل الى حوالي 15 في المائة من عدد السكان، ويقدر عدد المسيحيين بحوالي 800 شخص ويصل عدد السكان فيها الى حوالي 6 آلاف نسمة وتتسم بالعلاقة الجيدة بين المسيحيين والمسلمين ولم يشهد أي تدهور في العلاقة بين المسيحيين والمسلمين ويعمل أغلب السكان في القرية بالزراعة.

وتقع قرية بني واللمس بالقرب من دير الأنبا صموئيل في الصحراء الغربية وهي بالقرب أيضا من «حجر يوسف» الذي يوصل مياه النيل الى منخفض الفيوم، وهي شمال قرية نزلة «عسر» وقرية «الهواء» وشرقها قرية «الجرنوس». ويلاحظ ان المنطقة المحيطة بقرية «بني واللمس» فيها عدد كبير من الاقباط الذي يقع تحت عرش أبروشية المراغة والعدوة، والتي يرأسها الأنبا أفاثون، ويصل عدد الكنائس التابعة لهذه الابروشية الى 24 كنيسة.

وتمتاز مدينة مغاغة التي تتبع لها القرية بوجود عدد كبير من المسيحيين، ولهم نشاط تجاري واسع، كما ان الرئيس مبارك اختار أحد أعضاء مجلس الشعب العشرة الذين يدخلهم لمجلس الشعب من اقباط مغاغة وهو الدكتور بدر حلمي وهو طبيب صيدلي.

وتضاربت اقوال شهود العيان من الذين جرحوا في القرية حول عدد الخسائر، فأشار بعضهم الى انه وقع حريق لحوالي 15 منزلا وذكر آخرون انها ستة فقط، ورد البعض ان هناك مصابين آخرين لم يتمكنوا من الذهاب للمستشفى بعد فرض طوق أمني حول القرية. وقال شهود العيان ان المعركة بدأت بين الطرفين عندما قام بعض الثائرين المسلمين بقذف الكنيسة بالحجارة وأدى ذلك الى اثارة الشغب بين الطرفين.

في هذا الاطار قال مصدر قضائي كبير ان التحقيقات الأولية التي تجريها النيابة العامة في حادث المنيا لم تسفر عن وجود فتنة طائفية نهائي، وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» ان التحقيقات شملت 50 متهما من بينهم 19 حدثا ليس لهم أي صلة لا من قريب أو بعيد بأي تنظيمات إرهابية أو تشدد ديني وانها نتيجة مشاجرة جرت بين بعض الصبية وانجرف فيها بعض الكبار فقط.

وأكد المصدر ان النيابة قامت باجراء معاينة لمسرح الاحداث وعثر على بعض طلقات الرصاص وتم التحفظ على مدرس قبطي من بين المصابين لاطلاق طلقات نارية من داخل الكنيسة.

وكانت النيابة العامة بمغاغة والعدوة قد تولت التحقيق بعد ان امر النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد اسناد التحقيقات في حادث الشغب إليها بعد أن تبين عدم اهميته وليس لنيابة أمن الدولة العليا، وتم سؤال 11 مصابا من بينهم 5 من رجال الشرطة و2 اقباط و4 مسلمين وتبين من المعاينة احراق 7 منازل وبعض جوانب الكنيسة و3 سيارات فقط، وتبين انها وقعت نتيجة مشاجرة بين الجانبين، وجار تحديد دور المتهمين الخمسين لبيان تهمة كل منهم. كما شاهدت النيابة أمس شريط فيديو صوره أحد المتهمين في القضية أثناء المشاجرات.

وكشفت التحقيقات ان الاحداث وقعت اثناء قيام الاقباط بالقرية بدق أجراس الكنيسة لفترات طويلة عند الاحتفال بافتتاحها، بينما قام أحدهم ويدعى رمسيس ويعمل مدرسا باطلاق الرصاص ابتهاجا بهذه المناسبة فقام بعض الصبية من الخارج بإلقاء الحجارة على هذا الشخص فرد عليهم باطلاق نيران من بندقية آلية فأصابهم ثم تبادل الجانبان اشعال النيران.